Sunday  14/08/2011/2011 Issue 14199

الأحد 14 رمضان 1432  العدد  14199

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

الحلقة الأولى
بلد المنارات السامقة في أوروبا

رجوع

 

هيأ الله لي أن أقوم برحلة سياحية لتركيا مرتين إحداهما في 14-6-1406هـ الموافق 5-4-1986م وكانت الزيارة الأولى لمدة ستة أيام للعمل التجاري عندما كنت أعمل في تجارة القرطاسية حيث استوردت بعض مواد القرطاسية وقمت بزيارة خاطفة لبعض المعالم السياحية ومنها المكتبة السليمانية وجامع السلطان أحمد والجسر المعلق، أما المرة الثانية فكانت في 1-7-1431هـ 16-7-1431هـ الموافق 13-6-2010م و28-6-2010م لمدة أسبوعين وكانت رحلة سياحية مع رفيقة دربي تمكنا خلالها من زيارة الأماكن السياحية جلها إن لم تكن كلها وكانت رحلة ممتعة حقاً زرنا خلالها معالم استانبول ومدينة بورصة، وأول ما لفت نظري في هذه الزيارة التأشيرة الضرورية في المطار بالصفوف الطويلة ودفع مبلغ 40 دولارا للفرد، والمفاجأة الثانية هي تغيير العملة التركية وارتفاع قيمتها، ففي المرة الأولى عندما صرفت 100 دولار أعطاني الصراف حزمة من الورق من الليرات التركية، وهذه المرة ناولني عن الـ100 دولار 155 ليرة تركية أي أن الدولار الواحد يساوي 1.55 ليرة والدولار كما هو معروف سعره عندنا 3.75 ريالا فذهلت من هذا التغيير وأصبت بصدمة مؤقتة ونظرت إلى ما أعطاني الصراف وإلى صورة ورقة المصرف وإذا هي رسمية ومختومة لا لبس فيها، ولم يكن الأمر خاصاً بي فقد أخبرني أحد الإخوان السائحين الذين زاروا تركيا قبل بضع سنوات وجاء بأسرته وهو ينوي قضاء أسبوعين على حساب السعر القديم لكنه صدم بهذا التغيير وإذا المبلغ الذي معه لا يكاد يكفيه لمدة أسبوع واحد، بل إنه عاد قبل أن يكمل الأسبوع وهو يقول إن السياحة هنا لا تختلف من حيث التكاليف عن السياحة في لندن أو باريس أو جنيف، والمفاجأة الثالثة بالنسبة لي هو أجور الفنادق والرحلات السياحية كل أسعارها بالدولار واليورو بعد أن كانت بالعملة التركية التي كانت أرخص مما هو موجود الآن، وعندما وصلت إلى الفندق ذهبت إلى مصرف مجاور فصرفت 2000 ألفي ريال سعودي وكان صرفها 800 ليرة تركية أي أن الليرة التركية في التغيير الأخير تساوي 2.5 ريالين ونصف بعد أن كانت تساوي الآلاف، وقيمة الليرة الشرائية في السوق بمنزلة الريال عندنا أي أن قيمة كأس الشاي الصغير «الاستكانة» يساوي ليرتين وفنجان القهوة يساوي خمس ليرات وبمعنى آخر أن قيمة الشاي 5 ريالات وقيمة القهوة 12.5 ريال في المقاهي المنتشرة في الأسواق، هذه أبسط الأشياء التي يحتاجها السائح أثناء جلوسه في المنتزهت والاستراحات أو حتى في المقاهي المنتشرة على جانبي كل شارع من شوارع المدينة، وإذا قلنا إن الحي الذي سكنت فيه حي التقسيم الأوروبي يختلف عن غيره من الأحياء فإن ذلك لا يكفي وقس على هذا بقية الأمور التي تهم السائح وتعتبر من كمال راحته، ناهيك عن أسعار الفنادق والأماكن الخاصة وما يقدم فيها من مأكولات ومشروبات وخدمات فذلك ما يقطع ظهر نفقات السائح، ولو كان الأمر خاصاً بالسياح لكان له اعتبار آخر، لكن الأمر يسري على المواطن التركي الذي لا يستغني عن الجلوس في المقاهي أكثر أوقات النهار ومعظم ساعات الليل وأثناء جلوسه سوف يحتسي القهوة والشاب والمشروبات الغازية وغيرها، وإنك لترى التذمر والضيق بادياً على وجوه الناس من ارتفاع التكاليف، بعد أن كانت أرى خلاف ذلك في زيارتي الأولى، كل هذا التغيير من أجل محاولة تركيا الدخول في منظومة السوق الأوروبية المشتركة أو منطقة اليورو، وهذا الارتفاع في الأسعار مما يؤثر على السياحة في تركيا إن عاجلاً أم آجلاً، وتجعل من أتاها مرة لا يعود إليها ثانية، ومن أراد أن يبقى فيها شهراً أو عدة أسابيع يكتفي باليومين والثلاثة وربما أسبوع واحد بدل الشهر، أما الملابس والكماليات الأخرى فحدث عن فحش أسعارها ولا حرج، وقد ذكر لنا منطقة في طرف استانبول فقصدناها ووجدنا ما فيها من الملابس الرديئة، وبأضعاف سعرها لدينا مع أنهم يعتبرونها أرخص منطقة لديهم يقصدها أبناء الطبقة الفقيرة من الشعب التركي.

وعلى العموم فالأسعار في تركيا مقارنة بما عندنا عالية جداً وهذا ما قد يؤثر على مستقبلها السياحي خاصة من السياح العرب، وإن أتاها الأوروبيون وغيرهم على اعتبار أنها أرخص قليلاً من بلدانهم ويأتونها في مجموعات سياحية «قروب» إلا أنهم لا ينفقون شيئاً خلاف ما يدفعونه للمجموعة السياحية، أما السائح العربي الذي يأتي بعائلته للراحلة والاستمتاع والاستجمام فلن يتيح له غلاء الأسعار ذلك، إلا الأثرياء الذين يتباهون بمقدار ما أنفقوا في هذه الزيارات، وحتى هؤلاء فلن يعودوا مرة ثانية بل إنهم سيبحثون عن بلد آخر أرخص أسعاراً وأكثر أماكن للتشويق والراحة، أما الذين يأتون إلى تركيا ممن لديهم بحوث فإنهم سوف يشتغلون بالبحوث في بطون المكتبات للحصول على الوثائق والكتب فلن يفيدوا البلد إلا بقدر ما يستفيدون منها حيث يسكنون في فنادق صغيرة ونزل متواضعة للنوم فقط ولا يهمهم سوى ذلك، وأثناء بقائنا في استانبول قمنا بأربع رحلات سياحية داخل المدينة ورحلتين خارجها إلى مدينة بورصة، إلى الجنوب الشرقي عن استانبول، وجزر الأميرات، فالرحلات أسعارها 65 يورو للفرد، واليورو قد صرفناه من الرياض بسعره 4.6 ريالاًت أي أن الرحلات التي أخذناها كلها من ذات السعر وتكلف الواحدة منها 302 ريال للفرد وهي داخل المدينة ولمدة زمنية نحو ثماني ساعات حيث يبدأ التجمع للرحلة الساعة الثامنة وعشر دقائق صباحاً حين تجمع الشركات السياحية التي تقوم بهذه الرحلات السياح من الفنادق في مكان على جانب الشارع بعيداً عن الازدحام ثم يتم توزيع السياح على المجموعات التي ستزور أماكن معينة وتنطلق الرحلات نحو الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة الرابعة بعد الظهر يتخلل ذلك فترة راحة ووجبة غداء خفيفة في الساعة الواحدة ظهراً، أما الرحلة إلى جزر الأميرات فهي رحلة بحرية إلى الجزر والمسافة إليها نحو ساعتين ونصف ذهاباً ومثلها إياباً، والرحلة إلى بورصة فإن تكلفتها 95 يورو أي 442 ريالاً للفرد والرحلة إليها ثلثيها بري بالحافلات وفيها وصلة بحرية تتم بالعبارات في نحو الساعة، حيث ينتقل السياح وحافلاتهم بالعبارة إلى الجانب الآخر من البحر ثم تستأنف الرحلة في السيارة لمسافة نحو 80 كيلاً وقبل العبارة نحو 170 كيلاً أي أن المسافة نحو 300 كيل ومدة الرحلة يوم كامل يتخلل هذه الرحلة فترة راحة وغداء خفيف حيث تنطلق الرحلة في التاسعة والنصف صباحاً والعودة مع غروب الشمس أو بعد ذلك بقيل، ويمرون بالسياح على مصانع الحلوى والمكسرات الواقعة على الطريق كنوع من الدعاية حيث يشتري بعض السياح من منتجات هذه المصانع، وكعادة كثير من البلدان السياحية يحاول الباعة والتجار الاستفادة من السائح واستغلاله بشتى الطرق حيث يبيعون عليه البضائع بأضعاف أسعارها على أساس أنه سائح قد أحضر معه مالاً كثيراً فيحاولون جذب السياح إلى الأسواق التجارية والمصانع ليشتروا من موجوداتها ومنتجاتها، والسائح بطبيعة الحال قد يرى بضائع جديدة ويحب أن يشتري منها أشياء للذكرى، والبعض يشتري هدايا من هذا البلد لكن الأسعار العالية تقف حاجزاً دون ذلك إلا لمن بسط الله له في الرزق، وقد قابلت في هذه الرحلة عدداً من السياح من جنسيات مختلفة وقارات متعددة فما منهم إلا ويتضجر من غلاء الأسعار، والشركات السياحية تأخذ المجموعات السياحية إلى مصانع الأثاث والسجاد الفاخر والملابس الغالية ويمضون جزءاً من الوقت وهم يقلبون أمامهم تلك المنتجات بآلاف الدولارات واليورو، ويكون نصيب السائح الفرجة فقط ولا يستطيع أن يشتري شيئاً وكيف يستطيع الشراء وهو بالكاد استطاع أن يسدد قيمة اشتراكه بالمجموعة السياحية وجاء معه بمصروف جيب على قدر استطاعته، كيف يستطيع أن يشتري قطعة سجاد بـ10، 15، 20 ألف دولار أو فستاناً أو معطفاً أو قميصاً بـ3000، 1500، 800 يورو، مثل هؤلاء السياح الذين جاءوا مع مجموعات سياحية لا يستطيع أكثرهم إلا أن يزم بشفتيه ويلوي فمه وينصرف بطرفه وهو يرى هذه الأسعار ولم أرَ ممن كانوا في مجموعتنا من مختلف الجنسيات من اشترى بليرة واحدة من هذه الشركات التي يقحمون السياح في معارضها، أما إذا أدخلوهم في الأسواق فحظهم الفرجة على تلك البضائع اللهم إلا أشياء صغيرة يأخذونها من باب الذكرى والتي لا تكلف سوى بضع ليرات تركية أو ما يشربونه من المرطبات في المقاهي ومحلات العصائر، أما الخدمات فهي لا تقل غلاء في الأسعار عن الأشياء الأخرى، فقد احتجت إلى الحلاق وصبغة الشعر فكان ما طلبه مني هو 75 ليرة وقال إن الحلاقة بـ25 ليرة والصبغة بـ50 ليرة وإذا هي تكلف 187 ريالاً بينما مثيلها بالرياض يكلف 30 ريالاً، والحمد لله الذي أغنانا بالعافية عن الأطباء والمستشفيات وغيرها من الخدمات التي أجورها تقطع الظهر أما الفواكه التي تنتجها تركيا فإنها تباع بأضعاف قيمة مثيلاتها التي تجلب علينا وتباع عندنا وهي منتجات تركية خذ الخوخ مثلاً فإن أسعاره بأضعافاعندنا وغير ذلك كثير من الأشياء التي يصعب حصرها والحديث عنها.

عبدالرحمن بن زيد السويداء

(يتبع

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة