Wednesday  14/09/2011/2011 Issue 14230

الاربعاء 16 شوال 1432  العدد  14230

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

 

الصراع من أجل سوريا
ريبال الأسد

رجوع

 

بينما يزداد العنف في سوريا فإن الشلل الذي أصاب المجتمع الدولي قد أصبح صارخاً بشكل متزايد. لكن دور القوى الإقليمية الخارجية في تأجيج سفك الدماء محلياً هو تقريباً بنفس أهمية ما يحدث داخلياً. لو تمكنت سوريا من التحرر من التأثيرات السلبية للسياسات الإقليمية فإن التغيير الحقيقي بدون العنف المستمر قد يصبح ممكناً.

إن سوريا بحاجة لأن تكون قادرة على إدارة مكوناتها العرقية والدينية وأن تكون هي من يحدد موقفها فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. لكن هذا يصبح أكثر صعوبة عندما تقوم البلدان المجاورة باستغلال التركيبة غير المتجانسة للبلاد من أجل تنفيذ برامجها القائمة على أساس الهيمنة.

إن سوريا في واقع الأمر تقع في وسط قوى جيوسياسية قوية وعدائية فيما بينها ففي الشرق تقع إيران بخطابها المعادي لأمريكا والغرب بالإضافة إلى طموحات إقليمية واسعة. أما إلى الجنوب فتوجد هناك السعودية بصداقتها الطويلة مع الولايات المتحدة الأمريكية وعدائها المتأمل للفوضى وفي الشمال هناك تركيا وهي دولة مناصرة لأوروبا وتعتبر دولة علمانية وديمقراطية بشكل عام علماً أنها تسعى لأن يكون لها نفوذ في جميع أرجاء العالم العربي.

إن المنطقة في سوريا وحولها مأهولة بمجموعات إسلامية متطرفة تحاول أن توسع من نطاق نفوذها ولقد كانت سريعة في استغلال حالة عدم الاستقرار في أي بلد. إن سوريا على وجه الخصوص غير حصينة في هذا الخصوص بينما يقوم المتطرفون بالتحريض على العنف ضد الأقليات الدينية مستخدمين في ذلك على سبيل المثال محطات تلفزيونية في الخليج ومصر.

إن النظام الحالي في سوريا وفي سعيه الشرس للبقاء في السلطة يرفض الاعتراف بمطالب المحتجين السلميين في الحرية والكرامة. لو قام النظام بإقرار تلك المطالب وتلبيتها فإن الإسلاميين لن يكون بإمكانهم اختطاف تلك المظاهرات.

بالرغم من ذلك فإن التغيير السلمي يمكن تحقيقه كما أن بإمكان المجتمع الدولي التأثير في تلك المسيرة عن طريق الإقرار بأن الاستمرار في التركيز على الطابع «المعقد» للبلاد لا يخدم أبناءها وفي واقع الأمر فإن الهوس بالتنافس الطائفي يوفر للقوى الخارجية المزعزعة للاستقرار الأكسجين الذي تحتاجه من أجل خطابها التحريضي.

لو لم يتم التصدي للتحريض ضد الأقليات الدينية السورية من قبل المحطات التلفزيونية المتطرفة بالتوازي مع السلوك الإيراني الضار كذلك فإن النتيجة يمكن أن تكون المزيد من سفك الدماء مع جر الشعب السوري إلى حرب ينخرط فيها الجميع ضد بعضهم البعض.

إن المجتمع الدولي سمح للتغيير في تونس ومصر بالمضي قدماً حسب واقع تلك البلدان نفسها. أما في سوريا غير محبذ التدخل العسكري على الطريقة الليبية ولكن هناك حاجة للتدخل الدبلوماسي وذلك حتى يتسنى للناس في ذلك البلد تقرير مستقبلهم.

إن الواقعية المتعلقة بالتحديات التي تواجه حركة المعارضة السورية والمجتمع الدولي على حد سواء تحد من نبرة التفاؤل المتعلقة بمستقبل الشعب السوري. إن التغيير الدراماتيكي والسريع قد ينتج عنه فشل مطول ولحسن الحظ فإن السوريين ليس لديهم ميل للعنف فبالنسبة لهم فإن التغيير السلمي والتدريجي هو الخيار الأفضل وهذا يتطلب حواراً» وطنياً» بإشراف المجتمع الدولي يهدف إلى تدعيم الوحدة الداخلية مما يعني حماية البلاد من التدخلات الإقليمية.

عادة ما يتم وصف الوضع في سوريا - وهذا وصف صحيح - على أنه ملعب معقد ومتعدد الأبعاد مع وجود مجموعة واسعة من اللاعبين السياسيين والمصالح المتنافسة. لكن لا يوجد تركيز كاف على رغبة الشعب السوري البسيطة بإصلاح حقيقي وبالمزيد من الحرية الشخصية والفرص الاقتصادية.

لقد عاش السوريون تحت ظل الدكتاتورية وبدون انقطاع لمدة 40 عاما ومعها عانوا من الصعوبات الاقتصادية الكبيرة بما في ذلك البطالة العالية والزيادة في أسعار المواد الغذائية والفساد المستشري والآن هم يعانون من نقص المياه وعجز الميزانية والتي زادت بسبب التراجع في الإيرادات النفطية. لكن الشعب السوري هو شعب يتمتع على نحو رائع بالمرونة وسعة الحيلة بالإضافة إلى كونه شعب شاب ومتعلم. نحن بإمكاننا مع توفر المساعدة الدولية لتطوير المؤسسات الديمقراطية في سوريا والبنية التحتية السياسية أن نبني مجتمعا مدنيا قويا يمكن أن يفرض هويته وسيادته وبشكل مستقل عن أي نفوذ خارجي غير مناسب. إن سوريا جديدة مبنية على أساس المبادئ الديمقراطية لن تفيد السوريين فحسب ولكن ستكون أيضاً عامل استقرار في جميع إرجاء المنطقة.

*مدير منظمة الديمقراطية والحرية في سوريا

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة