Saturday  24/09/2011/2011 Issue 14240

السبت 26 شوال 1432  العدد  14240

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يعود يوم الوطن كعادته كل عام، وتعود ذكرى الوحدة الوطنية وما حققه الملك عبدالعزيز ورجاله رحمهم الله من وحدة سيذكرها التاريخ مهما طال الزمن، وسيحفر على صفحاته رموز الإنجاز الوطني بماء من ذهب، وستظل تلك الوحدة الوطنية أمانة في أعناق أبناء هذا الوطن، والأمانة أن يستمر مشروع الإنجاز الوطني، وأن نتجاوز العوائق التي تقف ضد مراحل التطور، ليبقى وطناً تتحقق فيه الأحلام، ويصبح ملاذاً آمناً للأجيال القادمة في المستقبل.

**

تعود ذاكرة الوحدة الوطنية مزهوة بالشموخ والمجد والفخر الذي في قد يصل في سموه إلى أعناق السماء، بل إن عنفوان ذلك الشموخ أصبح يعلو فوق كل الأصوات، ففي هذا اليوم تسكت الضوضاء، وتسكن الرياح احتفالاً بذكرى المجد الوطني، لكن لا يجب أن يمر هذا اليوم العظيم دون مراجعة لما تم تحقيقه في الماضي، وما سيتم إنجازه في المستقبل، فأبناء الوطن يتقنون الصمت في هذا اليوم، لكنهم يحسنون الاستماع لقيادتهم عند الحديث عن المستقبل.

**

لا يزال المجد الوطني يحتاج إلى كثير من العمل، فالتطوير الإداري يجب أن يتجاوز الانتخابات البلدية إلى انتخابات مجالس المناطق وأن يتحول مجلس الشورى إلى برلمان منتخب، وإعطاء المجالس البلدية والمناطقية والبرلمانية صلاحيات تشريعية وتنفيذية، من أجل دفع مسيرة التنمية إلى الغد، فسباق المحافظات نحو الرفاهية يجب أن يبدأ، والمملكة أشبه بقارة مترامية الأطراف، وفي حاجة ماسة للتقليل من المركزية وتطوير تنظيمها الإداري في عصر المتغيرات السريعة، كما أن القرار الحكومي بمفهومه الإداري يجب أن ينفصل عن القرار السامي، وأن يخضع للمحاسبة، فالقرار السامي مصدر للتشريعات، أما القرار الحكومي فيختلف، فهو قرار إداري يجب أن يخضع للمراقبة والمراجعة.

**

كذلك من المهم أن نفكر مبكراً في محاسبة الوزراء والمديرين الذين يراعون مصالحهم الشخصية على حساب الوطن، وأن نُخضع أولئك الذين لا يحترمون التنظيمات والقوانين على رأس العمل للمحاكمة والمحاسبة، فالفساد المالي والإداري يشوه المجد الوطني، ويجعل منه عرضة للكوارث، ولابد من ملاحقة من يتطاول بالفساد على تاريخ الوطن، فالفساد جرثومة تفسد بدن الوطن، ثم تجعل منه جسداً منهكاً وعرضه للأمراض الفتاكة.

**

بدأ مشروع إصلاح القضاء وتم رصد ميزانية ضخمة له، لكن يبدو أنه يتحرك بطيئاً، ويفتقد للوضوح والشفافية، وجعلت منه البيروقراطية كائناً ضعيفاً لا يستطيع أحياناً مواجهة الضغوط الإدارية، وكما علمت أن مشروع إصلاح اللجان شبه القضائية لا يزال في مكاتب مجلس الشورى، لكنه تأخر كثيراً في الظهور، وتأثرت بسبب هذا التأخير مصالح الناس، وأعتقد أن تطوير القضاء لا يحتمل أي تأخير، وذلك لأنه الرئة التي يتنفس من خلالها الوطن.

**

أوصلت المسيرة التعليمية العظيمة التي رعاها الملك عبدالله -حفظه الله وأطال عمره- الجامعات إلى المحافظات النائية، ومن الضروري أن يصاحبها نهضة صناعية تكمل ما بدأ في الجبيل وينبع، فالحل المثالي للبطالة هو نقل المشاريع الصناعية العملاقة من الخارح إلى الداخل..، في زمن مضى كنا ننتظر أن تنقل شركات تويوتا وسوني مصانعها للسعودية، لكنهما تحركا باتجاه ماليزيا وكوريا، واستمرينا بلداً مستهلكاً من الطراز الأول، وقد يكون ذلك ممكناً إذا كان النفط سيستمر للأبد، لكنه للأسف ثروة مؤقتة، وستنتهي يوماً، ويجب أن نعد البديل قبل فوات الأمان، وبما أننا لسنا بلداً زراعياً ولا سياحياً، فالحل الأنسب هو الصناعة بمختلف مشاربها، ولا يحتمل هذا الشأن التأخير. فخريجو الجامعات يزدادون كل عام، والأرقام تتضاعف بسبب الانفجار السكاني.

**

يواجه الوطن معضلة المياه في ظل انعدام الثروات المائية الطبيعية، وبرغم من تسارع إنشاء مشاريع التحلية لم نتجاوز بعد مرحلة الخطر، فالمستقبل ينبئ بخطر الانفجار السكاني، وقد نحتاج إلى وتيرة أسرع في معالجة الأخطار الطبيعية في المستقبل ويأتي على رأسها التهديد البيئي والجفاف والعطش.

**

ختاماً سيذكر التاريخ المجد الوطني كإنجاز فريد، فالوحدة الوطنية التي حققها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حدثت في أصعب مرحلة عربية، وقرار التنقيب عن النفط كان في عصر اللا مفكر فيه، فالفكر الإستراتيجي واستعانته -طيب الله ذكراه- بالخبرات الأجنبية كان مثاراً للدهشة في ظل الجهل والأمية التي كان تئن تحتها معظم أجزاء الوطن في ذلك الحين، وقد وصل الوطن أخيراً إلى مرحلة يزخر فيها بالخبرات الوطنية، لكن المجد يستلزم مزيداً من العمل، والغد المشرق تحرسه الإنجازات العظيمة.

 

بين الكلمات
الوطن في عيون المستقبل
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة