Saturday  13/08/2011/2011 Issue 14198

السبت 13 رمضان 1432  العدد  14198

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

رداً على الماجد:
نعم.. كلنا (مقصرون) مع أحبابنا ونلصق (التهمة) في أشغال الدنيا التي لا تنتهى..!

رجوع

 

عــزيـزتـي الجزيرة: كتب الأستاذ/ إبراهيم الماجد بتاريخ 29 ربيع الأول 1432هـ العدد 14036 في زاويته الثرية بالمفيد الجميل «حديث المحبة» مقالاً بعنوان «الشعور الإيجابي». وقد كان مقالاً جميلاً معبراً مؤثراً، افتتحه بقوله «وما أجمل أن يعترف الإنسان بتقصيره تجاه كل قريب وصديق..». وهي عبارة شجاعة من لدن كاتبنا اعتبرها خطوة أولى في تصحيح هذا الخلل وإعطاء كل مقصر في حق أقربائه وأصدقائه درساً تربوياً مهماً، رغبةً منه في علاج هذا التقصير الذي تفشى بشكل كبير ومؤسف في مجتمعنا، حيث عبَّر عن ذلك بقوله «إن الشكوى التي باتت على كل لسان هي هذا التقصير في التواصل بين الناس أقرباء كانوا أو أصدقاء، على الرغم من تطور وسائل المواصلات والاتصالات، إلا أن تقصير الناس بات ينمو بشكل مخيف، حتى إن من يعيشون في مدينة واحدة قد لا يتقابلون إلا في المناسبات الكبيرة فرحاً كانت أو ترحاً». وما كان ليحصل هذا إلا حينما فتحت علينا الدنيا وانشغلنا بها وبمادياتها التي وضعت غشاءً على قلوبنا وعقولنا وغيَّرت نفوسنا، وهنا تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم (فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم)، وفي راوية (فتلهيكم كما ألهتهم). وقد كان ما خشيه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلهى الناس عن بعضهم البعض، وضعف التواصل بينهم، وقطعت الأرحام عند البعض، وحل الهجر، واستشرت العداوة والبغضاء، ونالت الغبرة القلوب فمسها داء السواد. وهذه ليست علامة خير ونجاة بل علامة شر وهلاك إن لم يتم تدارك الأمر بالعودة الصادقة لتعاليم الدين الحنيف التي تحث على الصلة والتكاتف وتقوية روابط الأخوة، فكثير من الناس متعطش للتواصل مع أحبابه وأقاربه وأصدقائه ولكنه لا يجد من يروي عطشه إلا القليل، وكم نجد من أعزائنا من يفرحون باللقاء ويسعدون بالتواصل ويعاتبون على التقصير حتى وإن تعذرنا بالأشغال يبادروننا بعبارة مشهورة يقولها كبار السن، فيها الحكمة والمنطق: (أهل القبور ماتوا ما خلَّصوا أشغالهم).. وهو بحق مؤسفٌ ومحزنٌ جداً أن يصل التقاطع - في ظل توافر وسائل الاتصال المتعددة التي يسرها الله لنا - إلى أن لا يرى الابن أباه وأمه أياماً أو قل أسابيع، ولا يلتقي الأخ أخاه والجار جاره أشهراً عديدة، ولا يقابل الصديق صديقه سنين عدداً، وإن اجتهد أحد وبذل ما في وسعهضحى بوقته لوَصْل ومقابلة قريب له أو صديق بعد تقاطع أو تقصير بسبب تكاليف الحياة فإنه يُفاجأ بهذا الصاحب يسأله إن كان يريد خدمةً، وكأنه إنِّما جاء لحاجة دنيوية، فيصاب الواصل بإحباط، حيث ذكر لي أحد الإخوة أنه سافر من بلده باحثاً عن قريب له لم يره منذ زمن بعيد رغبةً منه في صلة الرحم، فدُل عليه فذهب إليه في عمله وسلم عليه، وبعد الانتهاء من السلام والسؤال بادره القريب سائلاً إياه: هل من خدمة أقدمها لك؟ ظاناً أنَّ هذا القريب إنَّما جاءه لخدمة أو حاجة. ومثل هذا قد يكون عائقاً عن التواصل مع الأقارب والأصدقاء، ولكن على مريد الخير ومُحيي سنة التواصل أن يُنحي مثل هذه التفاهات عنه جانباً وأن ينتصر على نفسه ولا يدع فرصةً للشيطان الذي يريد أن يجعلنا ممن قال القرآن عنهم {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ..}. وفي أحد الأيام اتصل بي صديق عزيز ممن انقطعت بهم مشاغل الحياة عن التواصل معي زمناً، فسلَّم واعتذر عن الانقطاع الطويل وقال لي: إنما اتصلت لحاجة، فقلت له: اتصل ولو لحاجة كي نسمع صوتك ونعرف أخبارك ونطمئن عليك. وإني لأزعم أننا نحتاج في تواصلنا لتفعيل ثقافة التماس الأعذار، والبعد عن كثرة العتاب والتثريب في التقصير الحاصل بيننا. فكلنا مقصر وإنما نتواصى بالحق ونعترف بتقصيرنا ونسعى لسد الخلل الحاصل. وإن هذا الاعتراف بالتقصير يحتاج لتفعيل، فالحياة قصيرة فلا نقصرها بالهموم والمعاتبة، ويد الموت قد تخطفنا في أي لحظة، ومناسبات الفراق والوداع الأخروي فرصة مواتية لهذا التفعيل. وما أجمل توجيه الأستاذ إبراهيم حين ختم مقالته بقوله «وعلينا استغلال لحظات الانكسار في تفعيل هذا الشعور ومحاولة جعله برنامجاً دائماً لنا»، فالقلب في مثل تلك اللحظات قريبٌ منيب فيُبادر صاحبه للإيجابية قولاً وفعلاً حسياً ومعنوياً، ماداً حبال الوصل مع أحبائه سواء شطَّ مزارهم أو قَرُب ولو بكلمات يسيرة عبر رسالة جوالية تدخل السرور على قلوبهم فائزاً بالأجر، ولله در الشاعر حين قال:

إذا الإخوان فاتهم التلاقي

فما شيءٌ أسرُّ من الكتابِ

وإن كتب الصديقُ إلى صديقٍ

فحقُ كتابه ردُّ الجوابِ

عبدالله بن سعد الغانم - تمير

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة