Wednesday  28/09/2011/2011 Issue 14244

الاربعاء 30 شوال 1432  العدد  14244

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

سوف أتسلل إلى الموضوع عن طريق المزاح. سوف أحاول ذلك على الأقل، حتى لو اعتبره البعض من نوع المزاح الثقيل. فكرة العنوان سرقتها من الشيخ سلمان العودة -وفقه الله-، ولو أنني كنت أعرف الجملة والهدف من التشبيه قبله بزمن طويل لأنني أكبر منه سناً بكثير. أعرف، سوف تقولون أو يقول بعضكم: لكنه أكبر منك مقاما وجاهاًً. أنا موافق، نعم، الأمر كذلك، ولكن في الأمور الشرعية فقط، وأنا أكبر منه في علوم الطب والداء والدواء. لذلك أنا أهم منه عند المحتارين في أمورهم الصحية وهو أهم مني عند المحتارين في أمورهم الشرعية. هل هناك فرق اجتماعي في المنزلتين؟. الأمر يعتمد على المكان.

هنا في هذه الديار -حفظها الله- قد يحصل أصغر طالب في أحد المعاهد الدينية على قدر من التبجيل في المجالس والمحافل أكبر بكثير مما يحصل عليه عالم الكيمياء والفيزياء أو جراح القلب والشرايين. يختلف الأمر قليلاًً أو كثيراًً عندما تكون الشخصية العلمية محسوبة على الدولة.. عند ذاك يفضل الناس الرسمي على الاعتيادي. مع ذلك لا يحتمل الأمر أو الوضع أي شعور بالمرارة، لأن نفس الشيء يحصل مع لاعب الكرة أو الممثل أو مفسر الأحلام مقابل أي شخصية اعتبارية أخرى في المجال العلمي الشرعي أو العلمي القياسي. هكذا هي الأمور، هذا أكبر من ذلك هنا، لكن ذاك أكبر من هذا هناك، والشيخ سلمان أكبر مني فقهاًً وجاهاًً وأنا أكبر منه سناً وطباً، وفي كل الأحوال الله أكبر من الجميع.

أعود إلى فكرة العنوان وكيف تمت سرقتها. سمعت الشيخ سلمان يتحاور مع بعض زملائه أو تلاميذه حول حرمة التصوير، وذلك بالأمس القريب يوم الجمعة الموافق 18-10-1432 هـ. كان ذلك في إحدى القنوات الفضائية، وقد نسيت اسمها لكثرة أمثالها، ولتكرار ما يقال فيها دون كلل أو ملل. تصوروا، في هذا التوقيت الذي تستطيع فيه أن تحصل على صورة لمنزلك وشارعك على جهاز الآيفون من خارطة رقمية تبثها الأقمار الصناعية على مدار الساعة، هناك أناس على هذا الكوكب ما زالوا يتحاورن على فضائيات الأقمار الصناعية ما غيرها عن حــرمـة التصوير.

المهم، كان الشيخ سلمان ومـحــاوروه يتداولون الأمر، ولكن بطريقة الدوران حوله وليس الغوص مباشرة فيه. لم يستطيعوا الجزم أو القول أو التصريح بأن التصوير حرام أو حلال. حاولوا الاستئناس بآراء العلماء الكبار مثل المشايخ: ابن سعدي وابن عثيمين وابن باز والألباني، رحمهم الله جميعاًً، وهي آراء لم تكن تجزم بحلال أو حرام، وإنما تستأنس بالظروف وضروراتها. حتى اليوم ما زال الأمر كذلك رغم الإلحاح التقني الظرفي للبت في الأمر. كان الشيخ سلمان العودة بما عرف عنه من استشراف لحسابات المستقبل العلمية والتطويرية يبدو متململا ً من اللف والدوران في موضوع قديم. لذلك قال إن النقاش في هذا الموضوع يشبه تقديم طبخة بائتة للناس. قال أيضاًً ما معناه أن أموراًً كثيرة يتم نقاشها في تلك الأوساط، بينما هي كذلك من الطبخات البائتة، مثل الحديث عن الفتاوى المتضاربة في الخروج على من يحكم بغير ما أنزل الله.

الطريف أن النقاش حول حكم التصوير كان يدور بينما الكاميرات تنقل المتحاورين بالصوت والصورة إلى الفضاء المفتوح من قاعة فخمة كل ما فيها مستورد.

مجرد سؤال، ليس بهدف التطفل على الفتوى وإنما بقصد المعرفة: ما دامت الأعمال بالنيات بصحيح الحديث، لماذا لا يكون التحريم قاطعاً عندما يكون التصوير بنية العبادة أو التقديس أو التقرب العقدي، ويكون جائزاً عندما يتم بنيات علمية واقتصادية واجتماعية.. إلى آخره.

مجرد سؤال لعل جوابه يساهم في تقليص عدد الوجبات البائتة التي تقدم للناس ويتقاضى عليها تجار الإعلام الفضائي أموالاًً طائلة.









 

إلى الأمام
مثل إطعام الناس وجبات بائتة
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة