Wednesday  10/08/2011/2011 Issue 14195

الاربعاء 10 رمضان 1432  العدد  14195

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لدى منطقة الشام مثل متداول بكثرة تعبيرًا عن عدم الاكتراث واللامبالاة أو الإهمال فيقال: «فخار يكسر بعضه». وبلاد الشام بلاد حضارية لها سجلها التاريخي بصفتها ضمن خريطة وادي الرافدين وبلاد الهلال الخصيب، وتعاقبت عليها إمبراطوريات عدة: عربية قديمة, ورومانية, وبيزنطية, وإسلامية عربية.. وسوريا هي قلب بلاد الشام؛ لأن دمشق شكلت طوال تاريخ بلاد الشام المشترك العاصمة الموحدة للشام منذ فجر تاريخها وحتى نهاية انفكاك المستعمر الأوروبي منتصف القرن العشرين. لذا فهي تحمل عراقة تاريخية وبشرية ارتبطت بحضارات تبادلت معها المعارف والثقافات كان من أبرزها ثقافة الخزف والفخار المعتق الذي شكل محور الحضارات القديمة..

الملك عبدالله - يحفظه الله - جاء في الزمن المشبع بالصامت والفاصل حين سكت العالم ولزموا الصمت عما يحدث في سوريا ليقول خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وفي العشر الأولى من رمضان ليقول قولاً صادقًا ومخلصًا يكسر به صمت العالم، وكأن الملك عبدالله يقول إن الشعب السوري ليس فخارًا أو خزفًا هشًا ومن سقط أمتعة الشعوب, والدولة السورية ليست أفرانًا ومواقد لشوي الفخار وتجفيفه, وبأن الشعب السوري ليس صلصالاً وعجينة فخار يتم تشكيلها بالنار والحديد والبارود.. هذا ليس تدخلاً بالشأن الداخلي لكن الدماء السورية التي تسيل على جنبات طرق حماة وحمص ودير الزور ودرعا والحسكا ودمر, وأرقام القتلى اليومية هدرا أو زبيبا أحمرا, فإذا كان العالم صامتًا أمام قتل الأطفال والنساء والشباب بلا مبرر لمجرد أنهم خرجوا في الشوارع فهذا لا يقرّه ولا يرتضيه تاريخ العرب. فالشعب السوري في البدء طالب بالإصلاحات وتخفيف القبضة الحديدية وتمت مواجهتهم بالرصاص والذخيرة الحية, فطالبوا بتعديل النظام فسالت الشوارع بالدماء والشهداء, ليعلن الشعب تغيير وإسقاط النظام.. سوريا اختارت المسار الأصعب والأكثر إيذاء في الخيارات العربية الثلاث الأولى: خيار تونس ومصر التغيير السلمي, الخيار الثاني: اليمني الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة أي مراوحة المظاهرات بين المعارض والمؤيد, الخيار الثالث: خيار معمر القذافي تحت شعار أما أحكمكم أو أقتلكم. والحكومة السورية اختارت القتل وحبس الحريات ودخول الجيش إلى الشوارع عبر الدبابات وإحراق سوريا..

الملك عبدالله ومعه مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وبعض الأصوات الغربية تود أن توقف قتال الشوارع ورصاص الجيش السوري على الصدور العارية لشعب أعزل ووقف تصاعد أرقام القتلى اليومية.. هو وخز وجرح في الجسد العربي أن تشاهد قتلى عرب ودماء عربية تستباح بالمجان أيا كان هوية القاتل والمبررات هي دماء عربية زكية وشعب عربي تحت الحصار داخل مدنه وقراه وأريافه ويشرع في تصفيته في الشوارع والمساجد والمجمعات السكنية، واستمرار الصمت العربي على ما يحدث في سوريا هو معيبة عربية وتخلٍ عن شعب أراد أن يختار من يحكمه مثل باقي الشعوب, وأنه انتفض ضد سياسة النار والحديد وأن زمن الدكتاتورية قد تفكك منذ أن أشعل البوعزيزي في تونس النار بنفسه وأوقد شرارة الرفض لتنهار معها حكومات. وسوريا ليست ببعيدة عن التغيير رغم تعالي حكومتها بالقول إن سوريا تعلم الناس والشعوب ولا تتعلم منهم.. السعودية طالبت بإيقاف القتل وإراقة الدماء وعدم قبولها بما يحدث في سوريا مهما كانت الأسباب لتكسر معه حاجز الصمت والتردد العربي.

 

مدائن
حتى لا يتكسر فخار سورية
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة