Tuesday  27/09/2011/2011 Issue 14243

الثلاثاء 29 شوال 1432  العدد  14243

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

اليوم الوطني 81

 

اليوم الوطني.. قيم وأمجاد
د. علي بن عبد الله الزبن

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إن كلمة «اليوم الوطني» تختزل في طياتها أزماناكثيفة، وتاريخا طويلا، ومساحات جغرافية شاسعة، تضم وجوها طيبة، ومعاني سامية من واجبات وسلوكيات.

فالأزمان الكثيفة هي الأزمان التي لفَّت أرض الجزيرة قبل بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم-، في جاهليتها، واستمرت مع بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم دول الإسلام، حتى دالت الدول وتعرضت الجزيرة لحالة من فقدان الأمن، لم تسلم منها الأماكن المقدسة، حتى كان لا يأمن الحجيج الطريق.

والتاريخ الطويل هو الأحداث التي شهدتها هذه الأرض المباركة، من أيام العرب في جاهليتهم، ثم غزوات النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم خلافة الخلفاء الراشدين، ثم دول الإسلام بغزواتها وفتوحاتها، ثم الإمارات المتناحرة، ثم توحيد الملك عبد العزيز لهذه البلاد المباركة تحت راية واحدة، واسم واحد، ونظام واحد، وولاء واحد.

وأما المساحات الجغرافية الشاسعة فهي أرض الجزيرة بما عليها من منارات الأرض ومعالمها، وما عليها من وجوه مختلفة الثقافات والأمزجة، قبلت أن تتحد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ حبا في الأمن والاستقرار، وطلبا للقوة التي أراد الله لها أن تقترن بالاتحاد.

أما المعاني السامية فهي معاني الوفاء لهذا الوطن، ولقيمه ولسلوكياته الحاكمة، ومعاني الحب التي تجعل كل فرد من أفراده يحرص عليه حرصه على إهابه فوق لحمه، وعلى روحه داخل جسمه، فيحرص على المال العام من الإهدار والسرقة وسوء الاستغلال؛ لأن هذا المال هو شريك فيه، وهو ميراث لأبنائه من بعده، يستفيدون منه، ويفيدون منه بنيهم وبني بنيهم، فإن أهدره اليوم، دعوا عليه غدا قائلين: ضيعك الله كما ضيعت مالنا العام، ولم تحرص عليه.

يذكِّرنا اليوم الوطني الذي أهل علينا مع الأهلة، بالرجل الذي جعلنا نأمن لنحتفل، ونطمئن لنفرح، ونتحد لنقوى، إنه الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه-، الذي شحذ خاطره، جسده في المعارك والغزوات، والسياسة والتدبير، ما جعل ناقته تئن من تحته مشتكية:

تقولُ إذا درأتُ لها وضيني

أهذا دينُه أبدًا وديني

أكلَّ الدهرِ حلٌّ وارتحال

أمَا يُبقي عليَّ أمَا يقيني

ولكنها النفوس الكبار التي إذا بادرت في شرف مروم لم تقنع بما دون النجوم التي تتخذ من بيت المتنبي شعارا لها:

إذا كانت النفوس كبارا

تعبت في مرادها الأجسامُ

ولا ننسى رجاله المخلصين وجنوده العاملين من كافة أبناء البلد فلهم من الدعاء والأمل في أن يكون الأبناء على سيرة الآباء من الصدق والإخلاص والأمانة وهم كذلك إن شاء الله.

وقد حرص فيما حرص عليه أن يؤسس بنيانه على التقوى، وعلِم من تجارب التاريخ وكان بها خبيرا، أن الدولة بلا عدل ولا شورى ولا أمن تكون كريشة هائمة في مهب الريح، أو كبيت العنكبوت؛ لذلك حرص على الأمن حرصا شديدا، وأوصى به بنيه من بعده.

فيقول في إحدى رسائله:

«إِن البلاد لا يصلحها غير السكون، إِنني أحذر الجميع من نزغات الشياطين، والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إِفساد الأمن في هذه الديار المقدسة، فإِنني لا أراعي في هذا الباب صغيراً ولا كبيراً».

ولم يكتفِ في الأمن بالقول، بل هيأ أسباب الأمن بالفعل فنظم الأجهزة الأمنية التي تعمل ليل نهار ومتابعة جادة حازمة يدركها الجيل الذي عاصر المؤسس وكأني به يقول: إنما يؤتى الناس من قلة المتابعة وترك المحاسبة.

ولم يكن بفراسته المعهودة يقف بحدود الأمن على تنظيم الأجهزة الأمنية، بل بالتحذير من الإلحاد في الدين، ومخالفة قواعد الشرع، والأفكار الهدامة، فقال في إحدى خطبه بمدينة الطائف سنة 1351 هـ:

«أحذركم من أمرين: الإِلحاد في الدين، والخروج عن الإِسلام في هذه البلاد المقدسة، فوالله لا أتساهل في هذا الأمر أبداً، ومن رأيت منه زيغاً عن العقيدة الإِسلامية، فليس له من الجزاء إِلا أشده، ومن العقوبة إِلا أعظمها.

والأمر الثاني: السفهاء الذين يزين لهم الشيطان بعض الأمور المخلة بأمن البلاد، وراحتها».

وإمعانا منه في حفظ أمن هذه البلاد وضع أصولاومبادئ لحكمه، تحفظ الأرض والعرض، ومن هذه الأصول التي أسس عليها بنيان دولتنا:

- عقيدة التوحيد.

- تطبيق الشريعة.

- الوحدة.

- البيعة.

- العدل الذي حرص عليه أشد الحرص ولم يتهاون في تطبيقه، بل كان أكثر الأمور التي تستدعي حزمه، وكيف لا وهو القائل:

«لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحمِّلني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم، أو استخلاص حق مهضوم، ألا قد بلغت اللهم فاشهد».

إن هذا الاحتفال بذكرى اليوم الوطني فرصة لتكثيف هذه المعاني في النفوس، معاني الوحدة، واللحمة الوطنية، والاجتماع، والاتحاد، وإعلاء شرع الله، حتى تُسلَّم هذه المعاني من جيل إلى جيل؛ ليعلم الخلف معاناة السلف من أجله، فيحافظ على إرثه من كل دَخَلٍ.

وفق الله الجميع وحقق الآمال.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة