Wednesday  14/09/2011/2011 Issue 14230

الاربعاء 16 شوال 1432  العدد  14230

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ولأن البعض لديه حساسية من مصطلح الليبرالية، فإنني هنا لا أتحدث عن الليبرالية بتفاصيلها الأيدلوجية وإنما عن بعض المكونات العامة والتي تنضوي تحت مفهوم الليبرالية كمؤشر لحرية الاختيارات. الأمر الذي أركز عليه هنا يتمثل في إتاحة الخيارات المتعددة للإنسان ليقرر ما يناسبه منها ضمن أقل القيود الممكنة، وبالتالي تحمل الفرد مسؤولية اختياراته.

وهنا يصبح النظام الذي يقدم خيارات أوسع لمنسوبيه هو النظام الأكثر انفتاحا ويشمل ذلك خيارات الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار والاختيار.

مع الأخذ في الاعتبار المحيط الاجتماعي وما يشمله من ثوابت محددة.

السؤال الذي تحاول هذه المقالة إجابته هل نظام التعليم الجامعي لدينا نظام ليبرالي؟ هل هو نظام يتيح الخيارات والمشاركة على المستوى الأكاديمي والتنظيمي والاجتماعي أم أنه يتراجع في هذا الشأن لصالح الشمولية والمركزية وتقييد الخيارات الأكاديمية بمختلف أنواعها؟ عندما ننظر إلى تعليمنا الجامعي نجده بدأ متنوعاً مستقلاً يمنح الخيارات المتعددة لمنسوبيه سواء الطلاب أو أعضاء الهيئة التدريسية، كما أنه امتاز بالمشاركة الواسعة لمنسوبيه في صنع القرارات بما في ذلك تبني أسس ديموقراطية متقدمة في اختيار قياداته وفي صنع قراراته المتنوعة.

لكن ذلك التنوع وتلك المشاركة أخذت في التلاشي يوماً بعد يوم حتى أصبح تعليماً متشابهاً شمولياً مركزياً موجهاً وبالتالي أفتقد الدافعية الداخلية والخارجية للتطوير والإبداع.

لقد كان الطالب الجامعي في الماضي صاحب قرار في اختياره للتخصص الذي يريده وفي اختيار المواد التي يسجلها وفي اختيار المواد الإضافية والاختيارية التي يرغبها.

أما طالب اليوم الجامعي فلم يعد لديه القدرة على الاختيار وأصبح موجهاً ومجبراً على اختيار ما يملى عليه حتى ولو كان يتعارض مع ميوله وتوجهاته وقدراته المختلفة.

هل أسوأ من أن يدخل الطالب الجامعة وهو لا يعرف التخصص الذي سيدرسه ولا يحق له اختيار الكلية التي يلتحق بها؟ أي حرية اختيار أو ليبرالية أكاديمية أو تنوع ثقافي هذا الذي يتحكم في مستقبل أبنائنا وبناتنا ويصادر أبسط حقوقهم في اختيار تخصصاتهم ومستقبلهم المهني ويجعلها قيد معايير طبقية خلقتها نظم أكاديمية غير ناضجة علمياً وفكرياً وثقافيا تحت مسميات مثل السنة التحضيرية والنظام السنوي الذي تدعي جامعاتنا تطبيقه بفاعليه؟ كذلك الحال بالنسبة لعضو هيئة التدريس المفكر والباحث والأكاديمي، لم تعد المنافسة والكفاءة معياراً رئيساً في توليه المنصب القيادي الأكاديمي أو المشاركة في صنع القرار الأكاديمي وإنما أصبحت العلاقة الاجتماعية والتوجهات الإدارية العليا هي الأساس الذي يتيح له تولي منصب قيادي أو المشاركة في لجنة ما.

لم تعد هناك آليات ديموقراطية في الاختيار ولم يعد التنوع سمة في توجهات أعضاء هيئة التدريس.

يحدث ذلك على مستوى الجامعة الواحدة ويحدث على مستوى جامعاتنا وتعليمنا العالي بصفة عامة الذي أصبح يدار مركزياً عبر نظرة إدارية موحدة لا تراعي التميز والاختلاف والفروقات التي يفترض أن تنشأ بين جامعاتنا ومؤسساتنا الأكاديمية المختلفة.

حتى مجالسنا الأكاديمية بما فيها المجالس العليا أصبحت مكبلة وموجهة وكأنها مجالس شكلية موجهة ومليئة بالمجاملات تفتقد فيها حرية واستقلالية التفكير والمشاركة تتباهى جامعاتنا بمراتب متقدمة في التصنيفات العالمية، دون السؤال عن القيم الفكرية والثقافية والأخلاقية التي تضيفها لمجتمعنا.

والمؤسف هنا أن الموضوع هو ليس مجرد تنظيم وإدارة بل يمتد على مستوى الفرد عضو هيئة التدريس الذي أصبح مجرد موظف يفتقد المبادرة نحو التنوير الأكاديمي والثقافي والفكري والأخلاقي.

malkhazim@hotmail.com
 

نقطة ضوء
ليبرالية التعليم الجامعي تتراجع
د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة