Saturday  27/08/2011/2011 Issue 14212

السبت 27 رمضان 1432  العدد  14212

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

على الرغم من أن الكثير يرون متعة في السفر خارج بلادهم ويعتبرون ذلك نوعاً من الترويح عن النفس، إلا أن هذا الأمر يعتريه شيء من النقص ويعاني الواحد منا إذا ما غرب أو شرق، كما يقال، ومن ذلك ما يتعلق بالغذاء في بلاد «برا». لا سيما إذا كانت تلكم البلاد غالبيتها من غير المسلمين.

يعاني المسافر المسلم من الأطعمة في البلاد غير الإسلامية، إذ قد يتم ذبح المواشي والطيور بطريقة غير صحيحة، فلا تسفك دماؤها، أو تكون اللحوم مختلطة بلحم الخنزير أو شحمه أو قد يحتوي الطعام ومعظم المنتجات الغذائية المصنعة على شيء من مكونات الخنزير. والملاحظ في العديد من الدول الغربية أن بعض الأقليات الشرقية لا يواجهون مشكلة، مثل الصينيين، الذين تتوفر لهم أطعمة ومطاعم تلبي أذواقهم من مختلف أنواع الطعام. ولم يستطع العرب، على وجه الخصوص، أن يفرضوا ثقافتهم الغذائية لا شرقا ولا غربا. ولا يوجد إلا «أكشاش» تقدم الشاورمة والفلافل على أرصفة بعض الشوارع داخل المدن. ويلاحظ أن السائح الشرقي والغربي يقبل على بعض الأطعمة «الشرق-أوسطية» إقبالاً كبيراً لرخص ثمنها من ناحية ولغناها النوعي والكمي من ناحية أخرى. فهل طعامنا ما زال يعتبر «غريبا» بالنسبة للشعوب الأخرى؟ أو أن هنالك ثمة تقصير منا؟ أو أن ثمة طرق يجب أن نقدم بها ثقافتنا العربية والإسلامية، وكما يقال يمكن الوصول للقلب عن طريق المعدة. ومن المعلوم أن الغرب قد نجح في غزوه لنا بأنواع من ثقافاته، بما في ذلك أطعمته، الغث منها والسمين. ومن المعاناة التي تواجه السائح المسلم، في بلاد الغرب والشرق, جميع أنواع المظاهر التي تتعارض مع مبادئه وعاداته وتقاليده. ويفوق أهمية الأغذية المعدة والمناسبة للمسلمين مسألة مدى توفر المساجد والمصليات في البلدان غير الإسلامية. وتتفاوت هذه الخدمة من بلد إلى آخر، ويرتبط توفرها في الأماكن العامة، بما في ذلك أماكن الترويح، بقوة العلاقة البينية بين البلاد الإسلامية وغير الإسلامية. ولقد فوجئت بوجود مصلى للجنسين في مكان ترويح في بلد غربي، وأدركت أن ذلك نتاج العلاقة الاقتصادية القوية بين بلد عربي وذلك البلد الغربي. وأنا على يقين بأنه لو طالب المسلمون بلاد الغرب بتوفير خدمات لهم لاستجابوا، فالمسألة اقتصادية وتبادل أمور نفعية.

ومن الممتع في السياحة لمراكز المدن توفر الرحلات السياحية «راقية المستوى» لمعالم المدينة، فهنالك الجولات في أنحاء المدينة، جولات مرتبة تديرها مؤسسات سياحية ذات مستوى مهني عال. وهنالك المتاحف المتخصصة، ولا يكاد موضوع إلا وأنشئ له متحف: متاحف للبريد ولأنواع النقل ولتاريخ الطيران والفضاء وللتاريخ الطبيعي والبشري وللصناعة والتقنية والاتصالات ولتاريخ الهجرة، وغير ذلك كثير. ولقد سبق أن نوهت إلى أن مركز المدينة أصبح المحور الذي حاول المخططون، ولا يزالون، لفت الانتباه إليه، وذلك بإيجاد فعاليات متعددة فيه واستخدامات ومهام قضائية وإدارية واقتصادية واجتماعية وثقافية وترويحية. فتوجد في مراكز المدن المحكمة والبلدية والشرطة والمكتبة العامة إضافة إلى المتاحف والمتاجر والمؤسسات التجارية والإعلامية والتعليمية والسكنية، ودور العروض الثقافية والترويحية، ومحطات النقل العام بمختلف أنواعه، وبذلك تكون المنطقة المركزية جاذبة للناس لتوفر أنواع الخدمات وفرص العمل فيها.

ولو قارنا ذلك بمناطق مدننا المركزية لوجدناها طاردة لا جاذبة لعدم اكتمال الخدمات التي سبق الإشارة إليها، ولا تأخذ المؤسسات التشريعية بالألباب من حيث الطراز الهندسي المعماري وروعة البناء. ولو أمعنت النظر في مباني المحكمة والمكتبة والبلدية في مدن الغرب وبعض مدن الشرق لعلمت البون الكبير بين مباني مؤسساتنا ومؤسساتهم، مبانيهم تعمر مئات السنين ولها روعة المنظر وهيبته، أما مبانينا العامة، حتى المنشأة حديثا، تفقد روح ثقافتنا وحضارتنا وهيبتها وروعتها، فتصمم بأشكال هندسية حادة مربعة أو مستطيلة، تنقصها الهيبة والوقار. وليس من هذه المباني، الإسمنتية والزجاجية، يمكن أن ترسل الرسائل المناسبة عن غنى المعاني المضمنة في الحضارة العربية والإسلامية.

alshaikhaziz@gmail.com
 

السفر بين المتعة والمعاناة 5-5
د.عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة