Monday  15/08/2011/2011 Issue 14200

الأثنين 15 رمضان 1432  العدد  14200

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يواجه مجتمعنا اليوم وضعا يستحق أن يُطلق عليه مشكلة بل ومشكلة في غاية الخطورة لما يمكن لها أن تُحدثه من أضرار جسيمة على المستوى الفردي للمتضرر الأول منها سواءً الزوج أو الزوجة أو المتضرر الثاني الأطفال إن وُجدوا ثم المتضرر الأكبر وهو المجتمع بأسره، وهو الفراغ العاطفي الذي يعاني منه الزوج في غياب العاطفة الزوجية التي ينشدها أو ما تعانيه الزوجة من غياب العاطفة الزوجية التي تنشدها من زوجها.

لغياب العاطفة أسباب كثيرة بعضها فردي وبعضها اجتماعي أملته البيئة التي نشأ عليها وفيها أحد الزوجين، أو اختلاف البيئات بينهما، لكن مهما كان السبب في غياب تلك العاطفة، تظل العاطفة مفقودة وهذا مربط الفرس، بحيث يحتاج أحدهما لعاطفة الآخر في غيابها ما يتنافى مع المفهوم السامي للزواج والارتباط بل والمفهوم المنطقي لعلاقة الرجل بالمرأة.

العطف يحتاجه الصغير ويحتاجه الضعيف من القوي، لذلك يقرأ الكثير منا هذه العبارة تمر أمام ناظريه (الفراغ العاطفي) ومعناه بالجملة أن يكون قلب الشاب أو الفتاة فارغ من عطف أحد عليه وحبه وتودده فتجده يبحث أو تبحث عن قشة يتعلق أو تتعلق بها لتملأ عليه أو عليها هذا الفراغ.

الفراغ العاطفي يختلف كلياً عن الفراغ الروحاني أو الإيماني، فيعتقد البعض أن من كان قلبه أو قلبها خاوياً من محبة الله فيتعلق بالتالي بمحبة الناس ويبحث عنها في كل مكان وهذا مفهوم خاطئ لا ينبغي أن نخلط بينهما، فحب الله سبحانه وتعالى أسمى وأرفع وأرقى من أن يُقارن بحب بشر أياً كان، إلا أن الإنسان بطبعه بحاجة لعاطفة الشريك التي لا يستغني عنها مهما كان قلبه متعلقاً بالله سبحانه وتعالى، وفراغه من تلك العاطفه سواءً أكان رجلاً أو امرأة يجعلهما يبحثان عن ما يسده فتجدهما يتخبطان يمنةً ويسرة لاهثين وراء الشهوات ما يؤدي إلى نشوء العلاقات المشبوهة ويسبقها المعاكسات والمضايقات والتحرشات الجنسية أو العاطفية.

تعيش كثير من الفتيات اللاتي وصلن الى سن المراهقة ومن هن أكبر منهن من فتيات المتوسطة والثانوية بل والجامعة وغيرهن ممن هن في نفس الفئة العمرية في فراغ عاطفي وخاصة مع تأخر الزواج في هذا الزمن ولا تجد من يقف معها ويوجه هذه العواطف الوجهة الصحيحة بل ولاتجد من والديها وقريباتها و أهلها إلا الصدود والإهمال لجهلهم بأبسط أساليب التعامل السليم مع الحالة.

والمرأة ذات عاطفة جياشة تناسب فطرتها التي تهيئها للأمومة والزوجية وكذلك فهي بحاجة إلى العاطفة والمحبة والحنان، فإن لم تجد من أهلها من يشبع هذه العاطفة ويوجهها الوجهة السليمة فإن ذلك قد يحمل بعضهن على الوقوع في منافي الأخلاق من قول وفعل أو قد تقع في مشاكل نفسية وجسمية مختلفة، كما أن بعضهن قد يؤدي بها الأمر الى أن تنخدع بمعسول كلام بعض الذئاب الذين يخدعونها بالعواطف الكاذبة ويمنّونها بالأماني الزائفة.

ولا نبالغ إذا قلنا أن بعض النساء المتزوجات تعيش في مثل ذلك الفراغ العاطفي إذا كان زوجها ممن يهمل جانب العاطفة مع زوجته أو كان لا يلقي لها ولا لأولادها بالاً وهم كثيرون والعياذ بالله ما قد يتسبب في جعل من النساء المتزوجات يلجأن لإقامة علاقات محرمة مع غير زوجها لتعويض النقص الحاصل لديها من عاطفة فيما يكون الشخص التي أقامت معه العلاقة باحثاً عن متعة وليس عن إشباع عاطفتها فيستغلها أبشع استغلال وتكون بذلك جميع معاني القيم الأخلاقية والدينية قد انهارت وانهار خلفها جيل من فاقدي أبسط قيم الحياة الطبيعية.

فيما الرجل فاقد العاطفة الزوجية يتعامل مع الموضوع بطريقة تختلف قليلاً عن تعامل المرأة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد شرع له الزواج والتعدد إن كان مقتدراً فيبحث عن الزوجة الثانية التي تعوضه ذلك الفراغ الذي فقده عند الأولى ما يترتب أيضاً على ذلك ربما إحداث خلل كبير في المؤسسة الزوجية الأولى فيضيع الأبناء والبنات نتيجة غياب الرقابة من جهة، ومحاولة تقليد الأب في تصرفه ذلك من ناحية أخرى، أما بعض الرجال فيتصرف كتصرف المرأة من خلال البحث عن العلاقات المحرمة بغية إشباع عاطفته التي عجزت زوجته وشريكة حياته عن إشباعها أو محاولة إشباعها، ويتورط بذلك في علاقات غير أخلاقية ربما أدت به ليس للحرام فقط بل للأمراض، بخلاف غيابه عن بيته، وتبقى النتيجة ذاتها، ضياع الجيل من خلفهما.

على الجميع مسئولية القيام بتوعية أفراد المجتمع حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة وخاصة فيما يتعلق بالفتيات في الفئة العمرية الهامّة التي تسبق الزواج لأنها ربما أدت بإذن الله لتحصينها إن هي عاشت التجربة بعد الزواج، وكيفية إشباع الفراغ العاطفي لديهن وما هي طريقة التغلب أو التحصين ضد تلك المفاسد المتوقعة.

إلى لقاء قادم إن كتب الله.

 

زوجات بلا أزواج، وأزواج بلا زوجات
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة