Monday  08/08/2011/2011 Issue 14193

الأثنين 08 رمضان 1432  العدد  14193

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وعاد لنا رمضان أو نحن عدنا إليه فابتسمت بعودته روحانية الزمان والمكان والمناسبة، وخلدت نفوسنا إلى سكينة ربانية تملأ رحابها نشوة من الحب والبر والفضيلة!

***

هكذا يكون احتفاء النفس بقدوم رمضان، ولم لا وقد اصطفاه الله على كل الشهور بكثير من الفضل، فأنزل فيه القرآن، هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان، وخصه بليلة هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها، وحثّ الناس على الإنفاق مما كسبوا عطاءً يزكيهم ويطهر أنفسهم وأموالهم.

***

أهلاً بشهر القرآن الذي حرر به الرب خلقه من عبودية الناس وقهر الشهوات، أهلاً بالشهر الذي أوله خير، وأوسطه رحمة، وآخره عتق من النار!

وطوبى فيه للصائمين القائمين والركع السجود!

طوبى فيه للصابرين الكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس.

طوبى فيه للزاهدين الذين لم ينسوا أنه لا عظيم إلا الله، لم يلههم زخرف الحياة الدنيا عن حب الخلق، بما يرضى الخالق، ويؤكد إنسانيتهم، فيسعون مساعي البر، ولو بالكلمة الحسنة!

***

والحديث عن عودة رمضان يملي الرغبة في الحديث عن هاجس ينازعني بإلحاح كلما أطل علينا هذا الشهر الكريم، هو الشعور بـ(الغربة) الذي يرافقه منذ ميلاده حتى رحيله، متمثلاً في كثير من مظاهر التناقض بين روحانية الشهر وما ترمز إليه من قيم عليا، وبين سلوكيات بعض الخلق، وما تجسّده من إثرة مادية تكاد تنسيهم وجود رمضان عدا أنه (موسم) لإشباع شهوات النفس وإمتاعها، مأكلاً ومشرباً وملبساً، تحوّلت روحانية رمضان إلى (طقوس) تشكلها تركيبة غريبة من (العادات والتقاليد) التي ليست من معاني الشهر في شيء!

***

وأتساءل في ألم: ماذا أبقتْ لنا (العادات والتقاليد) من قدسية رمضان ومعانيه؟

ماذا بقي لنا من رمضان، إذا كان الناس فيه يمسكون عن الطعام والشراب. لكنهم لا يمسكون عن إيذاء أنفسهم وغيرهم باللغو: ظاهره ومستتره!

ماذا بقي لنا من رمضان إذا كان الفقير يشقى بفقره، والغني يزداد غلوًا وغيّاً في التعبير عن غناه، تحت شعار (التحدث بأنعم الله)!

***

لست أنكر على الغنيَّ غناه وحقَّه في التعبير عمَّا آتاه الله، ولا أسخر من فقر الفقير وحقه المشروع في ابتغاء جزء من مال الغني، وتلك قسمة شرعها الله، فكيف ينكرها البشر أو يتنكر لها! لكنني أنكر أن يكون المال مظلة لسطوة الأنانية، فلا يرحم أحد أحداً، ويكون المال جداراً عازلاً تموت في ظلة نبتة البر والحب والإحسان بين الناس!

***

وبعد ..،

اللهم هب لنا من لدنك رحمة، تقهر في نفوسنا سطوة الهوى، كي نشعر أننا بالمال وبدونه بشرٌ خُلقْنا من تراب وإليه نعود!

 

الرئة الثالثة
رمضان بأيّ حال عدت إلينا!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة