Wednesday  31/08/2011/2011 Issue 14216

الاربعاء 02 شوال 1432  العدد  14216

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

يعد (طاش ما طاش) من أبرز المسلسلات الرمضانية التي اعتاد الجمهور على مشاهدتها في شهر رمضان المبارك، رغم تفاوت مستواه في السنوات الأخيرة، وأصبح يكرر نفسه ويعيد طرح أفكار مكررة وتوقف عن الإبداع الدرامي وخلق شخصيات أو أحداث جديدة، بل أن المتابع لحلقات المسلسل الحالي يلحظ أن أغلب المشاهد تُصور في بيوت أبطاله؛ توفيراً للمال على الرغم من الإنتاج الضخم لهذا المسلسل الجماهيري.

وفي أولى حلقات طاش الرمضانية والتي كانت بعنوان (التعايش) تابعنا حلقةً كانت فكرتها متميزة لكونها مطلبا دينيا ووطنيا، ولكن للأسف جاء تنفيذها ضعيفا جداً بسبب السيناريو الذي قدم الفكرة بشكل غير واقعي على الإطلاق، وخصوصاً بعض المشاهد التي تخالف واقع مجتمعنا السعودي وماضيه، وبعيدة كل البعد عن مسار المجتمع السعودي في كل مراحله التاريخية. من يتذكر معي المشهد الذي يُظهر عددا من الأشخاص على أنهم موظفو الجمارك السعودية يقفون في استقبال القادمين إلى المملكة في مشهد انتقائي جداً؛ بحيث يصبح المعيار في تحديد من يدخل الأراضي السعودية هو قياس طول اللحية، فإذا كانت طويلة سمح له وإن كانت غير ذلك طُرد بشكل مهين وأعيد من حيث آتى! ويظهر في هذا المشهد فشل الكاتب وطاقم العمل في توظيف تقنية الخيال الدرامي في تلك الحلقة.

نحن لا نطالب المسلسل والقائمين عليه بتقديم صورة مشرقة وواقعية على الأقل عن مجتمعنا أو وطننا، لأن ذلك مسؤولية الإنسان السعودي أولا، ولأن تلك المهمة أكبر من قدرات تلك المسلسلات التي تُعرض في القنوات الفضائية عموما والمسلسل بشكل خاص.

ومن الإنصاف هنا القول إن أفضل مشاهد تلك الحلقة هو اجتماع بطلي المسلسل في السجن، مما جعلهما قريبين من بعض ويتعرف كل طرف على الطرف الآخر عن قرب، حيث تغيرت نظرة كل واحد منهما عن الآخر بفعل فرصة توافرت لهما في الإقامة سوياً في مكان واحد مكنهما من إعادة النظر في قناعاتهما تجاه بعضهما البعض.

وحري بأبطال المسلسل الذين حققوا شهرة كبيرة منذ 18 عاماً أن يكون طرحهم أكثر عمقاً وواقعية بدلاً مما نشاهده من عرض القصص والحالات الشاذة التي لا يقبلها المجتمع، فحينما تُعرض تلك القضايا في هذا المسلسل المتابع محلياً وعربياً سيرسخ لدى الآخرين أن ما يعرضه يمثل حقيقة المجتمع وأنها حالات تحدث بشكل دائم، وهذا مما يؤجج مشاعر البعض ويدعو لمقاطعته وعدم متابعته؛ لأنه يعمم أخطاء الأفراد على مجتمع كامل، ويسخر من فئة من المجتمع السعودي المتدين، ويشعرون بأنهم يتعرضون لاستفزاز في أغلب الحلقات.

بالتأكيد أن طاش والقائمين عليه لهم حسابات مختلفة عن المشاهدين حيث من المعروف أن المسلسل يباع بمبلغ كبير على إحدى القنوات العربية الكبيرة والتي تحرص على اجتذاب المعلنين والمسوقين للإعلان أثناء عرض المسلسل نظرا لتوافر نسبة مشاهدة عالية جدا بسبب توقيت عرضه الذي يتزامن مع موعد الإفطار، وهذا في تصوري ما يبرر طرح مواضيع وقضايا تخص المجتمع السعودي، وكذلك الأوساط المتدينة بشكل استفزازي واضح ومبالغ فيه للحفاظ على نسبة المشاهدة العالية والتي تستخدمها القناة في إغراء وجذب المعلنين بالإضافة للاستفادة من ردود الأفعال التي تصدر من المشايخ وكتاب الصحف حول المسلسل بشكل يومي.

ومن الممكن التطرق للقضايا الشرعية، ولكن بنظرة محايدة متزامنة تحقق الهدف المنشود من الحلقة وهو الإصلاح والتطوير، ولكن ما نراه هو تعزيز للخلاف بشكل غير مبرر.

وهنا أهمس في أذن بطلي المسلسل بأن يطبقوا على أنفسهما ما صوروه في حلقة التعايش، وذلك بالتقارب والتصافي مع منتقديهم، وأن يفتحا صفحة جديدة معهم عن طريق الحوار الصريح، ويناقشا القضايا التي فيها اختلاف فيما بينهم بكل وضوح وشفافية حتى نقول حينها إن الدراما المحلية لها دور مؤثر على القضايا الوطنية أسوة بالكثير من الدراما في الدول العربية الأخرى.

 

التعايش... وطاش ما طاش
د.محمد عبدالله الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة