Monday  22/08/2011/2011 Issue 14207

الأثنين 22 رمضان 1432  العدد  14207

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ذكــــرت الصحف البريطانية أن رئيس شرطة لندن أعلن استقالته على خلفية قضية التنصت التي يبدو أن شررها طال مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي اضطر لقطع رحلة خارجية ليتابع ما يجري في لندن. فضيحة التنصت - والتي يعتبر المتهم الرئيس فيها قطب الإعلام روبرت مردوخ - تطورت بشكل سريع ودرامي خلال الأسابيع الماضية، وأثبتت التحقيقات تورط شخصيات كبيرة في الإعلام ورجال شرطة, وكان من آخر الضحايا النجم الشهير بيرس مورقن رئيس تحرير جريدة « المرر»، والذي قد يخسر عمله كمقدم للبرنامج الشهير على قناة سي ان ان كخليفة للإعلامي الأشهر لاري كنج!. كان من أطرف ما جرى هجوم مواطن بريطاني على السيد مردوخ وهو في جلسة استماع أمام لجنة تحقيق بمجلس العموم، ودفاع زوجته الصينية عنه بطريقة عنيفة تمت تغطيتها أكثر من تغطية الحدث نفسه!.

ما يهمنا هنا هو استقالة أهم رجل أمن بريطاني، والذي ضحى براتب يتجاوز مليوني ريال سنويا، حيث قال عندما سئل عن تضحيته بالمنصب والراتب الضخم :» وصلت إلى قناعة تامة بأنني لن أتمكن من القيام بعملي على الوجه الأكمل، كما أن أخلاقياتي تمنعني من مواصلة العمل بعد أن أصبح هناك شك بأن المكتب الذي أديره قد يكون متورطا بقضية التنصت!«.هل فعلا كان الرجل لا يعرف عن قضية التنصت، أم أنه كان على دراية بما يجري، ولكنه اضطر للتبرير بعد أن وقع في الفخ؟. هذا السؤال يقود إلى سؤال أكثر شمولية وهو :» هل الإنسان الغربي يختلف عن الشرقي جهة التمسك بالقيم والأخلاق، أم أن الإنسان - بانتهازيته وحبه للمال وميله إلى الحيلة - هو الإنسان في كل زمان ومكان ؟. بمعنى آخر، ما الذي « يهذب» سلوك الإنسان الغربي : هل هو الحرص على «الأخلاق والقيم العليا» أم الخوف من القانون؟.

شخصيا، أميل بل أكاد أجزم بأن الإنسان هو ذاته في كل مكان، والفارق هو أن السلوك الحضاري للإنسان الغربي سببه - في كثير من الأحيان- خشية القانون الذي لا يستثني أحدا. ذات زمن غير قريب وأثناء إقامتي في الولايات المتحدة، كنت أسكن في منزل يملكه رجل أمريكي من أصول سويدية، ولا يمكن لأي أحد إلا أن يتوقع أن يلتزم من هو مثله بالأخلاقيات والمثل العليا، ولم لا فهو ينتمي إلى دولتين تتربعان على سلم الحضارة في كل شؤونهما، أليس كذلك؟.

لا، لم يكن سلوكه حضاريا على الإطلاق، فقد طلب مني أن أسكن دون عقد إيجار رسمي، وعندما سألت عن السبب، قال :« حتى لا أضطر إلى دفع الضرائب»!. وبعد أن عرفته عن قرب تبين لي أن بينه وبين « الأخلاق» عداء مستحكم، إذ كان مخادعا يتحايل في كل شيء متى ما وجد إلى ذلك سبيلا، وقبل أن يقول لي أحد إن هذا استثناء من القاعدة، أؤكد أن هذا كان واحدا من عشرات من الغربيين الذين تعاملت معهم، واكتشفت أنهم لا يختلفون عن أي إنسان شرقي متى ما سمحت لهم الظروف بذلك.

أحد هؤلاء كان دبلوماسيا غربيا عمل بالمملكة عدة سنوات، وكان ينتقد أوضاع العمالة الأجنبية عندنا بشراسة، ويتحدث بحرقة عن استعبادنا لهم لساعات طويلة مقابل راتب زهيد. بعد عدة أشهر، تفاجأت أثناء زيارتي له في منزله أن لديه عاملة منزلية وسائقا من جنسية آسيوية، وعندما سألته عما إذا كان قد حدد لهما ساعات العمل وأعطاهما رواتب مجزية ولم يستعبدهما مثلما نفعل، اكتفى بابتسامة ساخرة وقال: «كم أحب بلدكم...!».

وختاما، نقول ونكرر بأن سن القوانين وتطبيقها بصرامة ودون استثناء هو الذي يستولد السلوك الحضاري، وإلا فالإنسان هو ذاته في كل زمان ومكان.

فاصلة:« إن أسوأ مكان في الجحيم يستحقه أولئك الذين يقفون على الحياد عندما يتطلب الأمر منهم اتخاذ موقف أخلاقي..» مارتن لوثر كنج.

amfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
الغربي...أخو الشرقي!
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة