Thursday  29/09/2011/2011 Issue 14245

الخميس 01 ذو القعدة 1432  العدد  14245

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

في ليلة عزاء الصديق الوفي الزميل الراحل علي عمر جابر التفت يمنة ويسرى؛ لأتمعن الوجوه التي يشوبها الوجوم والدهشة لذلك الرحيل الفجائي لعلي عمر جابر, ولكنني أدرك تماماً مدى وجومهم ودهشتهم؛ لأن البعض لا يعرف أن الراحل الزميل علي جابر كان يعاني الجحود والنكران قبل معاناته من قلبه المثخن

بالجراح، رغم نبل مشاعره المخلصة التي ربما لم تتواءم مع مشاعر جاحدة ناكرة أثقلت القلب بهموم فوق طاقته؛ فعاش في السنوات الأخيرة بعزلة صامته يعاني قلة السؤال والإهمال الكلي لماضيه، وكأنه لم يعش بينهم ويغمرهم بحبه وبجهده واجتهاده ما بين عمله الصحفي الطويل، قبل مواصلة تعليمه الأكاديمي وانضمامه للأسرة الأكاديمية بجامعة (الملك عبد العزيز) بعد حصوله على إجازة الدكتوراه من (جامعة الزيتونة) بتونس (تخصص تاريخ).

الزميل الراحل علي عمر جابر عرفته قبل خمسة وثلاثين عاماً، وهو مديرا لمكتب صحيفة «الجزيرة» بجدة، بحي (العمارية)، بتلك العمارة التي لا تبعد خطوات عن مبنى الإدارة العامة لمؤسسة الخطوط السعودية في عز مجدها. كنت آتي إليه كلما حانت لي زيارة لمدينة جده، بحكم الزمالة؛ فكنت مديراً لمكتب الصحيفة بحائل؛ فتوطدت أواصر العلاقة فيما بيننا. كان أبو غادة - وهو المكني بذلك يومها، قبل مجيء ابنيه لؤي وقصي - في مكتب صحيفة «الجزيرة» آنذاك، وكثيراً ما جلسنا وتحدثنا في شتى المواضيع؛ فكنت ألمس منه بعض العتب الصامت، وكنت أحاوره وأناوره لكي أعرف منه سبب بعض ما لديه من استياء وضجر، ولكنه كتوم، شيمته الصبر وصمته العفاف، وحينما أعود لمنطقتي حائل وتأخذني الأيام في غفلة منه يأتني صوته - رحمه الله - ولم يقطع صلته بي حتى بعد أن ترك مكتب صحيفة «الجزيرة» وناءت بنا الحياة، وتشاء المصادفات أن أنتقل لمدينة جدة، وأن ألتقي به في مناسبة.

توالت بعد ذلك لقاءاتنا، ولكن الأخيرة منها لم تكن باختيارنا، وكأننا على موعد دون ترتيب مسبق. مجرد مصادفة تكررت في مستشفى واحد، يأتي هو إليه لمراجعة طبيبه، بينما آتي للمستشفى برفقة أحد أفراد عائلتي لمراجعة طبيب لمرض عارض، كفانا الله وإياكم شر العوارض والأمراض..

كان آخر لقاء لي به - رحمه الله - قبل وفاته بفترة، في المستشفى نفسه، كان يومها واقفاً يتكئ بمرفقه على حائط العيادة يهم بالدخول للطبيب، تقدمت إليه للوقوف لجانبه، فتحدثنا وقوفاً، فأتى دوره، وبعده دوري، ولكن عند طبيب آخر. بعد خروجي من الطبيب جلت ببصري في أرجاء المكان وفي ردهة الاستقبال، فلم أعثر له على أثر، اتصلت على هاتفه وهو في منزله، قال لي إن القلب يشوبه التعب، قلت أسأل الله أن يعافيك. بهذه الكلمات ودعته على أمل اللقاء به في أحسن حال، ومضت الأيام، وإذا بالخبر المؤلم يصدمني برحيل الزميل الصديق علي جابر..

قلت في نفسي بعد الترحم عليه: يا لك من رجل عصامي، أخذت بحقك من الحياة بقوة الإرادة النزيهة فحققت ما كنت تصبو إليه، فجمعت ما بين العمل الصحفي والعمل الأكاديمي، وإن تواريت في السنوات الأخيرة عن الأولى، وهي التي أخذت من عمرك وصحتك الكثير، فإن صورتك ستبقى بالذاكرة محفورة كلما أتت ذكراك وذكرى مكتب صحيفة «الجزيرة» بجدة، فكنت الكبير بيننا نحن مديري مكاتب صحيفة «الجزيرة» في ذلك الزمن الجميل، وكنت النجم المبهر بثقافتك وطيب قلبك ووفائك..

رحمك الله، وعزائي لأسرتك، مثلما هو العزاء لنا بك جميعاً!! و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

جدة

bushait.m.h.l@hotmail.com
 

الزميل علي عمر جابر وصمت الرحيل
محمد بن حمد البشيت

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة