Friday  09/09/2011/2011 Issue 14225

الجمعة 11 شوال 1432  العدد  14225

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يمكننا القول إن الأسواق أمام المستثمرين يمكن قسمتها إلى عدد من المجاميع فهناك الأسواق المالية الأوروبية، وأسواق أمريكا الشمالية، وهي أسواق لا يدعو وضعها الحالي إلى التفاؤل، كما أن التطلعات المستقبلية للاستثمار طويل الأجل في أسواقها المالية غير مطمئن، فماذا يمكن للمستثمر الارتكاز عليه في قراره للاستثمار في تلك الأسواق فحكوماتها مثقلة بالديون، وتكاليف اليد العاملة مرتفعة جداً لدرجة تجعلها غير جديرة بمنافسة غيرها من الدول، ويظل في أيدي تلك الدول ميزتين قد تتفوق بهما على نظيراتها من الأسواق، فالاستقرار السياسي، والقدرات الإبداعية واكتشاف ما هو جديد ميزتان سائدتان، وربما تستثمر في المستقبل، إلا أن قدرات المنتجين في دول أخرى مثل الصين والهند والبرازيل، وغيرها، قد تحد من هيمنة تلك الدول الإبداعية.

ولعل النمط السياسي الديمقراطي السائد في تلك الدول يلعب دوراً جيداً في الحد من اتساع رقعة الديون، لكن الجنوح إلى التقشف قد يسبب مشاكل اجتماعية كما رأيناها في اليونان وإسبانيا وإيطاليا، ومع هذا فإن تلك الدول لن تكون قادرة في المدى المتوسط على الخلاص من ديونها لكنها قد تكون قادرة على الحد من تفاقمها.

والمجموعة الثانية هي الدول الآسيوية بقيادة الصين، وهذه الدول سوف تستثمر في نموها القوي، وشبه الثابت وغير المبعثر فهي لا تعاني من ضائقة الديون، وما زال مجال النمو فيها متاحاً، فدولة مثل الصين ستظل لأمد بعيد تحتاج إلى الكثير من الخدمات والبنى التحتية، مما يجعل فرص الاستثمار والنمو فيها متاحة، كما أن مساحاتها شاسعة، فهي تبلغ نحو تسعة مليون وأربعمائة ألف كيلو متر مربع، ويقطنها نحو ترليون وثلاثمائة مليون نسمة أي نحو خمس سكان الأرض.

وأستراليا التي تقع في أقصى الجنوب الشرقي للعالم تزخر بكمية هائلة من الموارد الطبيعية التي يحتاجها العالم. وستظل اليابان الوحيدة في ذلك الجزء من العالم الذي يعاني من ديون تعادل ضعفي إجمالي إنتاجها الوطني، وقد حلت بها كوارث طبيعية كبيرة، كما أن نموها الاقتصادي أصبح محدوداً، وزادت قيمة عملتها أمام العملات الأخرى لاسيما الدولار مما جعل منتجاتها غير منافسة في الأسواق العالمية.

وهناك مجموعة أخرى تتمثل في دول الخليج وروسيا وهي دول تعتمد في الغالب على سعر النفط الذي يمثل عصب اقتصادها، إلا أن روسيا تزيد على تلك الدول بميزة الموارد الطبيعية غير النفطية، لكن عدد سكانها نحو مائة وخمسين مليون نسمة مما يجعل نصيب الفرد من تلك الموارد الطبيعية أقل مقداراً، وهذه المجموعة ستظل دولاً جيدة للاستثمار طالما أن أسعار النفط عند مستويات مناسبة، كما أن دول الخليج قد حققت فوائض مالية كبيرة في الفترات الماضية، مما يجعلها قادرة على سد أي عجز قد ينشأ من انخفاض أسعار النفط العالمية في المستقبل، لكن ذلك سيكون لفترة معينة، وتعتبر هذه المجموعة أفضل الدول للاستثمار، لاسيما أن عدداً لا بأس به من الشركات المدرجة في أسواقها تمنح أرباحاً تصل في بعضها إلى نحو عشرة في المائة، وهو رقم كبير جداً يفوق ما يمكن الحصول عليه من الاستثمار في أسواق السندات المالية، أو الصكوك الإسلامية، أو الفوائد من البنوك، أو حتى الاستثمار العقاري لكن ما يجعل المستثمر يحجم عن الاستثمار هو خوفه من المستقبل.

وتبقى دول عربية، وإفريقية، ودول أمريكا اللاتينية، يتواجد بها فرص هنا أو هناك، لكنها تحتاج إلى خبير بأحوالها ودهاليز استثماراتها، فهناك دول غير مستقرة سياسياً أو دول أخرى لديها مفاتح استثمار خاصة بها، وربما تكون عوائدها كبيرة، لكن مع مخاطر عالية.

ولهذا ففي ظل هذا المناخ العالمي الذي يقوده الغرب بأسواقه ذات المستقبل غير المضيء، فلا ريب أن تلك الأسواق الأخرى بميزتها وجاذبيتها ستكون أسيرة الأسواق الغربية في السنوات القادمة، حتى يتحرر المستثمر العالمي من ذلك الربط غير المبرر بأسواق الغرب المترنحة.

 

نوازع
المستثمر وأسواق الغرب
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة