Monday  22/08/2011/2011 Issue 14207

الأثنين 22 رمضان 1432  العدد  14207

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حتى الآن لايزال الحديث عن السفر خارج حدود الوطن، إذ أن السفر داخل الوطن سوف أتناوله، ربما لاحقا، وهذا سيقود إلى موضوع قضاء الإجازات بين الداخل والخارج، موضوع تطرق إليه الكثير بحثا ونقاشا. هنالك سؤال يطرح نفسه لماذا يفضل البعض السفر خارج البلاد؟

وقد تكون الإجابة على السؤال بسيطة وقد يشوبها شيء من التعقيد بسبب التفاوت في الأذواق والإمكانات والتوجهات. يريد كثير من الناس أن يقضوا إجازاتهم في بلدان معتدلة أجواؤها، بخاصة في فصل الصيف، وفي بلدان قد تكون تكاليف السكن فيها أقل مقابل ما تقدمه من مزايا، إضافة إلى المرونة في التعامل، وتوفر الأماكن الترفيهية والترويحية لكافة أفراد العائلة. وتظل المسألة ترتبط بالأذواق والتوجهات الشخصية. من المعلوم أن كثيرا من المدن الأوروبية والأمريكية، على سبيل المثال، قد صممت شوارعها لتتيح الفرصة والمتعة لمن يحب التنقل على الأقدام، حتى لو قام باستئجار سيارة للوصول إلى ضواحي المدن. ومع الزحام الذي نعاني منه في مدننا الكبرى باعتمادنا على السيارة الخاصة وعدم تهيئة شوارعنا للمشاة، إذ أن الأولوية أعطيت للسيارة، يستمتع الواحد بالمشي في شوارع فسيحة، لا للسيارات بل للمشاة. وحتى تلكم الشوارع المحظوظة التي نالها نصيب وافر من إعادة التأهيل وأشرفت عليها هيئات متخصصة، تظل شوارعنا مصممة للسيارة، إذ لا ترى فيها إلا مركبات تتخاطف أمام ناظريك و بسرعة البرق، مشكلة خطورة وإزعاجا عظيمين للمشاة فيها.

وبالمقارنة فلقد أعاد الغرب حساباته وركز اهتمامه على داخل المدينة فطور شوارع فيها خصصت في معظمها للمشاة وفي وسطها حافلات مجانية، وعلى الأرصفة العريضة تقع المطاعم المتنوعة والمحلات التجارية وتقام على الأرصفة جميع العروض التجارية والثقافية والفنية على مدار الأسبوع. وبذلك استطاع الغرب أن يعيد الحياة إلى مراكز المدن، التي كانت توصف في الماضي القريب بـ «الفتحة في وسط الفطيرة.» تم تطوير الشوارع بناء على مفاهيم اجتماعية واقتصادية وثقافية، فل نسأل المشرفين على تطوير بعض شوارعنا: على أي أساس تم تطويرها؟ وهل انطلق المطورون من مفاهيم محددة؟ وبناء على ما نشاهده نستنتج أن جل اهتمامهم قد انحصر في كون الشارع معبرا للمركبات، أما المشاة فالنظرة لاحتياجاتهم ومتطلباتهم تأتي في المقام الثاني. لقد وسعت أرصفة شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز بمدينة الرياض، المتعارف عليه بشارع التحلية، ولكن ارتكب خطأ كبير بالسماح للسيارات بالوقوف أمام رصيفيه من الجانبين، والنتيجة ازدحام واكتظاظ للسيارات، ولم يتحقق هدف تشجيع الناس على المشي عبر أرصفته الموسعة، وأصبح صاحب السيارة يبحث عن موقف قريب من المحل الذي يريده، ولم تنشأ مواقف كافية لاستيعاب المركبات المستخدمة للشارع، «فكأننا يا مهنا ما غزينا»!

إن وسائل النقل المتعددة والمتاحة تمكن السائح، في المدن الغربية وفي العديد من المدن الشرقية، من التنقل إما على دراجة هوائية أو حافلة أو «ترام» أو «مترو» أو قطار فوق الأرض وتحتها، أو قوارب عبر الأنهار والبحيرات والبحار. وفي المقابل نخصص في بعض مدننا أرصفة للمشي محدودة، ولكنها قاصية لابد من شد الرحال إليها، فأصبح المشي هو الاستثناء والقاعدة هي الركوب، ونعلم ما للمشي من فوائد من الناحية الصحية وانعكاساته الإيجابية على النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية. وباختصار نقول إن من متع السفر ممارسة رياضة المشي في شوارع هيئت لأن يتمتع المشاة بها ويزاولوا هواياتهم ويحققوا أهدافهم الترويحية والثقافية والاجتماعية، ويشارك السياح في هذه المتعة السكان المقيمون والعاملون في مراكز المدن المطورة.

alshaikhaziz@gmail.com
 

السفر بين المتعة والمعاناة 4-5
د.عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة