Tuesday  30/08/2011/2011 Issue 14215

الثلاثاء 01 شوال 1432  العدد  14215

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

د. القويعي في رد على توقعات الشايعي الفلكية:
حساباتك مربكة... ومعادلاتك لا تتفق مع الطرق العلمية!

رجوع

 

سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة - الأستاذ -: خالد بن حمد المالك.. سلمه الله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-

فقد اطلعت على ما نُشر في صحيفة الجزيرة في عددها « 14213 «، وتاريخ: 28-9-1432 هـ، خبراً بعنوان: « القمر يتأخر على الرياض.. والثلاثاء العيد «، للباحث الفلكي محمد الروضان الشايعي.

بداية، لم يكن مستغرباً حديث - الأستاذ - محمد، حول هلال عيد الفطر؛ و إحداث الإرباك الذي يتسبّب فيه كل عام، وتضليل الناس عن القضية العلمية المثارة، وذلك عن طريق استخدام معادلات، لا تتفق مع الطرق العلمية المنضبطة، التي يستخدمها علماء الفلك المتخصصون في هذا الفن.

فحسابات - الأستاذ - محمد، التي ذكرها بأنّ اليوم الثلاثاء - بمشيئة الله -، هو يوم العيد، مبيناً أنه: بمشيئة الله - تعالى - وفي تمام الساعة التاسعة وخمس وعشرين دقيقة من صباح يوم الاثنين، 29 رمضان 1432هـ، يتحاذى القمر مع الشمس على خط طول 84.03 درجة شرقاً، وبالتحديد فوق مياه المحيط الهندي قبالة السواحل الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة الهندية، وعند غروب الشمس عن منطقة الرياض، يتأخر القمر عنها بمقدار أربع درجات ونصف الدرجة، ويصبح هلالاً يمكن رؤيته، حيث يمكث حوالي عشر دقائق بعد غروب الشمس، ويقع جنوب مغيب الشمس على بُعد سبع درجات عرضية - تقريباً -، وعمره في تلك اللحظة اثنتا عشرة ساعة، تتناقض - تماماً - مع الحسابات الفلكية الصحيحة، المبنيّة على أسس علمية، التي أصدرها المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة، وجميع علماء الفلك في داخل المملكة، وخارجها، يؤكدون هذا التناقض.

فعلى سبيل المثال، فإنّ المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة، والذي أنشئ عام 1998م، يضم - حالياً - أكثر من 450 عضواً، موزعين على 57 دولة من علماء، ومهتمين برصد الأهلّة، وحساب التقاويم. بل يشجع المشروع، المهتمين في مختلف دول العالم على تحرّي الهلال، وإرسال نتائج رصدهم إلى المشروع عن طريق موقعه على شبكة الإنترنت، حيث تنشر تباعاً بعد تدقيقها، وتمحيصها وفق الأصول العلمية.

هذا المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة، أصدر بيانه الشهري المرتقب حول هلال بداية شهر شوال - قبل أيام -، وأوضح رئيس المشروع - المهندس - محمد عودة في البيان، بأنّ: الحسابات الفلكية، تؤكد على أنّ يوم عيد الفطر لهذا العام 1432 هـ، باعتبار رؤية الهلال شرطاً؛ لبدء الشهر، والذي سيوافق يوم الأربعاء 31 آب - أغسطس، في معظم الدول الإسلامية - بمشيئة الله.

ولأنّ معظم الدول الإسلامية، قد بدأت شهر رمضان يوم الاثنين 1 - آب - أغسطس، فإنّ التحرّي عن هلال العيد في هذه الدول، سيكون يوم الاثنين 29 آب - أغسطس. وفي ذلك اليوم تستحيل رؤية الهلال، بسبب غروب القمر قبل، أو مع غروب الشمس في أجزاء واسعة من العالم، مثل: شمال، ووسط قارة آسيا، بما في ذلك: الإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، وشمال، ووسط السعودية، والعراق، وبلاد الشام، وشمال القارة الإفريقية، وأما ما تبقى من العالم العربي، والإسلامي، فإنّ القمر سيغيب في تلك المناطق بعد غروب الشمس، ولكن بمدة قصيرة جداً، لا تسمح برؤية الهلال لا بالعين المجرّدة، ولا باستخدام التلسكوبات، وهذا يعني: أنه لا يمكن رؤية الهلال بعد غروب شمس يوم الاثنين من أي منطقة في العالم الإسلامي، - سواء - بالعين المجرّدة، أو باستخدام التلسكوبات. وبناءً على ذلك، فمن المفترض أن تكمل الدول الإسلامية، التي بدأت رمضان يوم الاثنين، عدة رمضان ثلاثين يوماً، ويكون العيد يوم الأربعاء 31 آب - أغسطس في معظم الدول الإسلامية - بمشيئة الله -. وأما بالنسبة للدول التي لا تشترط رؤية الهلال، وتكتفي بغروب القمر بعد الشمس، فإنّ العيد فيها سيوافق يوم الثلاثاء 30 آب - أغسطس.

الجميل في البيان، أنه ناشد المسؤولين في الدول الإسلامية، التثبّت الدقيق من الشهود إذا تقدّموا للشهادة يوم الاثنين، إذ لم يثبت من خلال المعايير، وسجلات أرصاد الأهلّة العالمي الممتد منذ العهد البابلي، وحتى يومنا - هذا - تسجيل رؤية للهلال، - سواء - بالعين المجرّدة، أو باستخدام التلسكوب في مثل هذه الظروف الموجودة في العالم الإسلامي يوم الاثنين. والإعلان عن رؤيته في ذلك اليوم، هو بمثابة إعلان للعالم، أننا نمتلك في منطقتنا من هو بصره أقوى، وأفضل من أكبر التلسكوبات العالمية، وكأننا نقول للعالم: بأن يستخدموا هؤلاء الشهود، بدلاً من إنشاء المراصد الفلكية بملايين الدولارات، وبدلاً من إطلاق تلسكوب « هابل « في الفضاء؛ ليستكشف المجرّات، والأجرام السماوية، فحتى تلسكوب « هابل « الفضائي، لا يمكنه رؤية الهلال بعد غروب الشمس من منطقتنا العربية. فحرص المشروع على عدم قبول أي دعوة برؤية الهلال من منطقتنا يوم الاثنين، حتى لا نظهر للعالم بمنظر من لا يحترم العلم، والعقل.

فالمشروع، يؤكد على أنّ القمر إذا غاب بعد الشمس بدقيقة، أو دقيقتين، فإنّ هذا يعتبر غروباً للقمر مع الشمس؛ لأنّ قرص القمر يحتاج إلى دقيقتين وعشرين ثانية كمعدل؛ ليغرب عن الأفق، بمعنى: أنه إذا لامست الحافة السفلى لقرص القمر الأفق، وبدأت بالغروب، فإنّ الحافة العليا لقرص القمر، ستغرب بعدها بدقيقتين وعشرين ثانية. وهذا يعني أنّ القمر الذي يمكث دقيقتين بعد غروب الشمس، ستبدأ حافته السفلى بالغروب تحت الأفق قبل اكتمال غروب كامل قرص الشمس.

وبإلقاء نظرة على وضع القمر يوم الاثنين 29 آب - أغسطس 2011 في بعض المدن العربية، والإسلامية، نجد أنّ الحسابات السطحية للهلال عند غروب الشمس، كما يلي:

* جاكرتا: سيغيب القمر بعد 09 دقائق من غروب الشمس، وسيكون عمره 08 ساعات و44 دقيقة.

* أبو ظبي: سيغيب القمر مع غروب الشمس، وسيكون عمره 13 ساعة و25 دقيقة.

* الرياض: سيغيب القمر بعد دقيقة واحدة من غروب الشمس، وسيكون عمره 13 ساعة و54 دقيقة.

* مكة المكرمة: سيغيب القمر بعد 04 دقائق من غروب الشمس، وسيكون عمره 14 ساعة و15 دقيقة.

* عمّان: سيغيب القمر قبل 03 دقائق من غروب الشمس، وسيكون عمره 14 ساعة و39 دقيقة.

* القاهرة: سيغيب القمر قبل دقيقة واحدة من غروب الشمس، وسيكون عمره 14 ساعة و49 دقيقة.

* الرباط: سيغيب القمر مع غروب الشمس، وسيكون عمره 16 ساعة و53 دقيقة.

وهذه القيم السابقة، تعني: أنّ رؤية الهلال يوم الاثنين في جميع المناطق السابقة، إمّا مستحيلة، أو غير ممكنة، - سواء - باستخدام التلسكوب، أو العين المجرّدة.

ولمعرفة معاني هذه الأرقام، فإنّ أقل مكث لهلال أمكنت رؤيته بالعين المجرّدة، كان 29 دقيقة، وتمّت رؤيته يوم 20 أيلول - سبتمبر 1990م من فلسطين، أما أقل عمر هلال أمكنت رؤيته بالعين المجرّدة، فكان 15 ساعة و 33 دقيقة، وتمّت رؤيته يوم 25 شباط - فبراير 1990م من الولايات المتحدة، ولا يكفي أن يزيد مكث الهلال، وعمره عن هذه القيم؛ لتمكن رؤيته، إذ إنّ رؤية الهلال متعلّقة بعوامل أخرى، كبعده الزاوي عن الشمس، وبعده عن الأفق لحظة رصده.

ومثله أيضاً، ما تم إعداده من تقارير كاملة عن ظروف رؤية الهلال في مساء ذلك اليوم، والمدة الزمنية التي سوف يمكثها، بناءً على قاعدة اختلاف المطالع من مختلف الجهات البحثية الفلكية في العالم. وانظر على سبيل المثال: كتاب « أحوال الأهلّة 1432هـ «، الذي يصدره المركز الوطني للفلك في مدينة - الملك - عبد العزيز للعلوم والتقنية في الرياض، ففي صفحة « 106 «: سوف تغرب الشمس - بمشيئة الله تعالى - في مكة المكرمة، يوم الاثنين 29 رمضان 1432هـ، الموافق 29 آب - أغسطس 2011م، في تمام الساعة السادسة و41 دقيقة، أي: أنّ القمر يمكث بعد غروب الشمس بثلاث دقائق، ويكون ارتفاع الهلال فوق الأفق لحظة غروب الشمس في مكة المكرمة في مساء يوم الاثنين - ليلة الثلاثاء -، أقل من ربع درجة فقط.

وحول هذا المعنى، يؤكد - البروفيسور - حسن بن محمد باصرة، أنّ القمر يغيب في الرياض بعد دقيقة واحدة من غروب الشمس، وفي مكة المكرمة بعد أربع دقائق، وارتفاعه أقل إلى درجة واحدة، - وبالتالي - فإنّ ارتفاع الدرجة الواحدة عن الأفق، يعني الوقوع في الطبقة ذات الكثافة العالية في الغلاف الجوي، نتيجة القرب من سطح الأرض، والذي يعاني من الغبرة، والأبخرة، وتلوّثات الصناعة. وحين يبدو الأفق صافياً، تبدو الشمس وقد احمرّت قبيل الغروب، وفقدت الكثير من ضيائها الذي عانى من التشتت، والامتصاص، وهذا ينطبق على كل الأجرام السماوية، فلا يقارن صفاء وسط السماء بصفاء الأفق. ولنا أن نتخيّل ما يعاني ضوء الهلال، بضآلة حجمه، وضعف إضاءته، وهو على أفق ذي لمعان شديد؛ لقربه من غروب الشمس.

- ولا شك - أنّ مثل هذه الظروف، يعيها من لديه علم بما خلق الله، وظهرت هذه المعلومات في كتب فقه سابقة، حيث نجد أنّ - شيخ الإسلام - ابن تيمية - رحمه الله - يقول في فتاويه: « إذا كان ارتفاع الهلال أقل من درجة، لا يُرى «. فهذه الجملة لم تأت من فراغ، بل أتت بعد استقصاء، وبحث. ولا يفوتنا أن نشير إلى أنّ: - شيخ الإسلام - ابن تيمية، كان معاصراً لأعظم علماء الفلك، وهو البتاني - شيخ المؤذنين - في دمشق. وهكذا فصعوبة، واستحالة رؤية هلال الدرجة الواحدة، هو ما تنتهجه جميع المعايير المتداولة - اليوم -؛ لرؤية الأهلّة، أما ما أبعدته العادة، فهو أولى بالرد، وذلك كما وضحه - الشيخ - عز الدين بن عبد السلام في قواعده، حيث قال: « أَنَّ مَا كَذَّبَهُ الْعَقْلُ، أَوْ جَوَّزَهُ، وَأَحَالَتْهُ الْعَادَةُ، فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَأَمَّا مَا أَبْعَدَتْهُ الْعَادَةُ مِنْ غَيْرِ إحَالَةٍ، فَلَهُ رُتَبٌ فِي الْبُعْدِ، وَالْقُرْبِ قَدْ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَمَا كَانَ أَبْعَدَ وُقُوعًا، فَهُوَ أَوْلَى بِالرَّدِّ، وَمَا كَانَ أَقْرَبَ وُقُوعًا، فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، وَبَيْنَهُمَا رُتَبٌ مُتَفَاوِتَةٌ «. وعليه، فإنّ رؤية الهلال بعد غروب شمس يوم الاثنين ليلة الثلاثاء في المملكة العربية السعودية، ستكون متعذّرة، في حين يمكن رؤيته بالمناظير في جنوب أفريقيا، وفي أمريكا الوسطى، ويمكن رؤيته بالعين المجرّدة في قارة أمريكا الجنوبية - فقط -.

بقي أن أقول: إنّ القمر سيكون في أقرب نقطة إلى الأرض - هذه الأيام -، - وبالتالي - فإنّ بعده عن الأرض سيكون قريباً جداً، وقوة الجذب بينهما قوية، وحركة القمر بطيئة. وكل هذه المعطيات المشار إليها، لم يأخذها - الأستاذ - محمد الشايعي في الاعتبار في حساباته الخاصة. فهو يحسب على طريقة العوام، باعتبار أنّ متوسط بُعد القمر « 384 « ألف كيلو متر، ومن هنا تتبيّن حساباته الخاطئة. علما أنّ قوله يتعارض مع رأي شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وهو: إذا كان ارتفاع الهلال أقل من درجة فلا يُرى. وهذا محل إجماع بين جميع الفلكيين، بأنّ الهلال إذا كان على درجة فما دون، فإنه لا يُرى - قطعاً - بأي وسيلة كانت. ويشهد لذلك، أنّ لجان التحرّي الرسمية في مختلف مناطق المملكة، وعددها ست لجان، وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، وباستخدام أحدث الوسائل العلمية؛ للرصد الفلكي من مناظير فلكية - تلسكوبات -، ودرابيل، ومن المشهورين بالرؤية مع هذه اللجان، لم تثبت لديهم رؤية الهلال، عندما يكون ارتفاع الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس في موقع التحري، درجة فما دون. كما أنّ جميع المراصد الفلكية العالمية، لم تثبت رؤية الهلال، - سواء - بالعين المجرّدة، أو من خلال المناظير الفلكية - التلسكوبات -، في أي موقع على الكرة الأرضية، عندما يكون أقل من درجة.

قول العامة، لا يؤخذ به في تمام الشهر، أو نقصانه. إذ إنّ المحك هو الرؤية الشرعية الصحيحة للهلال بعيد المغيب، فالهلال لا يُرى إلاّ بشروط، أهمها: ولادته، ومكثه بعد الشمس، وهذان الشرطان يعرفهما علماء الفلك بكل دقة، تصل إلى أجزاء من الثانية، وهذا مصداقاً لقوله - تعالى - {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ }، أي: بحساب دقيق جداً.

مثل هذه التصريحات لوسائل الإعلام من غير المختصين، قد يتسبب في تغرير شهود الرؤية، - وبالتالي - سيشهدون خطأ، وهذا ما حذّر منه - الدكتور - علي بن محمد الشكري - أستاذ الفيزياء - بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن, المترائين من الخلط بين رؤية الهلال، وكوكب الزهرة اللامع - نظراً -؛ لوقوعه حوالي ثلاث درجات فوق الشمس، وقربه من الأفق، ووجود بعض العوالق في الجو، ورطوبة، ودرجة حرارة عالية، مما يتسبب في تشتت ضوء الكوكب؛ لتتكوّن أشكال قد تبدو كالهلال، ويلتبس على بعض المترائين.

د. سعد بن عبد القادر القويعي

drsasq@gmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة