Thursday  25/08/2011/2011 Issue 14210

الخميس 25 رمضان 1432  العدد  14210

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

من منا لم يسمع أحداً يتحدث عن أسعار النفط هذه الأيام بالرغم من روحانية هذا الشهر الكريم -أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات- وانشغال الناس بالعبادة وقراءة القرآن ومتابعة الأحداث السياسية من حولنا؟ لحالما يبدأ شخص ما في مجالسنا الرمضانية في طرح موضوع أسعار النفط وتقلباتها السريعة وغير المنطقية في معظم الأوقات، تجد من حولك الكل يريد المشاركة والإدلاء برأيه, وذلك كدلالة واضحة على اهتمام الجميع بهذا الموضوع وإيمانهم بتأثيره المباشر على حياتهم ومستقبل هذه البلاد المباركة التي حباها الله بهذه النعمة.

وبالرغم من بساطة الثقافة البترولية لهؤلاء الأشخاص وعدم مقارنتها بالثقافة البترولية لمحللي النفط في كثير من مراكز الأبحاث البترولية والمؤسسات المالية ذات العلاقة, تجد بعض التفسيرات المنطقية لما يحدث في أسواق النفط والتي قد تفسر هذه التقلبات في الأسعار. أريد أولاً أن أقول إن هذه ظاهرة إيجابية في مجالسنا تدل على نمو الثقافة الاقتصادية ومتابعة أسعار البترول بشكل شبه يومي والاهتمام بمستقبل واقتصاد بلادنا المباركة حماها الله. أكثر التساؤلات التي تطرح من البعض تتمثل في معرفة أسباب ارتفاع أسعار البترول بالرغم من عدم ارتفاع الطلب على البترول بشكل كبير وعدم وجود نقص في الإمدادات البترولية بالرغم من الأحداث السياسية في الشرق الأوسط وبالرغم من استمرار النمو الخجول جداً للاقتصاد العالمي واستمرار مشاكل الديون الأوروبية المتراكمة الذي بدوره يزيد من المخاوف من حدوث كساد اقتصادي عالمي جديد كالذي حدث عام 2008م.

الحقيقة أن سوق النفط في الآونة الأخيرة أصبحت شبه مفصولة عن القوانين الأساسية للعرض والطلب, بل شبه مفصولة عن عامل المضاربة مما دعا البعض أن يطلق على ما يحدث من تقلبات في الأسعار باللعبة أو المؤامرة. طبعاً أنا لا أوافق على هذه الكلمات لأن ما يحصل في الأسواق العالمية يكون غير منطقي فقط عندما نغفل عن الكثير من العوامل غير التقليدية ومن أهما مصالح البعض (دول ومؤسسات وأشخاص) في استمرار ارتفاع أسعار البترول. أنا لا أتكلم هنا عن الحق الطبيعي للدول المنتجة الرئيسية للبترول التي بذاتها لا تفضل هذه التقلبات السريعة في الأسعار ولا تفضل أسعاراً مرتفعة جداً بحيث تأثر سلبا على الاقتصاد العالمي أو تبطئ من نموه, بل تفضل أسعاراً مرتفعة نوعا ما بحيث تضمن سيولة مالية مستمرة على المدى البعيد تدعم مشاريعها الإنمائية وتبني بنينها التحتية. أتحدث عن العوامل غير التقليدية المتمثلة في أن ارتفاع أسعار البترول يضمن للبنوك العالمية سيولة مالية تدعم عملياتها وتوفر أيضاً سيولة مالية للاستثمارات الأجنبية تضخ في أسواق الدول الصناعية الرئيسية وخاصة أمريكا, كما توفر أيضاً سيولة للدول البترولية لتطوير حقول وتقنيات جديدة لإنتاج بترول عالي التكلفة (كالبترول الرملي) وتوفر أيضاً سيولة للدول الصناعية المستهلكة لتطوير بدائل للطاقة وتقنيات جديدة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة. كل هذه العوامل تعتبر غير تقليدية ولا أستبعد هنا المصالح الشخصية لبعض صانعي القرار في الدول الكبرى ممن يمتلك حقول بترول.

الذي يهمنا هنا كدول مصدرة للبترول يتمثل في الاستغلال الإيجابي لهذه التقلبات خاصة أثناء ارتفاع الأسعار وذلك لبناء موارد اقتصادية متعددة من خلال تبني استراتيجية التنوع الاقتصادي المتعدد وزيادة حجم الاستثمارات الرأسمالية داخل المملكة, والأهم من ذلك كله الاهتمام ببناء الإنسان السعودي القادر على مواجهة التحديات المستقبلية والاهتمام أيضاً ببناء البنية التحتية لمجتمعاتنا المدنية في المدن الرئيسية وغير الرئيسة على حد سواء.
 

www.saudienergy.net
 

تقلبات أسعار البترول (2)
د.سامي بن عبدالعزيز النعيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة