Wednesday  24/08/2011/2011 Issue 14209

الاربعاء 24 رمضان 1432  العدد  14209

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إعادة هندسة إجراءات العمل «الهندرة» من الأدوات المهمة في إستراتيجية التنمية الإدارية. وتستهدف أساساً زيادة فاعلية الخطوات المتبعة لإنجاز المهام والعمليات الإدارية، عبر سلسلة من أعمال المراجعة والتحسين والتطوير والتحليل والتقويم، وصولاً إلى أتمتة إجراءات العمل. وبما يقود في نهاية الأمر إلى تحقيق وفورات إيجابية في الوقت والجهد والموارد المتاحة. ويزيد من كفاءة الأداء والإنتاجية في المنشأة.

ونجاح هذه النوعية من المشاريع يعتمد أساساً على دعم القيادات الإدارية العليا، وموضوعية الأهداف، وسيادة ثقافة التغيير والتطوير داخل المنشأة.

وفق الرؤية التحليلية المنطقية لا تزال الإجراءات والأدوات والنماذج البيروقراطية تهيمن على جزئيات العمل الإداري في العديد من المنشآت الخاصَّة والعامة، وبما يحول دون إنجاز المعاملات والمهام بكفاءة إنتاجية عالية.

إشكالية البيروقراطية، والتعقيدات الإدارية، وضعف الشفافية في الأنظمة والأدلة الإجرائية المُطبقة، تبدو أكثر وضوحاً، وأكثر تلبساً، في معظم الجهات والقطاعات الحكومية - طول الإجراءات، تكرار الخطوات، تبديد الوقت، ارتفاع تكلفة أداء العمليات، الإدارة باللوائح - ممَّا جعل منظومتها الإدارية والتنظيمية غير قادرة على إنجاز مهامها بالكفاءة والشفافية المطلوبة، فأسهم ذلك في تعطيل أو تأخير إنجاز مصالح البلاد والعباد، واحتياجاتهم المعيشية والاقتصادية.

مع الأسف الشديد تتمرس خلف هذه المنظومة ثقافة إدارية مقاومة للتغيير والتخطيط والتطوير والتحديث، تُغذيها بصفة مستمرة:

- إما قيادات بيروقراطية، تفتقد القدرة أو الرغبة في تطوير بيئة العمل، وتبسيط إجراءاته، وتحسين مخرجاته، ناهيك عن تطبيق ونشر ثقافة التخطيط والتفكير الإستراتيجي الضرورية للنهوض ببنية المنشأة الإدارية والبشرية والهيكلية والإنتاجية. فهي بالتالي قيادات ميَّالة إلى الارتخاء والسكون، وإدارة العمل بعقلية متحجرة، ومتخلفة.

- وإما قيادات أوتوقراطية أو تَّسلطية تسعى إلى تركيز كل السلطات والصلاحيات في أيديها، وتتخذ من المركزية المطلقة أسلوباً في العمل، دون اهتمامٍ واضح بتطوير بيئته. فهي قيادات نفعية انتهازية هدفها الأساس تعظيم مصالحها الضيقة.

هذا الخلل الكبير في بيئات العمل في معظم الجهات والقطاعات الحكومية، المُعطل لمبادرات التطوير والتحديث، جعل المملكة تحتل مركزاً متأخراً في قائمة ما يُعرف بمؤشر جودة الحياة العالمي. فقد احتلت المركز «160» من بين «194» دولة.

وأمام هذا الخلل الإداري المزمن، تبدو الحاجة ماثلة إلى العناية بالآتي:

أولاً: إعادة هندسة إجراءات العمل، في المنشآت التي تعاني من هذا الخلل، بما يسمح بالتالي ببناء أدلة وإجراءات إدارية وتنظيمية تواكب التجارب العالمية في هذا المجال الإداري المهم. ويُفترض أن يتم ذلك أساساً من خلال بناء طرق تفكير، وأساليب عمل، بمنهجية علمية وفنية عالية ترتكز على جملة من المبادرات، من أبرزها:

1 - صياغة الأهداف ورسم السياسات، وأساليب العمل، وبناء البرامج التي تستهدف تعزيز الموارد، وتنمية قدرات ومهارات العاملين، وإشراكهم في المناقشة وصنع القرار.

2 - تقسيم العمل وتوزيع الأدوار والمسؤوليات وفق معايير الكفاءة والتخصص.

3 - بناء برامج للحوافز والمكافآت ذات مصداقية وشفافية لتحفيز مبادرات الجودة والابتكار والإبداع.

4 - استخدام أحدث فنون التقنية.

5 - تطبيق معايير العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع العاملين في المنشأة دون استثناء.

6 - إدارة العلاقة مع المستفيدين من المنشأة والعلاقة مع المنشآت الأخرى بشفافية عالية.

7 - نشر ثقافة أخلاقيات العمل والعناية بالوقت داخل المنشأة.

ثانياً: وبما أنَّ كل أشكال البيروقراطية وضعف الشفافية تدخل في دائرة الفساد الإداري، فقد يكون من المفيد جداً أن تقوم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد - التي أُنشئت في الثالث عشر من ربيع الآخر 1432هـ - بممارسة اختصاصها في تخطيط ومراقبة برامج مكافحة الفساد بشقيه المالي والإداري، ومتابعة ومراجعة وتطوير الإجراءات والأنظمة الرقابية والمالية والإدارية، الحاكمة للبيروقراطية والتعقيدات الإدارية الراهنة، وبما يخدم تبسيط وتحسين إجراءات العمل. وتطبيق بنود الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد - التي اعتمدها مجلس الوزراء في الأول من شهر صفر من عام 1428هـ - التي جاءت أهدافها لترجمة توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في إطار برنامجه الإصلاحي والتطويري الشامل، وذلك من خلال التأكيد على الآتي:

1 - حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره.

2 - تحصين المجتمع السعودي ضد الفساد، بالقيم الدينية، والأخلاقية، والتربوية.

3 - توجيه المواطن والمقيم نحو التَّحلي بالسلوك السليم واحترام النصوص الشرعية والنظامية.

4 - توفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية، ولا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها.

5 - الإسهام في الجهود المبذولة لتعزيز وتطوير وتوثيق التعاون الإقليمي، والعربي، والدولي، في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد.

6 - تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع.

كلمة أخيرة:

تُعد المنشآت العمومية الخدمية أكثر المنشآت حاجة واحتياجاً لإعادة هندسة إجراءات العمل في بيئاتها، بما تشتمله من قيم ورؤية ورسالة وأهداف وبرامج، لتوطين الممارسات التنظيمية الحديثة، وإدارة الموارد والسياسات بصورة أفضل وأكفأ، تماهياً مع التجارب والاتفاقيات الدولية الناجحة في مجال تبسيط الإجراءات الحكومية ورفع مستوى الشفافية في أساليب أدائها. وبما يفي في المُحصِّلة النهائية باحتياجات ومصالح الأفراد وقطاع الأعمال، ويُقلل نسبياً من حالة الاستنزاف المستمر للموارد المتاحة، وتبديد المزيد من الجهد والوقت في غير محله.

من مأثور الحِكم:

الحَزْمُ قَبْلَ العَزْمِ فاحْزِمْ واعْزِمِ

وإِذَا اسْتَبانَ لَكَ الصَّوَابُ فَصَمِّمِ

 

إعادة هندسة إجراءات العمل في القطاعات الحكومية مهمة وطنية عاجلة
د. عبدالمجيد محمد الجلال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة