Monday  19/09/2011/2011 Issue 14235

الأثنين 21 شوال 1432  العدد  14235

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

أقولها بملء فم الرفض لهذا المنهج (الإثاري) الخطير: بئس بالجرائم وأخبارها غذاء تملأ به الصحافة أمعاءَها كل يوم، إنه الغذاء الفاسد الذي تنتفخ به أحشاء الصحف، وتمتليء به صفحاتها لإثارة القارئ المغرم بغرائب الأقوال والأحداث، لدفعه إلى شراء الجريدة متفاعلاً مع عناوينها الملتهبة: (أب يقتل زوجته وأبناءه بدم بارد، أم تذبح زوجها بالسكين من الوريد إلى الوريد وهو نائم، ابن ينتقل من مقر عمله إلى مقر سكن أبيه وأمه ليقتلهما طعناً بالسكين، زوجة أب تذبح ابن زوجها وتقطع جسده، وتضعه في كيس القمامة، وتلقي به في أحد صناديق النفايات..). عناوين صارخة مثيرة تعتمد عليها كثير من الصحف طعماً تصطاد به القراء الذين يشغلون أنفسهم، ويضيعون أوقاتهم، ويحرقون أعصابهم بملاحقة هذه الأخبار المقدمة بأسلوب صحفي مبالغ في الإثارة.

إنه الزاد الخبيث الرخيص الذي تتغذى به تلك الصحف واضعة نصب عينيها الترويج وزيادة عدد النسخ المباعة على حساب الإنسان والمجتمع الذي يتأذى من نشر هذه الأخبار وترويجها.

إنه أرخص عمل صحفي لأنه يستمد مادته من أقسام الشرطة، وأروقة التحقيق والادعاء العام، وقاعات المحاكم، وروايات الناس التي لا زمام ولا خطام، ولأنه عمل صحفي يسهم في إشاعة القلق والرعب والأرق في نفوس عامة الناس، ويتيح مجالاً أوسع لتناقل أخبار الجرائم والمنكرات، والمعاصي، وأنواع الانحراف السلوكي والخلقي، وهذا دور سيء في المجتمع والأمة، وفي داخل الأسرة التي تتغذى بهذه الأخبار السيئة كل يوم.

إن المجتمع البشري بصفة عامة لا يمكن أن يخلو من مظاهر الجريمة والانحراف، تزيد وتنقص بحسب قرب هذا المجتمع أو بعده عن الله سبحانه وتعالى وعن القيم والأخلاق الفاضلة التي ترقى بالمجتمعات البشرية، وتخفف من وقوع الجرائم والأخطاء الجسيمة فيها، ولو أن كل مجتمع بشري انشغل بمتابعة ورصد ما يجري فيه من المخالفات لأصابه اليأس والقنوط، وتحكمت فيه مشاعر التضعضع والانهزام.

ليس عملاً صحفياً محترماً ذلك العمل القائم على تسقط أخبار الجرائم والأخطــاء، ونشرهـــــــا في عناوين كبيرة لافتة للنظر، بل هو عمل مشبوه يحتاج إلى وقفة جادة من المسؤولين في الصحف، والجهات الإعلامية للحيلولة دون انتشاره، وللحد من آثاره السيئة على قلوب الناس وعقولهم.

هل هو من باب (إشاعة الفاحشة في الناس)؟ لم لا يكون كذلك وهو عمل صحفي يستخرج أخبار الجرائم من سجلاتها في الدوائر الأمنية والقضائية المختصة بها، وينشرها بأساليب صحفية مثيرة؟؟.

إنه دعم (غير مباشر) للجرائم، بل هو دعم مباشر وهل هنالك دعم للجريمة أقوى من نشرها بتفاصيلها والترويج لها بين الناس؟!

ما الفرق - أيها الأحبة - بين الترويج للمخدرات، وبين الترويج للجرائم والمنكرات ومظاهر الفساد في المجتمع؟؟.

إن الطرح الصحفي لأية جريمة من الجرائم صغيرة كانت أم كبيرة يجب أن يكون طرحاً نافعاً قائماً على مناقشة الجريمة من قبل أهل الاختصاص لتقديم حلول ناجعة، وللتحذير من الجريمة والتنفير منها بأسلوب صحفي واضح، ولا يصح أن يكون طرحاً مثيراً تستبيحه الصحيفة للترويج لنفسها في المجتمع.

إن الصحف التي تتغذى بأخبار الجرائم والانحرافات تقوم بدور واضح في دعمها، فهل هذا هو العمل الصحفي الشريف النزيه؟.

إشارة:

عَصْرٌ تكشَّف للرذيلة وجهه

وعن الفضيلةِ وجهه مَسْتوُرُ

 

دفق قلم
لماذا تدعم الصحف الجرائم؟
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة