Tuesday  06/09/2011/2011 Issue 14222

الثلاثاء 08 شوال 1432  العدد  14222

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

التربية والتعليم عمليـة معقّــدة ومتداخلة ولكنهـا في الأساس ترتكز على معلِّم وطالب ومنهـج، إضافـة إلى الزمان والمكان والحال، وما عدا ذلك يجب أن يصب في النهاية لخدمة أطراف العملية التعليمية هذه، وأحسنَت وزارة التربية والتعليم في الفترة الأخيرة بالتفاتتها الصادقة وبشكل جدِّي ومباشر للركيزة الأهم والقاعدة الأساس في نظري «المعلم»، وذلك بإعطائه حقوقه المادية، والسعي نحو دعمه معنوياً، وإعادة الثقة فيه في مجتمعاتنا المحلية، ومحاولة مراعاة ظروفه النفسية والاجتماعية، وأنا شخصياً أعول كثيراً على اللجنة الوزارية التي شُكِّلت مطلع هذا الأسبوع من قِبل صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود معالي وزير التربية والتعليم، وذلك من أجل دراسة وضع المعلمين والمعلمات الراغبين في النقل ولم تُتح لهم الفرصة لتحقيق رغباتهم خلال السنوات الماضية، ومعالجة وضعهم وتخفيف معاناتهم ليكونوا قريبين من أهلهم وذويهم، وليقوموا برسالتهم السامية في ظل ظروف وظيفية مناسبة تحقق لهم الاستقرار النفسي والأداء الأمثل، بما ينعكس إيجاباً على العملية التربوية والتعليمية.

إنني عندما أذهب مثل غيري كثير لأداء صلاة الفجر وأرى فتاة حديثة التخرُّج وخبرتها في الحياة معدومة، تخرج من بيت أهلها في ساعة مبكرة جداً وتركب سيارة خاصة مع زميلاتها وتنشأ سفراً طويلاً كل يوم ولا تعود إلاّ بعد صلاة العصر، وهكذا الحال على الدوام وطوال أيام العام الدراسي، وربما تكون على بند محو الأمية!!.. إنني عندما أرى هذا المشهد يتكرّر أتساءل في نفسي.. ترى كيف تستطيع هذه المعلمة أن تعطي الدرس كما يجب ؟، وإنْ كانت متزوجة كيف لها أن تجمع بين مسئولياتها كزوجة ومعلمة تقطع ما يقارب 400 كيلو متر يومياً قد يكون منها 50 كيلو متراً أو يزيد غير معبّد؟، فضلاً عن أن تكون هذه المعلمة تسكن عند أهل زوجها، أو أنّ لديها أطفالاً وعليها مسئوليات أخرى أو أنها تسكن في منطقة وزوجها في منطقة أخرى.. ومثال آخر هناك عدد ليس بالقليل من معلمي التربية البدنية والتربية الفنية قاربوا سن التقاعد ولم يتحقق لهم دخول المدن قريباً من بيوتهم وعند أهلهم وذويهم، وربما زاملهم تلاميذهم في المدارس النائية أصحاب التخصصات الأخرى!!، قصص ومآسٍ البعض منها جزماً يصعب التغلُّب عليه وحلِّه، ولكن هناك ما يمكن علاجه واحتواؤه بعد دراسته المتمعِّنة والنظر فيه من قِبل أهل الدراية والخبرة والاختصاص، ولعلّ من خطوات الحل الفعلية جعل المناطق التعليمية قطاعاً واحداً وإلغاء فكرة القطاعات المعمول بها الآن، ومنح مديري العموم للتربية والتعليم في المناطق المختلفة الصلاحيات المطلقة في التحرك بناءً على ما تمليه مصلحة العمل، وحثِّهم على تلبية الرغبات حسب المستطاع وعلى أساس المفاضلة العادلة، وفي ضوء الاحتياج الحقيقي في المدارس الذي تحدّده المعايير الوزارية المعروفة.

عموماً مجرّد الشعور بالمشكلة ومعرفة المعلِّم والمعلمة أنّ وزارتهما هي من تحاول علاج مشاكلهم والتخفيف عنهم، هذه في اعتقادي خطوة متقدِّمة في الطريق الصحيح من أجل تربية وتعليم أفضل.

إنني في ذات الوقت الذي أشيد فيه بالدور الإيجابي للوزارة في اهتمامها المباشر بالمعلم في « عام المعلِّم»، أتعزز للجنة الجديدة لأنني أعتقد أنّ المشكلة متراكمة ومعقّدة وربما يصعب النظر فيها بشكل جدِّي، ولذا ربما يكون هذا من الأسباب التي جعلت من سبق يتناساها، ولكن ثقتنا جميعاً بها كبير..

ويبقى دور المعلم في استشعار مسئوليته المباشرة عن أهمية الرسالة التي يحملها، وقيامه بالدور المناط به على أتم وجه وفي أحسن صورة، وتطوير نفسه دائماً في تخصصه وطرق التدريس التي هي السبيل الفعلي لإيصال المعلومة للطالب، وكيفية إفهامه وغرس الثقة لديه، وما إلى ذلك من إدارة الصف وأخلاقيات المعلِّم وميثاق المهنة و...

إنني أسأل مجرّد سؤال ونحن على مشارف عام دراسي جديد.. ترى ما الجديد المعرفي «التخصصي والمهاري» الذي تحمله أخي المعلم لتلاميذك هذا العام؟، وهل بالفعل عملت على تطوير ذاتك خلال إجازة نهاية العام؟؟

يبقى الأمل بالله عزّ وجل ثم بالمعلم كبيراً في بناء جيل الغد وتربيته وتعليمه على أحسن صورة، وذلك من أجل أن يكون قادراً على المنافسة العالمية في عصر العولمة الصعب، وكل عام دراسي وأنتم بخير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
"المعلِّم" مُطالب ومطلوبٌ
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة