Tuesday  23/08/2011/2011 Issue 14208

الثلاثاء 23 رمضان 1432  العدد  14208

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الفساد ليس صفة معينة، وليس طبعاً معيناً، وليس مزاجاً معيناً، وليس واحداً موحداً، إنه نوع عابر لكل حدود الأرض وجغرافية الأمكنة وطقوس المناخ والتربة والحدود، الفساد لا يختص بجنس معيّن، ولا دين معيّن، ولا عرق معيّن، ولا بشرة معيّنة، ولا سياسة معيّنة،

ولا أرض معيّنة، ولا حيّز معيّن، لكن صاحبه حتماً ذميم ورديء وبه قبح وذلّة وعفن، ولا يقيم وزناً لأية اعتبارات عاطفية أو إنسانية، حتى لو تعثّرت أمامه أقدام الجياع، وتضوّر المرضى ألماً، ومات الأطفال جوعاً وعطشاً، وناحت الأرامل، لأنّ طمعه شاسع وكبير ومهول، وبإمكانه أن يبتلع جبلاً ويصيح هل من مزيد، ولئن حواسه الخمس أيضاً قد لفّها بمسوغات ما يكفي أن تمنع أي تملّل أو تحرّك لضميره الميت أصلاً، إنّ صاحب الفساد متفق مع نفسه حتى النخاع، ولديه هدف موحد، واتجاه واحد، ويحمل صفة واحدة، وقناعة واحدة وهي السرقة والنهب وتعبئة الصرة، حتى وإن عكس ما يبطن، فهو أشد الناس حرصاً على بقاء الأمور فاسدة على حالها، طالما أنها الباب الثمين والنفيس للثراء والتربّح، فهو المستفيد، ويريد بقاء الفساد حتى الرمق الأخير، إنه مثل المتصيّد في الماء العكر، لذا نجده يتسلل من أضعف شقوق الرقابة وثغراتها الكبيرة، ويرى في كل إجراء رقابي، عرقلة لإنجازاته المشهودة، وشللاً تاماً لإعادة إشباع طمعه ونهمه، إن للمفسد دائرة كبيرة موصدة المداخل والمعابر، فيها مفارقات مضحكة ومبكية وبها تفاصيل مرة وغير حالمة لا يسمح بدخولها إلاّ للذي يبتغيه ويشتهي ويريد، إنّ للمفسد أعمالاً تشبه الخراب العظيم، والزلزال المدمّر، والطاعون الأسود، والتلوّث البيئي، وكوارث الكون، وجفاف السيول، وعصف الموج، وهجمة البرابرة، ووجع الظمأ، إنّ المفسدين نراهم يتعاملون بمنتهى الريبة والحذر والذكاء، ولديهم شكوك ومخاوف وتأويلات وحسابات، وليس لهم إنجاز فكري، والمادة هي هدفهم وهي التي تمنحهم الشمس وخيوط الضوء ودالية العنب.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

الفساد والمفسدون!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة