Saturday  10/09/2011/2011 Issue 14226

السبت 12 شوال 1432  العدد  14226

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

عندما أستمع إلى خطابات القذافي بعد هروبه، أتذكر على الفور قصة طريفة بطلها فلاح من نجد عاش قبل توحيد البلاد. تقول الحكاية إن قطاع الطرق «الحنشل» جاؤوا إلى مزرعة هذا الفلاح، وهموا بسرقة البقرة وهي أعز ما يملك، وكان حينها موجودا وراء جدار سطح المنزل، فما كان منه إلا أن صرخ قائلا: «وأنا أخو منيرة.... والله ما تاخذونها وراسي تذراه الذواري» - أي لن تسرقوا البقرة وأنا حي-. حينها قال له أحد الحنشل: «سهلة يا أخو منيرة.... بيّن رأسك»، ولما بيّن المسكين رأسه، كانت نهايته المحتومة، ولكنها كانت نهاية رجل شجاع مات دون حقه. لا يراودني شك أن ثوار ليبيا عندما يسمعون تهديدات القذافي من حفرته، يقولون: «تبين يا أخو......»، ولكنه لن يفعل، لأنه ببساطة «جبان». الغريب أن القذافي وصفهم بأنهم «جرذان»، وكأنه لا يعلم أن التاريخ سينصفهم ويبين لكل العالم أنه هو الجرذ الحقيقي.

هذا الفلاح مات دون بقرة، أما القذافي فلم يكن مستعدا أن يجرب الشجاعة حتى في الذود عن حكم دولة، وهذا يبين مدى الجبن الذي كان يتمتع به.كان ألد أعدائه يتوقعون ألا يغادر آخر حصونه - باب العزيزية-، خصوصا وأنه كان مستودع أسراره على مدى عقود، ولكنه فاجأ حتى هؤلاء بجبنه وتخليه عن أقرب الناس إليه في مثل هذه اللحظات الحرجة التي تبين معادن الرجال، وحسنا فعل.

اتضح من مستودع الأسرار في باب العزيزية أن هناك تعاونا وثيقا بين الرجل الذي يزعم عداءه للغرب وبين أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية!، فقد بينت الوثائق أن هاتين الدولتين أرسلتا العديد من السجناء المتهمين بالإرهاب إلى سجونه للتحقيق معهم تحت التعذيب وبإشراف شخصي منهم!. أيضا اتضح أن الزعيم توني بلير وشخصيات أخرى بارزة هي التي كتبت رسالة الدكتوراه لسيف الإسلام!، وهذه نقطة في بحر فضائح هذا النظام البائس.

أما أهم الفضائح فهي أن سيف الاسلام - وبأمر من والده- طلب من إسرائيل أن تتوسط لإيقاف حزب الناتو من المشاركة في ضرب ليبيا في مقابل إقامة علاقات كاملة معها، وعلى أن يزور سيف الاسلام اسرائيل ويلقي خطابا في الكنيست كما فعل السادات !. ومع أن اسرائيل فكرت في هذا الأمر، إلا أن سقوط طرابلس كان أسرع منهم جميعا. اذا هؤلاء الجبناء مستعدون للتخلي عن كل مبدأ في سبيل البقاء في السلطة، ولعل من اطلع على أسلوب حياتهم لا يستغرب ذلك أبدا.

وليس القذافي وحده الذي يتشدق بمحاربة الغرب ويتنازل له كل ما طلب ذلك، فالنظام السوري الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين، والذي لم يخجل من قتل الأطفال والتمثيل بجثثهم، ولا زال يعتقل الشاعرة الشابة « طل الملوحي، له تنازلات لا يمكن حصرها، فهو يتعامل بوجهين، أحدهما «مقاوم» للداخل، والآخر «مسالم» للخارج البعيد أو إن شئت العدو!، فالسلطة لا تقاوم.

وختاما، مع احترامي لكل شعراء العربية قديمهم وحديثهم، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يخلد ما يجري في عالمنا العربي هذه الأيام مثل الراحل نزار قباني، فمثلما أنه خلد «هزيمة حزيران» بقصائد تاريخية تقطر ألما ودما، فإنه بالتأكيد كان سيضفي بعدا جديدا على ما يسمى بالربيع العربي.

فاصلة:

«والخيل تبدأ من دمشق مسارها..... وتشد للفتح الكبير ركاب

والدهر يبدأ من دمشق وعندها...... تبقى اللغات وتحفظ الأنساب

ودمشق تعطي للعروبة شكلها .... وبأرضها تتشكل الأحقاب «

amfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
أخو منيرة!
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة