Monday  19/09/2011/2011 Issue 14235

الأثنين 21 شوال 1432  العدد  14235

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قبل ثلاثة أيام انتشت نفوس مواطني بلادنا العزيزة بهجة وسروراً بطلعة اليوم الوطني لهذه البلاد؛ مفتخرة بوطنها؛ انتماء وإنجازاً وحدوياً وعمرانياً، وانهالت الخواطر حول ما كانت عليه الحال وما وصلت إليه.

وكاتب هذه السطور واحد من المنتشين بتلك البهجة المفتخرين بذلك الانتماء وهذا الإنجاز الوحدوي والعمراني.

وهو اليوم يستحسن إعادة ما سبق أن عَبَّر عن مشاعره تجاه الوطن، الذي يعيش سعيداً في ظلاله الوارفة، قائلاً:

لي مِوطنٌ يتسامى عزة وعلا

إن سابقت لبلوغ المجد أوطان

تاريخه سفر أعلام صحائفه

على فضائل ما شادوه برهان

يفوح من سيرة الهادي وشرعته

عطراً نسائمه عدل وإحسان

أقامها دولة عزت بدعوتها

أن لا يذل لغير الله إنسان

والناس في ظلها الحاني سواسية

لا شيء إلا التقى للفضل ميزان

وما اختفى لعظيم راشد علم

إلا بدا من به الأعلام تزدان

وانشق من كبد الصحراء فارسها

يحدو فتنقاد أبطال وفرسان

ويرفع الراية الخضرا مُوحدة

فتستجيب رُبىً عطشى ووديان

وتنتشي طربا نجد معانقة

للساحلين وتبدى الحب نجران

مرابع رحبات المسجدين لها

تاج تتيه به فخراً وعنوان

وجنة من غراس الخير كم سعدت

بفيضها الرغد أجناس وألوان

وكان من محاولتي التعبير عن افتخاري بالوطن؛ مكانة ومنهجاً وإنجازاً، قولي في أبيات من إحدى القصائد؛ مصوراً الوطن معشوقة مالكة للفؤاد:

ومليكة القلب الولوع مليحة

ما طوقت خصرا ولا رشفت لمى

عذرية حلل الطهارة ثوبها

ما أروع الثوب النقي وأعظما!

وطن تضم المسجدين رحابه

أرأيت أطهر من ثراه وأكرما؟

وعلى الشريعة أسست أحكامه

غراء أنزلها الإله وأحكما

ومظاهر الإنجاز أصدق شاهد

عما بناه حضارة وتقدما

وأنا الذي أرواه فيض نمائه

وزها بما قد شيد فخرا وانتما

واليوم الوطني لبلادنا الحبيبة إحياء ذكرى لما تم سنة 1351هـ/1932م؛ إذ أعلن توحيد مناطق البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية. وكان ذلك تتويجاً سياسياً موفقاً لإنجاز عظيم أعاد إلى هذه المناطق وحدتها. وكانت أولى خطوات إعادة تلك الوحدة هي ذلك النجاح الذي تحقق على يد الملك عبدالعزيز ورفاقه -رحم الله الجميع- في صباح الخامس من شوال عام 1319هـ، الخامس عشر من يناير سنة 1902م، عندما أعاد الرياض عاصمة إلى آل سعود.

وكانت انطلاقة توحيد البلاد قد بدأت، عام 1157هـ/1744م، بالمبايعة المباركة، التي تمت في الدرعية، ذلك العام، بين حاكمها الحصيف محمد بن سعود والشيخ المصلح محمد بن عبدالوهاب، رحمهما الله. وكان أساس تلك المبايعة إعلاء راية توحيد الله، الذي هو جوهر رسالات الأنبياء جميعهم عليهم أفضل الصلاة والسلام، والعمل على إزالة البدع والخرافات المنافية لجوهر ذلك التوحيد. وبتلك المبايعة بدأت الدولة السعودية الأولى التي تمكنت من توحيد أكثر مناطق شبه الجزيرة العربية. ولم تكن رياح توحيدها رخاء؛ إذ استغرق توحيد منطقة نجد وحدها أكثر من أربعين عاماً من الكفاح المرير. ولقد أوضحت كتب التاريخ، التي تناولت تاريخ الوطن، مسيرة ذلك الكفاح بالتفصيل، كما أوضحت ما واجهته الدولة السعودية الأولى من غزو خارجي قضى عليها سنة 1233هـ/1818م. وأوضحت تلك الكتب، أيضاً، ما تم من إعادة للحكم السعودي على يد الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود. وما واجهته الدولة السعودية الثانية من مشكلات خارجية وداخلية حتى انتهت عام 1309هـ/1891م. ولم يمض عقد من الزمن على نهاية الدولة السعودية الثانية إلا وقد بدأ الملك عبدالعزيز -تغمده الله برحمته- خطوته الأولى لإعادة توحيد الوطن. وكان مما ساعده في مسيرته التوحيدية -بعد توفيق الله- ما كان يتحلى به من صفات قيادية من أبرزها: التدين؛ دعوة وسلوكاً، والكرم الجزيل، والشجاعة المتزنة الواعية، وحسن التخطيط الحربي، وقوة الإرادة، وعمق معرفته بقومه، ووعيه بتاريخ أسلافه؛ إضافة إلى كون أكثر السكان يُكنون وداً لأولئك الأسلاف، الذين ذاقوا على أيديهم ثمار الوحدة؛ أمناً واستقراراً، وإلى وجود ظروف استطاع -بحصافته وفكره الثاقب - أن يستثمرها لإنجاح مسيرة التوحيد. ووصلت تلك المسيرة - بفضل من الله يستوجب الشكر - إلى الهدف المنشود حتى أصبحت أكثر مناطق شبه جزيرة العرب تنعم في ظل وحدة وارفة.

على أن من صفات الملك عبدالعزيز، رحمه الله، سعة أفقه في نظرته إلى الأمور الحضارية المستجدة. فكان أن تبنى خطوات رائدة آتت أكلها في كثير من جوانب الحياة. وما كان اهتمامه قضايا الأمتين العربية والإسلامية. ذلك أنه -وهو العربي المسلم- قد أدرك وآمن أن هذا الاهتمام واجب تمليه أخوة الإيمان، وأواصر الانتماء، وواقع المصير المشترك. ولقد كانت قضية فلسطين - وما زالت- هي القضية الكبرى لأمتنا؛ عرباً ومسلمين. وكان موقفه تجاهها موقفاً مشرفاً معروفاً دونته كثير من كتابات المنصفين الذين تحدثوا عن تاريخ تلك القضية. وإن الحديث عن اليوم الوطني شيق تطيب النفس بالبوح به. ولا يملك المرء إلا أن يحمد الله ويشكره على توفيقه وعونه حتى تحقق ما تحقق من توحيد لأجزاء الوطن، وبناء لنهضته الحضارية. وأن يدعوه - سبحانه وتعالى - أن يحفظ الوطن وحدته- ويزيد أهله؛ قادة ومواطنين، توفيقاً وسداداً.

 

تجدد البهجة باليوم الوطني
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة