Monday  29/08/2011/2011 Issue 14214

الأثنين 29 رمضان 1432  العدد  14214

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بناء على المعطيات والتقارير البيئية تعيش المملكة أكبر تحد طبيعي في تاريخ المنطقة، إذ تعتبر ندرة المياه الخطر القادم، وحتماً يزيد الانفجار السكاني من حدة المواجهة مع تحديات الطبيعة، ومع ذلك لم يظهر في المملكة إلى الآن استراتيجية موحدة للمياه، ولا زال كل قطاع يغرد وحيداً وبدون التنسيق مع الآخر، فوزارة المياه لا تضع أهداف القطاع الزراعي وأهميته الإستراتيجية ضمن خططها عندما تدعو للحد من استعمالات المياه في الزراعة، ووزارة الزراعة تعاني من أزمة الجفاف التي قد تصبح خطراً يهدد الأرياف، وينذر بهجرة جماعية إلى المدن مالم يتم إيجاد حلول إستراتيجية لأزمة المياه لأغراض الزراعة.

في اتجاه مواجهة أزمة مياه الشرب والاستعمال اليومي، تبذل وزارة الكهرباء والمياه جهودا من خلال زيادة مشاريع تحلية المياه، لكن اتساع المدن وزيادة سكانها المتواصل يجعل من هدف الوصول إلى حل نهائي في غاية الصعوبة، وقد يكون ذلك ممكناً، لكن الحل الأصعب سيكون في إيجاد حلول لندرة مياه الزراعة، إذ لا يمكن أن يكون الحل الحد من مشاريع التشجير والزراعة، لأن ذلك يعني الاستسلام للكارثة البيئية، ولابد من التفكير جدياً في إيجاد الحل الإستراتيجي، خصوصاً في الواحات الزراعية في قلب الصحراء.

في ظل ندرة الأمطار وعدم نجاح السدود في توفير المياه الجوفية وبالتالي حل مشكلة الجفاف، لابد التفكير جدياً في تحلية مياه البحر للأغراض الزراعية والتي ستكون أقل تكلفة من تحلية مياه الشرب، وألا نتردد في نقل مياه البحر وتكوين جزر مائية في المدن الصحراوية مثل مدينة الرياض، واستخدامها لتحسين البيئة والجذب السياحي، وإستخدام الطاقة الشمسية لتحلية مياه لأغراض الزراعة، والجدير بالذكر أن الطاقة الشمسية تسقط بكميات هائلة على المتر المربع في معظم الجزيرة العربية.

كذلك ما زلت لا أفهم البطء الشديد في زيادة مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي، والتي لازالت تعاني من عدم الاهتمام، وخصوصاً عند المقارنة مع دول مجاورة وصلت فيها المعالجة إلى نسب عالية، كذلك الحال في اوروبا والتي تعالج مياهها الصحية برغم من توفر المياه العذبة، وذلك حفاظاً على البيئة، بينما محلياً يتم هدر كميات هائلة من مياه الصرف الصحي في باطن الأرض بدون الاستفادة منها في أغراض الزراعة، كذلك يجب إصدار قوانين تمنع استعمالات المياه المعالجة في الأغراض التجارية والصناعية، وذلك من أجل حصر استعمالاتها في التشجير والزراعة.

كذلك ننتظر من الاستراتيجية الموحدة أن تضع النقاط على الحروف في استخدام المياه في المشاريع الصناعية وهل ننقل مياه البحر إلى الصحراء من أجل الصناعة أم حصر إنشاء تلك المدن على الشواطئ، وذلك من أجل توفير تكلفة نقل المياه للأغراض الصناعية، نظراً لحاجتها لكميات مياه كبيرة، وعدم ملاءمتها للبيئة الصحراوية، فالصناعة تحتاج إلى موانئ وتواصل مع الخارج عبر البحار.

أخيراً لابد التفكير في إيجاد حلول استراتيجية موحدة تشارك فيها القطاعات المعنية، وذلك من أجل وضع حلول مستقبلية لأزمات استعمالات المياه في شتى المجالات، وأيضاً وضع حد للتعارض الواضح بين خطط وزارة الزراعة ورؤية وزارة المياه والكهرباء، على ألا تقتصر المعالجة في الدعوة لاقتصاد المياه، وأ لا يكون الحل في الحد من الزراعة والتشجير والتي قد تسبب كارثة بيئية لا تحمد عقباها، وذلك لأن المحافظة على الزراعة وتشجيعها يعد عاملا استراتيجيا ترتبط من خلاله جذور الإنسان بوطنه وأراضيه، وهي مهنة ذات بعد إنساني يختلف عن مختلف المهن الأخرى التي لا ترتبط بالأرض وتتميز حركتها بالحرية أو بالقدرة على الهروب من الوطن في الأزمات، بينما تمثل الزراعة ذلك الرباط المقدس بين الإنسان وأرضه، لذلك لا بد من تنميتها وتشجيعها من أجل وطن أكثر ملاءمة للعيش في المستقبل.

 

بين الكلمات
نحو إستراتيجية موحدة للمياه..
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة