Thursday  22/09/2011/2011 Issue 14238

الخميس 24 شوال 1432  العدد  14238

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

إصابة الذهن بالتصحر
أحمد علي الأحمد

رجوع

 

كل عام ونحن بخير.. وكأننا في كل مرة نقول ذلك نكون بخير.. هذا كل ما نجود به، نجتهد لنردده لكل من حولنا في مطلع كل سنة نتصورها جديدة وهي ككل السنوات الأخرى تأكل في كل مرة جزءاً مهماً من أعمارنا، والأعمار قصيرة، قصيرة لا تواكب ما في صدورنا من أحلام، قصيرة بشكل فظيع.. ورغم ذلك نضيعها مع النفس مع قضايا نعتقد ولمدة طويلة أنها الأهم.. ما أقصر العمر حتى نضيعه في النضال.

الشعراء يدركون قبل غيرهم أسرار الحياة، وهي التي توحي إليهم بأشعار حكيمة.

النفس حديقة غناء مليئة بالورود، ضوء سحري يتسلل إليها، الصورة جميلة والمشهد أخاذ، والزمن جامح والعمر مقيد بسلاسل من صلابة الوهم..

وبكامل الوعي وبدون أي وعي ينزلق الزمن أشبه بماء سائل كشلال لا يحده سد ولا يعوق طريقه عائق كهواء غير منظور أو كشيء لا يمثل شيئاً يتلاشى هكذا زائلاً منطلقاً ساحراً ساخراً من كل أمور أخرى تبدو أكثر جدية.

الأحجار والأشجار والأرض والسماء والكون ليس بكون متغير على أن يخلو من حدث الكون الذي تريده، السكون سيد جميع الأكوان في قرية لا يزال الناس فيها يعيشون فرحة دخول الكهرباء والقنوات الفضائية والتلفون النقال والماء إلى بيوتهم.

العقل يتحرك دون تفكير والزمن يتحرك دون تفكير يتحدى كل ذلك منزلقاً كما تنزلق الكلمات الدالة وغير الدالة، الإيقاع لا يتغير وفجأة أسمع قطرات المطر ثم أمطار تتهاطل أشاهدها من زجاج النافذة ها هي تحدث صوتاً، تصنع الحدث، الصوت حدث وسماعه حدث آخر ورؤية الأرض الجافة تشرب وترتوي حدث وأي حدث، الأرض الجدباء أبداً الصبورة على كل مكروه تشرب أخيراً.

انظر ها هو الغيث يلثم الأخاديد المشققة والندوب المتربة، وتمعن وتعجب لماذا لا تنبهر مثلي، انظر وقل شيئاً، لماذا تنظر إليَّ هذه النظرة الميتة البليدة؟ قل أي شيء ما رأيك؟ اطرح أي كلام إنه العهد الزمني الجديد.

أشعر أنني لا أملك أي رأي لأبديه ولا أي قضية لأطرحها، وهذا اليوم يا عزيزي لا يختلف عن الأمس.. أشعر ألا شيء يستحق كل هذا الاهتمام والأفكار جامدة على مستوى معين من الذهن تعرقل بظلالها أي عملية للتفكير تحولها إلى خيوط عنكبوتية كل ما حاولت إمساك خيط منها انقطعت معه الخيوط الأخرى، الأفكار تتكسر والذكريات تتبعثر، تندثر، تنمحي، هكذا بإصرار عنيد، الذكريات تبدأ ساخنة متدفقة ثم سرعان ما يعيبها الجمود والانكسارات تتركها شظايا.

هذا لا يمنع أن تحرك ما تبقى لك من أفكار تحللها تزرعها ترويها علها تنمو من جديد تورق، تخضر وتحفز معها الأفكار اليابسة، افعل ذلك وإلا أصيب ذهنك بالتصحر. أتريد أن يموت فينا كل شيء.

إننا عندما لا نفكر ولا نتكلم ولا نقول شيئاً نكون قد بدأنا نموت.

- الرياض

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة