Sunday  04/09/2011/2011 Issue 14220

الأحد 06 شوال 1432  العدد  14220

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الإبر الصينية.. كلمة محاطة بالإبهام والغموض. البعض يستهجنها، والبعض يفضلها على الطب الحديث.

شخصياً لا أتردد أن أعلن تحيّزي إلى جانب معظم الأشياء التي أتى بها الصينيون، فأعتقد أنّ هذا الشعب قد أوتي علماً وحكمة، ومنذ آلاف السنين والصين تنتج كل ما يحسن الصحة ويطيل العمر بإذن الله، فمن ذلك الشاي الأخضر والأبيض، ومنافعها عظيمة، ومن ذلك الرياضات القتالية، ومنها الرياضة البطيئة تاي تشي التي يمارسها المسنون الصينيون في المنتزهات صباحاً، وهي رياضة تنشط الدورة الدموية وتقوي العضلات وتمطّها، وأيضاً هناك الطعام الصيني الذي لا يتميز بأنه لذيذ فحسب، بل هو في الكثير من الأحيان صحي أيضاً لاحتوائه على الكثير من الدجاج والسمك والخضروات، ومما اخترعه الصينيون العلاج بالإبر الصينية، وأول ذِكر مسجل لها هو عام 200 قبل الميلاد، ولا زال الصينيون يمارسونها إلى اليوم، وفكرتها الشهيرة أنّ هناك طاقة تسري تحت الجلد في مسارات، فإذا انسدت المسارات بدأت الأمراض والآلام، والإبر تفتح المسارات.

هذا أقرب للأساطير، وحتى الآن لم أقع على تفسير علمي مُجمَع عليه، إلاّ أني وجدت تفسيراً يتوقع أن الوخز يحث الجسم على إفراز هرمون الاندورفين والذي يقتل الألم ويسبب النشوة. وقد سمعت كثيراً بالإبر الصينية ولكن لم أجرّبها، إلى أن أتت فترة في حياتي أحسست فيها أنّ ضغوط الحياة ازدادت كثيراً عليّ، حينها رغبت في تجربة الوخز بالإبر الصينية لرؤية إذا ما كانت تجدي فعلاً، فذهبتُ إلى مركز متخصص في هذا النوع من العلاج - وقد قرأت عنه لأتحرّى من كفاءتهم حتى ارتحت لهم - فلما وصلت قابلتني طبيبة صينية لطيفة، ومن خلال المترجم شرحت لها السبب في رغبتي العلاج بالوخز، وأنّ الضغوط النفسية قد اضطرتني للبحث عن وسيلة للتخفيف منها، فقالت لي إنه لا بد لي من حضور 10 جلسات على الأقل لأرى نتيجة، وبدأت العلاج، والذي حصل أنني استلقيتُ على سرير طبي بعدها قامت الطبيبة بغرس الإبر في مواضع معيّنة من جسدي، ذلك أنه لكل مرض مناطق معيّنة للإبر، وفي حالتي فقد وضعوا الإبر في جوانب وجهي بجانب العينين، وفي منتصف جبيني، وفي أعلى رأسي، وفي رقبتي وصدري وقدميّ وساقيّ، ولعل أبرز سؤال سيخطر في بال القارئ الآن هو نفس السؤال الذي بادرتُ الطبيبة بسؤاله في أول لقاء معها، وهو: «هل الإبر مؤلمة؟»، والحقيقة أنها مؤلمة قليلاً لكن ليس بالدرجة التي توقّعتها، ويجدر بي التنبيه إلى أنّ كلمة «إبرة» هنا لا تعني إبر مثل التي تستخدمها المستشفيات، فالإبر الصينية مختلفة، ذلك أنها رقيقة جداً، وبعضها غُرس في جسمي ولم أشعر بها، والمسألة تعتمد على كفاءة المعالج. عودة إلى جلساتي، بعد أن غُرِسَت تلك الإبر في جسدي قامت الطبيب بإحضار جهاز صغير له مشبكان أو كلابتان شبيهتان «بالاشتراك» الذي يُستخدم لشحن بطاريات السيارات، وكل من الكلابين يُشبَك في الإبر التي في العنق، أحدهما على اليمين والآخر على اليسار، ثم شغلوا الجهاز وأرسلَ نبضاً كهربائياً منتظماً (لا يؤلم)، بعدها أطفأوا الأنوار وخرجوا، وكان عليّ أن أظل مستلقياً لمدة 30 دقيقة والإبر مغروسة والنبض الكهربائي سارٍ، ويحثون على محاولة النوم. بعدها تأتي الطبيبة وتُخرج الإبر ثم أستلقي على بطني وتغرس الإبر في الظهر، والآن أجلس لمدة 20 دقيقة. بعدها تنتهي الجلسة.

أكملت برنامج الجلسات العشر كاملاً.

من تجربتي فقد وجدت أنني قد ارتحتُ نفسياً فعلاً وصرت أكثر استرخاءً، وبدأ هذا الشعور عند الجلسة الخامسة أو السادسة تقريباً.

هذا هو ملخّص تجربتي، ورغم أني لم أتحسن 100% إلا أنني أقدّر التحسُّن الذي شعرتُ به، فالضغط النفسي قوة هائلة مدمّرة، وقد رأينا في مقال سابق بعض الأمراض التي يسببها، تبدأ بالبسيطة وتنتهي بالقاتلة، فالتخفيف منه ولو قليلاً هو شيء دائماً مرحّب به.

كفانا الله وإياكم شرّ الضغوط ومضاعفاتها.

 

الحديقة
وخْزَات العلم الغامض
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة