Sunday  07/08/2011/2011 Issue 14192

الأحد 07 رمضان 1432  العدد  14192

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

نشرت جريدة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء الماضي خبراً عن نية المملكة بناء ملاجئ آمنة لحالات الطوارئ في مدن وقرى المملكة، بعد أن علمتنا التجارب أن مثل هذه المرافق من أهم متطلبات البنية التحتية للمدن والقرى الحديثة. وإذا كان لمأساة سيول جدة فوائد إلى جانب ما نتج عنها من وضع بنيوي مأساوي معيب، فإن من أهم فوائدها أنها ألقت الضوء وبقوة على كثير من جوانب القصور التي كانت في السابق مسكوت عنها، فارتقت بها من القاع إلى السطح، ووضعتها كمتطلبات تنموية ملحة على طاولة صُنّاع القرار، بعد أن كانت غائبة تماماً عن الاهتمام. قضية التعامل مع الكوارث، والاستعداد لها قبل وقوعها، واحدة من هذه القضايا.

هل تتذكرون معركة تحرير الكويت بعد غزو صدام، و صافرات الإنذار التي كانت تنطلق حين ذاك منذرة بقدوم صواريخ على بعض مدن المملكة، ولا يجد الناس حينها ما يلجؤون إليه، ولا كيف يفعلون أثناء الغارة؟.. انتهت تلك الأزمة، وألقت الحرب أوزارها دون أن يكون هناك من الخسائر ما يستحق الذكر؛ غير أن تلك الأزمة، أو قل: الحرب، لم تعلمنا أنّ من الحصافة والحزم أن نستعد لمثل هذه الأزمات المحتملة، ولا ننتظر حتى تقع، ونضع من التدابير ما يحمي سكان مدننا وقرانا، ويُقلل بالتالي الأضرار التي قد تنشأ عن هذه الأخطار المحتملة إذا وقعت. فما إن انتهت الأزمة، وانقشعت الغمة، حتى عادت حليمة إلى عادتها القديمة؛ في حين كان من المفروض أن ترفع لدينا مستوى الحيطة والحذر، ونستعد لأي حالات مشابهة بنيوياً (توفير الملاجئ الآمنة)، ونظرياً (توعية وتدريب الناس على كيفَ يتصرفون في حالة الأزمات الطارئة). ولا يمكن لأي إنسان أن يتوقع إلى درجة القطع الأخطار التي قد تكتنف المجتمعات المدينية وكذلك القروية المعاصرة، غير أن نظرية الاحتمالات وافتراض الأسوأ، تجعل من الضرورة بمكان أن نكون جاهزين لأي أزمات وأخطار قد تعترضنا، سواء كانت هذه الأزمات مُفتعلة من قبل آخرين (أعداء مثلاً)، أو بيئية زلازل أو براكين أو سيول أو أعاصير.

وهناك كثير من الطرق لتوفير الملاجئ الآمنة في حالات الطوارئ، كما هو العمل لدى الدول المتقدمة؛ منها اختيار بنايات معينة، وتجهيز (مواقف السيارات) فيها مثلاً، أو تجهيز بعض المؤسسات التربوية، لتقوم بدور الملاجئ في الأزمات، وتأهيلها كي تتحول عند الطوارئ إلى ملاجئ بشرية؛ وتجهيزها فنياً بكل ما يلزم من تجهيزات، وتسهيل الوصول إليها بيسر من خلال مثلاً توزيع خرائط إرشادية، وإيجاد مداخل لها ومخارج لها، وغيرها من المتطلبات كي تكون صالحة للاستخدام البشري خلال الأزمات الطارئة. وهذا النوع من الملاجئ يُعتبر متدني التكلفة نسبياً عند مقارنته بالملاجئ المتخصصة والمستقلة عالية التكاليف، والأكثر تحصيناً في مواجهة الأخطار المحتملة. كما يجب أن يتم تخزين مواد الإغاثة الضرورية، ومتطلبات الإسعاف الأولية، في مستودعات متخصصة في هذه الملاجئ، وتجديدها بشكل مستمر ودوري، بحيث يكون مستوى الجاهزية فيها عند مستويات مقبولة. وهذه بالمناسبة من الأساليب التي تستخدمها إسرائيل، وأثبتت جدواها وعمليّتها عند الاحتياج كما هي التقارير التي كتبت عنها. ومثل هذه الملاجئ لا تستخدم فقط في الأزمات المفتعلة من قبل آخرين كالحروب أو العمليات الإرهابية مثلاً، وإنما يمكن استخدامها أيضاً وبفعالية عالية في حالات الكوارث البيئية الطبيعية، بحيث يلجأ إليها الأفراد المتضررون من هذه الكوارث فوراً عند الاحتياج، ليجدون فيها ما يلبي احتياجاتهم الإنسانية.

إن غزو الكويت، وكذلك كارثة سيول جدة الأولى والثانية، تجعلان من الضرورة بمكان أن تكون الملاجئ الآمنة من ضمن أولى أولويات الدفاع المدني، خاصة وأن بالإمكان توظيف البنية التحتية لبعض المباني والمؤسسات التربوية القائمة فعلياً لتؤدي المهمة، ولا يحتاج الأمر إلا إلى مبالغ إضافية متدنية لتكون صالحة عند الاحتياج.

إلى اللقاء.

 

شيء من
الملاجئ الآمنة ضرورة ملحة
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة