Sunday  28/08/2011/2011 Issue 14213

الأحد 28 رمضان 1432  العدد  14213

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

كلُّ المؤشرات الداخلية والخارجية تقول إنّ نظام بشار الأسد في طريقه للسقوط، والخلاف على قضيتين: أولاهما متى؛ وثانيهما كم هو الثمن الذي يجب أن يدفعه السوريون كي يتخلّصوا من هذا الجاثوم البارك على صدورهم منذ ما يقرب من خمسة عقود. لكن ماذا لو حدث العكس، واستطاع نظام الأسد أن يتجاوز المحنة، ويلتقط أنفاسه، ويُخمد الانتفاضة، ويُعيد القبضة الحديدية إلى ما كانت عليه الأوضاع إبان عهد الأب المقبور وما مضى من عهد الابن؟

أعرف بدءاً أنّ هذا الاحتمال ضعيف، غير أنه وارد، ولا يمكن إلغاؤه تماماً؛ وفي مقالي هذا سأحاول أن أستشرف الوضع فيما لو تحقق هذا الاحتمال.

لو حدث ذلك، فإنّ الذي سيحكم دمشق ستكون طهران؛ وسوف تتحوّل سوريا إلى دولة تابعة للإمبراطورية الإيرانية، مثلها مثل عراق المالكي، فهي ستخرج من الانتفاضة منهكة ضعيفة واهنة، معزولة على الصعيد الخارجي، علاقاتها متوترة ليس فقط مع أمريكا ودول الاتحاد الأوربي، وإنما مع أغلب الدول العربية؛ هذا إضافة إلى أنّ أوضاعها الاقتصادية الداخلية ستكون في غاية السوء بل ومهترئة، وفي الوقت ذاته هناك استحقاقات ومتطلّبات تحتاجها مرحلة ما بعد إخماد الانتفاضة إذا تمكّن من إخمادها لن يكون في مقدورها توفيرها، الأمر الذي سيجعلها حتماً تلجأ إلى إيران وترتمي في أحضانها، وإعطائها مقود العربة لتتحكّم في مساراتها وسياساتها وتوجُّهاتها؛ وهذا غاية ما تطمح له إيران.

نجاة النظام السوري من السقوط، وارتمائه في الأحضان الإيرانية، يعني أنّ أغلب منطقة الشمال العربية (العراق، سوريا، لبنان) سيصبح منطقة نفوذ فارسية، تتحكّم فيها إيران وتوجّه قرارات مؤسساتها السياسية، أي أنّ كل ما خطط له الملالي تحقق تماماً مثل ما يطمحون إليه.

هنا لا يمكن أن نغفل البُعد الطائفي من الموضوع؛ فالذي جعل الأسد الابن ينزع نفسه وبلاده من محيطها وخياراتها العربية ويتجه بها نحو إيران ليرتمي في أحضانها كان بعداً طائفياً محضاً. الأسد الأب كانت الورقة الطائفية في لعبته السياسية في الداخل والخارج مجرّد ورقة ضمن أوراق، يعرف بدهائه كيف يلعبها ويوظفها في مصلحة نظامه؛ بينما أنّ رعونة الابن (الوارث)، وقلّة خبرته على ما يبدو، جعلته يتحوّل من ماسك لورقة يوظفها في خدمة مصالحه، إلى (ورقة) يلعب بها الآخرون؛ ولا يمكن لأي مراقب يقرأ الانتفاضة والغضب السوري الداخلي والإقليمي دون أن يلحظ أنّ هناك عوامل عدة أوصلت سوريا بشار إلى ما وصلت إليه، كان الاندفاع نحو الخيار الإيراني والتحالف معه، أحد أهم بواعثها، إلى درجة جعلته يبدو وكأنه يدار من طهران بالريموت كنترول.

لذلك فإنّ دعم إيران مالياً وعسكرياً ولوجستياً لنظام بشار أمام انتفاضة السوريين، مبرر على المستوى الاستراتيجي بالنسبة لإيران، فبقاؤه ضعيفاً منهكاً محاصراً معزولاً عن العالم، وعن محيطه العربي، ومنبوذاً من أغلبية مواطنيه، يصب في التحليل الأخير في مصلحة إيران، ويجعله يرتمي أكثر في الأحضان الإيرانية، ليتحوّل إلى دمية في يد صانع القرار الإيراني، تماماً كما هو مالكي العراق، ونصر الله وخيال مآتته نجيب ميقاتي في لبنان.

إلى اللقاء.

 

شيء من
بقاء بشار شأن استراتيجي إيراني
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة