Tuesday  06/09/2011/2011 Issue 14222

الثلاثاء 08 شوال 1432  العدد  14222

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

مرحباً بهذا العيد السعيد
عبدالعزيز صالح الصالح

رجوع

 

أنعم الله عز وجل على عباده بعد تمام شهر الخير والرحمة والغفران بعبادات كثيرة ذكرها الله عز وجل في محكم كتابه الكريم: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .ومن تلك العبادات التي يتجلى فيها الشكر والثناء لرب العباد هو حلول العيد السعيد عيد الفطر المبارك الذي يعتبر شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة.

ولا يكاد أحد يجهل أن العيد كلمة كبيرة لها معانيها العظمة ومدلولاتها الجميلة وإيقاعها المثمر على النفس البشرية.

فإنها تعيد بناء المرء من جديد؛ حيث إنها تزرع السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها وتزرع السرور الذي ينشط النفس، ويفرح القلب، ويوازن بين الأعضاء ويجلب القوة ويعطي الحياة قيمة والعمر فائدة وتزرع الحب والمودة والاحترام والتقدير بين الناس، وتوحد القلوب بين البشر؛ حيث إن العيد مناسبة عظيمة وجليلة يحمل بين طياته وجنباته معاني كثيرة في حياة الأمة الإسلامية كافة.

والفرح والسرور يتصف بسلامة القلب الذي لا يعتريه الحقد والحسد والغل والغش.

فالفرح والسرور نشوة نفسية غامرة لا يعبر عنها بالتوافر الساكن والمتكلف ولكن بالتفاعل الحيوي، والحراك المبهج واللهو الذي يشيع مشاعر الفرح، والسرور، ولذا أعطى الرسول -صلى الله عليه وسلم- النفوس نصيبها من ذلك وبخاصة في مناسبات الأعياد والأفراح ونحو ذلك.

إن التعبير عن مشاعر الفرح والسرور فطرة بشرية، والحفاوة بها سنة نبوية دل عليها هدي النبي الذي بعث بالحنيفية السمحة.

فقد وقف أبو الطيب المتنبي في مثل هذه الأيام المباركة مبتدئا قصيدته المشهورة بقوله:

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيك تجديد

فكل إنسان منا يسأل نفسه مراراً وتكراراً : كيف يستقبل المرء هذا العيد؟ الذي حل علينا بعد هذا الشهر المبارك، بعد هذا الشهر الفضيل شهر الخير والرحمة والمغفرة والعتق من النار: هل نكون كما كنا في حالتنا السابقة؟ ضعافاً أمام نقائصنا في ظلام دامس، في ظلام الغفلة واللهو. أم نستبدل ما بنا من الشر بالخير؟ أسئلة محيرة تحتاج منا التفكير والتأمل والتدبر كلما تأتي هذه المناسبة العظيمة فالمرء يجد نفسه بعدها وحيداً إلا من «الصمت» الذي يشمل الأكوان عندما ينادي المرء مستغيثا فلا يجد من يسمع نداءه.. ولست هنا بالمبالغ أو البريء من مصاعب الدنيا التي تحملها الكثير والكثير من الناس، وضاقت بهم الأرض ذرعاً بما رحبت ولم يجدوا سبيلا إلى الخلاص إلا باللجوء إلى خالق الكون سبحانه وتعالى أن يحيل التفرق ائتلافا والتناحر ألفة، والتباعد محبة ومودة والضعف قوة والتخاذل عزيمة وإصراراً؛ فإذا كنا نستقبل العيد بقلوب يعتريها الحقد والحسد والغل والغش فنحن في تلك الحالة لم نحسن استقباله. وإذا كنا نستقبله بالضغينة والقطيعة والجحود ونكران الجميل فنحن في تلك الحالة لم نحسن استقباله.

وإذا كنا نسعى للوقيعة بالآخرين فنحن في تلك الحالة لم نحسن استقباله.

وإذا كنا نستقبله بالتعالي والتكبر فنحن في تلك الحالة لم نحسن استقباله.

وإذا كنا نسعى للغيبة والنميمة فنحن في تلك الحالة لم نحسن استقباله.

وإذا كنا نسعى للتفرقة بين الإخوة والأحبة والأصدقاء والأقارب والأرحام فنحن في تلك الحالة.

لم نحسن استقباله - ولم نحسن توحيد الصف وتمزيق صفحات الخلافات السوداء ونبذ دواعي الحسد والحقد والكراهية والبغضاء والغل والغش، وفي تلك الحالة حاربنا كافة وسائل الوشاية والنميمة واقتربنا من الحقائق الواضحة الجميلة الخيرة فإذا لم نعمل على التكاتف والتعاون وزرع أواصر عرى المحبة والمودة لم نحسن استقبال هذه المناسبة العظيمة على الوجه الأكمل ومن فضائل هذا الشهر المبارك وما أكثرها وما أحلها!! لنا كإخوة في العقيدة الإسلامية الصحيحة وأن نُحب بعضنا بعضاً لنعيش في تعاون وتكاتف وتآلف ومحبة ومودة ويظهر هذا الحب جلياً وملموساً بشكل عملي في وجوب إخراج زكاة الفطر المبارك فنحن لابد أن نعطي الدليل القاطع على حبنا وتعاوننا لاخواننا في الإسلام والإنسانية وتدفع الزكاة لثمانية أصناف كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) سورة التوبة.

ولابد أن نمتعهم بما نتمتع به من خيرا فاض الله علينا فهم لهم حق في أموالنا، ونحن لا نشك ولا نعارض في ذلك أبداً نعطي هذا الحق استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى الذي فرض الزكاة علينا، واستجابة لهذا الحب الذي قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). الإسلام يقوم على المجتمع المتكافل المتعاون على البر والتقوى لا على الأنانية والإثم والعدوان (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

حيث إن الزكاة تساهم في إشاعة الأمن والأمان في المجتمع، فهي تنزع الأحقاد من نفوس الفقراء والمحرومين، وتطهر قلوب الأغنياء من الشحَّ والبخل خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَاٌ (103) سورة التوبة، وقال تعالى: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) سورة الحشر.

وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين ووصفهم بالفلاح: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} (2-4) سورة المؤمنون.

والزكاة عبادة مقترنة بفريضة الصلاة وهذه العبادة لم يختص بها الإسلام، بل هي فريضة في شرائع الأمم السابقة.

ويتجلى هذا الحب الذي تخرج به من رمضان في يوم العيد أيضاً عندما نقف في صلاته صفوفاً متراصة في خشوع وخضوع وتذلل وحب ورهبة وطمأنينة أمام (الخالق عز وجل) كما يظهر كذلك واضحاً عندما نتبادل الزيارات وعبارات التهاني الطيبة الجميلة بهذه الناسبة العظيمة ما أحسن العبارات الجميلة التي تتردد على الألسن بين الناس كافة.. ما أجمل الكلمات الرقيقة وما أجمل العبارات المضيئة حينما تعانق الشفاه.. ما أجمل الكلمات حينما تنبثق من أعماق القلوب.. لتعانق الوجدان وما أجمل الكلمات حينما تلامس المشاعر والأحاسيس.

وفي الحقيقة، نحن لو لم نخرج من هذا الشهر الكريم وعيده الفضيل إلا بهذا الحب العظيم لكفى.. لأصبحنا نعيش طوال أيام حياتنا سعادة وهناء وانشراحا وارتياحاً وأصبح المعروف يسود بيننا والتعاون كذلك فيعطف الغني على الفقير ويساعد القوي الضعيف ويرحم الكبير الصغير ويزور السليم أخاه المريض.. وهكذا..

ويعفو بعضنا عن هفوات البعض حتى نعيش في صداقة ومحبة ومودة وتسامح ووئام شامل مبني على القول والفعل يجعلنا نفكر كثيراً في صالح الآخرين كما نفكر في صالحنا.

وفي الختام.. أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام والدنا وقائدنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه وسدد على دروب الخير خطاه- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود والأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل وإلى الأمتين العربية والإسلامية والعربية..

ونلهج بالدعاء لولاة أمرنا على ما يبذلون من جهود لخدمة الإسلام والمسلمين.. وأن يحفظ علينا أمننا ويديم أفراحنا وأقول من كل قلبي.. للجميع من العايدين. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.. وكل عام وأنتم بخير والله الموفق والمعين.

- الرياض

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة