Friday  19/08/2011/2011 Issue 14204

الجمعة 19 رمضان 1432  العدد  14204

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

خواطر مسافر..الجزء الأول
عبدالمحسن بن عبدالرحمن القاضي

رجوع

 

السؤال الذي يلفت انتباهي دائماً ويثير تعجبي عندما أسافر خارج المملكة هو طبيعة شعبنا نحن عندما نسافر للخارج، لماذا نراهم هناك يلتزمون بشدة بالأنظمة وترى الانضباط المتميز والاحترام للغير وهو بصراحة ما يفتقده بعضنا هنا إذا كان داخل البلاد فلماذا هذا الانقلاب الجذري لنا خارج البلاد وعدم الالتزام داخله؟!

أولاً: لا أزعم أنني سأجيب على مثل هذا السؤال من خلال مقالة واحدة أو اثنتين فالظواهر لا يمكن اختصار تشخيصها.. وكذلك لا أقول إن كل من يسافر خارج بلده يمثلها خير تمثيل بل مع الأسف تجد بعضهم يشوه بلاده بتصرفاته وممارساته وتعدياته خصوصاً من فئة الشباب لكن الأمر الذي أريد استيضاحه، ويستغرب له البعض كيف كان هذا التحول الكلي لبعض مسافرينا عند السفر؟! فترى بعضنا يلتزم بأدق الأنظمة المتعلقة بالسرعة وعدم تجاوزها، وربط حزام الأمان، واحترام اللوحات الإرشادية وتعلم معانيها ومعرفة أنظمة الطرق والمحلات والمقاهي والفنادق وغير ذلك، وهذا هو بصراحة ما نفتقده هنا في بلادنا ويجب ألا نجامل في هذا بل نتصارح بحثاً عن الأسباب..

ومن الغريب أن ذلك قد يحدث في بلدان أقل منا شأناً وإمكانات وثروات ولا تسألني لماذا؟

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أصبحنا نحن بهذه الشاكلة، لا نهتم بالانظمة في بلادنا ونراعيها عند غيرنا بشكل يثير الاهتمام؟!!

الجواب البديهي الذي يخطر على البال أن هذه البلدان حينما وضعت هذه الأنظمة دافعت عن ترسيخها وبقائها بكل قوة فلا مكان للمحسوبية ولا مجال للتنازل عن المخالفة وهناك عقلانية في طرح النظام والرد على مخالفه بحيث لا يمكن لأحد أن يجد حقاً في الاعتراض عليه، ويشعر بالرضى عنه, وأهميته له وهذا ما نفتقده مع الأسف.

كذلك يرى الإنسان أنه حينما يحترم النظام ويدفع المخالفة يجد بالمقابل عوضاً عن كل ذلك بالتزام عام من الجميع بهذا النظام الموضوع للمصلحة العامة، وكذلك بجودة الخدمات المقدمة له، وسرعة في الإنهاء وهذا بصراحة ما لا نتقنه وإن كنا نحاول.

انظر مثالاً شركات السفر وشركتنا هنا (الخطوط السعودية) والتي سنظلمها فعلاً إن قمنا بمقارنتها بشركات دول الخليج المجاورة.. بخدماتها المقدمة التي جاوز بعضها الخيال بدأ من منزلك وحتى تصل إلى جهد سكنك في خدمة وإتقان عجيب يفرض احترامه.

أين شركتنا السعودية من مثل هذه الخدمات؟؟ فضلاً عن جودة الاستقبال وحسن معاملة المسافر وغير ذلك من الأشكال التي يتحدث عنها بكثرة هذه الأيام؟؟ عدا عن احترام الأنظمة المرورية.. التي يقوم بها مواطنونا فقط إذا سافروا أما هنا فالله المستعان.. وهناك غيرها من الأمثلة.

انظر مثلاً كثيراً من طلبتنا بعد الجامعة في الدراسات العليا وتفوقهم.. انظر عدداً من رجال الأعمال الذين يتعجبون من سهولة إجراءاتهم بالرغم من الضرائب العالية عليهم إلا أنهم يفرحون بسرعة إنجاز معاملاتهم.. حتى أهل الصحافة عندنا أصبحوا يستصدرون تراخيص صحفهم وقنواتهم من الخارج ثم يعاد إدخالها لنا وتوجيهها إلينا علماً أنها تستهدفنا تماماً.. فما بالك إذن بالخدمات الأخرى كالسياحة والفندقة والمنتزهات والطرق ومحطاتها، واستراحاتها التي لا أريد الحديث عن وضعها عندنا.. وقد نكون نحن من يشارك في تشويهها.. ومما يلفت انتباهي ويثير استيائي ما حدثني به أحد الإخوة في مدينة أبها ذات الأجواء الجميلة والطبيعة الفريدة ولكننا ندمرها بتصرفاتنا.. أو بقلة الخدمات المقدمة.. يقول هذا الأخ: إنه قام بزيارة منتزه الملك عبدالعزيز الجديد بالسودة قبل افتتاحه بأسبوع فوجده متنزهاً بذلت الزراعة والأمانة جهداً في تنسيقه وإعداده للمصطافين.. ثم قام بزيارته بعد الافتتاح واستعمال الناس له ففوجئ بحجم التدمير والفوضى والقاذورات التي طالت هذا المنتزه وكأنه فتح منذ أعوام.. فأين التزامنا نحن وفهمنا للنظافة، ومحافظتنا على نظافة بلدنا.

من ينظر إلى وضع شبابنا عند تلك المنتزهات أو الأسواق والفوضى التي يمارسونها، وتفننهم بالإيذاء والتشويه يتعجب لذلك أكبر العجب، من فقد هؤلاء الشباب لأبسط مقومات التنزه والمتعة بل هي فوضى وإزعاج، ولكن لما عُدم العقاب الرادع والنظام الزاجر أصبح هؤلاء الشباب عبئاً على السياحة والأمن والتسوق وهنا تكمن المشكلة.. وهل يمكن لمثل هذه الظواهر أن توجد عند غيرنا أم أنها علاقة خاصة بنا..؟! فهل حياتنا تختلف عندما نسافر خارج أرضنا؟! وعندما نكون داخل أرضنا نتميز بالفوضى وقلة الاهتمام!! هل تلك البلاد البعيدة أو القريبة تستحق ولاءنا لأنظمتها أكثر من أنظمة بلادنا التي نتعامل معها طوال العام؟! هل نحن المشكلة أم أنه النظام الموضوع؟ وطريقة إعداده وصياغته وتسويقه ومن ثم تطبيقه؟!

أسئلة مشروعة وخواطر مرفوعة تجول في ذهن كل مسافر منا يرى كيف نكون هنا ثم نتغير هناك ويضعف تطبيقه أو قناعته بالأنظمة الموضوعة لمصلحته هنا.

أما عن الخدمات التي تدعو الناس إلى السفر إليها والفوارق فيها فهي موضوع خواطرنا القادم بإذن الله وتحملونا رجاء..

المشرف العام على مركز المنار الجديد للاستشارات التربوية والتعليمية

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة