Wednesday  24/08/2011/2011 Issue 14209

الاربعاء 24 رمضان 1432  العدد  14209

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

نظام ضبط وإدارة حركة المرور آليا «ساهر» والذي يهدف في مجمله لتحسين مستوى السلامة المرورية ورغم نبل مقصده وآثاره الإيجابية من جهة كم ونوع الحوادث وأعداد الإصابات والوفيات إلا أنه لا زال مثار جدل كبير ومصدر قلق كبير أيضا للكثير من أفراد المجتمع ذلك أنه اختزل أدواته في شفط الجيوب لحفظ الأنفس والممتلكات، وكلنا يعلم أن «المال عديل النفس» وكم من يضحي بنفسه دون ماله، فكيف إذا علمنا أن المال المشفوط هو مال أفراد يعانون ضعف الدخل وارتفاع تكاليف الحياة بشكل مهول في ظروف تضخم عالمية عجزت الدول عن مواجهتها.

ومهما غلف القائمون على «ساهر» أهدافهم المالية بالأهداف الإنسانية وتذاكوا على الناس فإن الناس يعرفون ما وراء «ساهر» من أهداف مالية مليارية يذهب الشيء الكثير منها للشركات الخاصة التي وحسب عملي وكموظف في القطاع الخاص لا تفهم سوى لغة الأهداف المالية «كأولوية» لكل نقطة رصد آلي سواء كانت ثابتة أو متحركة، وهو المبرر والمفسر الوحيد لترصد سيارات ساهر لسيارات المواطنين بطريقة مثيرة للشك، ولقد رأيت بعيني وسمعت وبإجماع من الناس بأن سيارات ساهر تقوم «بالترصد» لا «الرصد» وهذا ما رسخ في ذهن كثير من المواطنين.

إذن نحن أمام نظام يقول بحفظ الأرواح من خلال شفط الأموال ولا غير ذلك ولا أداة أخرى لديه حتى ولو حملات توعوية مرورية تعيد تشكيل الوعي المروري لدى قادة المركبات الحاليين والمرتقبين رغم توفر كافة الإمكانيات للقيام بهذه الحملات حيث توفر الأموال التي يوردها «ساهر» يوميا على خزينة الدولة وخزينة الشركات الخاصة المستفيدة، والأموال التي يوفرها «ساهر» على شركات التأمين التي تنعم بسوق تأمين كبير للسيارات يرفدها بمئات الملايين من الريالات مقابل تكاليف بسيطة جدا، وبكل تأكيد تركيز النظام على حفظ الأرواح على حساب الأموال أمرٌ لا يمكن السكوت عنه حيث يتفاقم الرفض والغضب الشعبي شيئاً فشيئاً على هذا التغول المرفوض مهما كانت المبررات.

لا أعرف موضوعا يشتكي منه المواطنون بكثرة وبحسرة مثل ما يشتكون من نظام «ساهر» إذ تكاد لا تجد مواطنا إلا ويبث حزنه وشكواه من «ساهر» الذي ضيّق عليه عيشته بشفط نسبة من دخله الذي لا يكاد يكفي لمتطلبات معيشته نتيجة لسهو أو غفلة زادت بها سرعته أو سرعة أحد أبنائه أو سائقهم عن المعدل بشيء لا يذكر، ولا يفوتني هنا أن أذكر مآسي طلبة الجامعات والمعاهد الذين لا تزيد مكافأة أحدهم عن ألف ريال عندما يتم مخالفتهم بـ 300 ريال وهو مبلغ يعادل 30 % من دخلهم فما بالنا إذا كانت مخالفتين أو مخالفة بـ 500 ريال، أيضا يجب ألا ننسى أن مخالفة بـ 300 ريال تعادل 10 % من دخل موظف راتبه 3000 ريال وكلنا يعلم متوسطات الرواتب في بلادنا، وأستغرب هنا من مقارنة قيمة المخالفات في بلادنا بقيمتها في أوروبا والدول الغنية الأخرى ذات الدخول الفردية العالية من جهة وذات الثقافة المرورية العالية من جهة أخرى، ومنها دول المجلس التعاون حيث تحتل بلادنا المركز السادس نسبة إلى بقية دول المجلس بـ 16.778 دولار دخل فردي مقارنة مع قطر (81.963 دولار)، والإمارات (49.995 دولار)، والكويت (37.451 دولار)، وعمان (21.097 دولار)، والبحرين (20.332 دولار).

أعتقد أن «ساهر» لديه أذن من طين لا يسمع بها، وأخرى يسمع بها بعد حين؛ حيث لاحظت طوال فترة تطبيق «ساهر» أن التجاهل والرفض والتفنيد والتبرير لشكاوي المواطنين يكون الاستجابة الأولى للقائمين على نظام ساهر ثم ما نلبث بعد حين إلا ونرى استجابة محدودة تتمثل بتعديلات بصورة أو بأخرى على ما أثاره المواطنين من مشاكل وهذا جيد رغم عدم إعادة الأموال لمن تضرر من أخطاء تطبيقات ساهر السابقة سواء من جهة عدم وضع لوحات إرشادية واضحة أو من جهة عدم ملائمة السرعات المحددة لسعة الطريق إلى غير ذلك من الشكاوي التي تم التعامل إيجابيا معها بعد حين، ورغم اعتقادي هذا فإني أتطلع أن يراجع القائمون على «ساهر» مهمتهم في حماية الأنفس بإيجاد بدائل أخرى غير شفط الأموال بهذه الطريقة المرهقة للمواطنين الذين لجأ كثير منهم للدين لسداد مخالفاته ومخالفات أبنائه.

نعم أتطلع كما يتطلع غيري لاستجابة سريعة منطقية تراعي أحوال المواطنين الاقتصادية لإطلاق حملات سنوية مستمرة تركز في كل سنة على مفهوم مروري فسنة على السرعة وأخرى العلامات المرورية الإرشادية وثالثة على الخطوط الأرضية ورابعة على أولويات المرور في الدوار والطرق الفرعية والرئيسية وخامسة على الأخلاق المرورية وسادسة على سلامة المركبة، كما أتطلع أن يتحول «ساهر» لنظام يهدف بالمقام الأول للحد من السرعة وقطع الإشارة ومخالفة الخطوط الأرضية وتجاوز الأولويات المرورية ويتراجع هدف تحصيل الأموال إلى المقام الأخير وبالتالي نريد أن نرى قيم منطقية للمخالفات تتناسب ودخل الأسر المتوسطة وما دونها وهم الغالبية، وأخيراً نريد قراراً واضحاً لاقتطاع جزء من إيرادات ساهر لصالح تطوير الطرق لمعالجة مشاكلها التي تعتبر سبباً في كثير من الحوادث هي الأخرى، فهل يسمع «ساهر» بأذنيه دون تأخير، هذا ما نرجوه جميعا ونتوقعه جميعاً.

alakil@hotmail.com
 

«ساهر».. أذن من طين وأخرى تسمع بعد حين!
د.عقيل محمد العقيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة