Monday  19/09/2011/2011 Issue 14235

الأثنين 21 شوال 1432  العدد  14235

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عندما قرأت عن انعقاد المؤتمر العالمي: «ظاهرة التكفير.. الأسباب.. الآثار.. العلاج»، والذي سيعقد في المدينة المنورة - خلال الأيام القادمة -؛ لإيضاح الحكم الشرعي للتكفير، وبيان جذوره الفكرية، والتاريخية، والوقوف على أسبابه، وآثاره، وتقديم الحلول المناسبة لعلاجه، تذكرت - مرة أخرى - قصة التكفير، وكيف أنها قصة قديمة، ظهرت منذ عهد الخوارج الذين تمسكوا بظواهر النصوص، واتباع المتشابهات، وترك المحكمات.

كانت أول البدع ظهورا في الإسلام، فتنة التكفير، وكان أول المبتدعة أظهرها ذما في السنة النبوية، هم الخوارج. - ولذا - قال - شيخ الإسلام - ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى: «أول البدع ظهورا في الإسلام، أظهرها ذما في السنة، والأثر: بدعة الحرورية المارقة، فإن أولهم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه: اعدل يا محمد! فإنك لم تعدل. والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مستفيضة في وصفهم، وذمهم». وقال - الإمام - أحمد بن حنبل - رحمه الله -: «صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه، وقد خرجها مسلم في صحيحه، وخرج البخاري طائفة منها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم :- «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية». وفي رواية: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان».

يُعتبر الجهل أحد أهم معالم ظاهرة التكفير، - إضافة - إلى اتباع الهوى، والأقوال الشاذة، وبهذه الأسباب مجتمعة، يشوهون صورة الإسلام، ويرسمون صورة نمطية سيئة عنه، ويظهرونه أمام العالم، بأنه: دين الإرهاب، وسفك الدماء، ونهب الأموال، وانتهاك الأعراض.

ولعظم شأن التكفير، فقد جاءت النصوص الشرعية محذرة من المجازفة فيه، مع التأكيد على عدم الخوض فيه إلا لمن تمكن في العلم من أهله المعتبرين؛ لما يتمتعون من نظر دقيق، وعلم عميق، بعد تطبيق شروط التكفير، وانتفاء موانعه. بل إن عموم النهي عن تكفير المسلمين، وردت فيه الكثير من نصوص الكتاب، - ومثلها - السنة، إذ لا بد من التفريق بين الحكم النظري، والتطبيق العملي، فلا تكفير إلا بعد قيام الحجة، وبيان المحجة. وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة، فهم وسط بين مسرفين، وغلاة في هذا الباب.

وإذا كان للتكفير لوازم، يحدث بسببها خلل في المجتمع، وتمزيق في أواصر الأمة، فإن حالة الغلو في التكفير، كما ذكرها - أخي - بدر العامر: «حالة متصاعدة، ومن يتابع النفسية الغالية بدقة، يجد أنها تترحل في الغلو درجات تلو درجات، ومن يقرأ في أدبيات الجماعات الغالية، يجد العجب العجاب من هوس الحكم على الناس بالتكفير، ونزعة التدمير التي وصلت إلى التنظير؛ لخلق حالة من - الفوضى - في العالم الإسلامي، أو ما يسمونه بإدارة التوحش، والتخطيط؛ لتدمير البنى الحضارية، والمدنية للعالم الإسلامي، ومن ثم البناء من جديد على رؤية هذه الجماعات، ويدخل في هذا التخطيط؛ ضرب منابع النفط، وتدمير مصدر رزق المسلمين، ولا عجب من هذا، فقد أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن سبب هلاك الأمم من قبلنا الغلو في الدين، فقال عليه الصلاة والسلام: «إنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» رواه أحمد، والمحصلة من هذا - كله -، والذي رفضه الجميع، هو إحداث حالة الفوضى في العالم الإسلامي، وإسالة الدماء، والإخلال بالأمن، ودخول الناس في دوامة من العنف، لا يعرف مداها إلا الله».

بقي أن أقول: التكفير، هو عمدة الفكر الإرهابي، وكل من أطلقه على الحكّام، وسحبه على المجتمعات دونما تفصيل، ومعرفة بالأحوال، ودراية بالوقائع، فهو يسير على نهج الخوارج منذ القدم، وقد قال المزني - رحمه الله :- «الخوارج، خرجوا على الأئمة بالسيف؛ لإنكار المنكر، فوقعوا في أنكر المنكر من تكفير الأئمة، وإنكارهم السلطان، وتكفيرهم الأمة بالصغائر، وهذا من أبدع البدع، وهؤلاء كلاب أهل النار».

drsasq@gmail.com
 

مأزق فتنة التكفير!
د.سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة