Friday  30/09/2011/2011 Issue 14246

الجمعة 02 ذو القعدة 1432  العدد  14246

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تعتبر المشاركة الشعبية في صناعة القرار مرآة لمدى التقدم في الوعي لدى المجتمع وفي مفهوم أصول المشاركة في بناء المجتمعات المدنية، والمشاركة هي نتيجة حتمية لعدد من العوامل التي إن اتحدت شكلت أساسا لبناء النظام الكامل كالعامل الاقتصادي والمعرفي والثقافي والأخلاقي والاجتماعي على أن تكون تلك المشاركة عبر ممثلين استحقوا أصوات ناخبيهم دون تحيز لجماعة بل لبرنامج يُقدمه المرشح إبان عملية الانتخاب.

لا شك أن أي نظام اجتماعي يسعى جاهداً لإرساء دعائمه وإنجاحه وتمكينه والإبقاء عليه وتقويته بشتى الطرق ولن يتحقق ذلك دون مشاركة من الغالبية، ذلك أن الغالبية هم من يحتاجهم المجتمع في دعمه ودفعه وتقويته، على أن تلك المشاركة تتطلب بلا شك معايير معينة وصفات محددة منها القدرة أساساً على المشاركة والمعرفة الجيدة بالعملية الانتخابية وإلمام بأنظمة وقوانين المؤسسات المدنية وقبل ذلك معرفة الغاية والهدف من المشاركة بغية الوصول إلى الأهداف المرجوة، تلك الأهداف التي لا تغذيها القوالب الجامدة المتأثرة كما ذكرت سابقاً.

لا يمكن الحديث عن دولة قوية دون أن تتمتع بمقومات كافية لتطويرها وتطوير أنظمتها وتطويرحياتها وحياة شعبها وتنمية مواردها وازدهارها. كما لا يمكن الحديث عن تلك المقومات بمعزل عن أطر عامة قائمة على مؤسسات ديمقراطية قوية يكفل تحقيقها مشاركة شعبية واسعة، تلك المؤسسات التي ينبغي لها أن تحافظ على تقدم البلاد اقتصادياً وتحقيق التنمية المستدامة المطلوبة بما يكفي استمرارية قوة الدولة التي لا تتحقق إلا من خلال مشاركة شعبية تناقش وتفند وتمحص وتوصي بنتائج لجميع المشكلات والهموم التي تواجه المجتمع بمختلف أطيافه وشرائحه.

كما لا يمكن الحديث عن مشاركة إلا في دولة قوية ديدنها تطبيق الحق في بيئة ديمقراطية معلنة وواضحة كبلادنا ولله الحمد والمنة، ولا تسيسها طائفة أو جماعة أو قبيلة أو حزب أو جماعة دينية ولا ليبرالية أو علمانية، وتخلو من التأثيرات الأيدلوجية المفعمة بالانتماءات الطائفية التي لا نفع لها والتي عادةً ما تجر الدولة إلى مستنقعات الخلافات الداخلية فضلاً عن التأثيرات النفسية السلبية جراء حرمان الطرف الآخر من المشاركة وما ينتج عن ذلك من خروج عن النسق لدى بعض من أبعدوا قسراً عن المشاركة في صناعة القرار الداخلي أو الخارجي.

إن العمل الشعبي لا شك يسد الهوة الحادثة بين مؤسسات الدولة القائمة، وبين حاجات الناس ومتطلباتهم اليومية وهمهم المستقبلي، وتشكيل مؤسسات مدنية والسماح بالمشاركة من خلال تلك المؤسسات أو من خلال العمل الانتخابي، إنما يُعتبر عملاً إيجابياً في مساندته للدولة وتقويتها من خلال التوصية بإحداث تنظيمات وإيجاد حلول ووسائل تكون في طبيعتها أقرب لنبض الشارع والمواطن، كما وتوفير الكثير من الوقت والجهد لكثير من مؤسسات الدولة في القيام بعدد من المهام الأخرى كالرقابة العامة ولعب دور إنساني مهم لا يمكن إغفاله في العديد من الأنشطة التي لها علاقة بحاجات الناس، هذه المؤسسات وهذا الدور المشارك لأبناء البلد لاشك من أجله أن يؤدي لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة وفوق ذلك، لعب دور بارز في مساندة مؤسسات الدولة الرسمية المختلفة، وتلتزم في حراكها ووجودها ونشاطها بقيم ومعايير معينة ومنظمة، روحها المشاركة وجسدها الإدارة السليمة.

للمشاركة الشعبية عدد من الإيجابيات بخلاف ما يُعتقد، فهي تنمي لدى المواطن الشعور بوجوده وباحترام متطلباته وقبل ذلك بإنسانيته، وتعمل مشاركته تلك على تنمية الوعي العام لديه ما يعطيه مزيدا من القدرة والحنكة للمشاركة الفاعلة المطلوبة وتبعده عن النرجسية في الطرح والمطالبة.

إنه بتحقيق ذلك نكون قد أسهمنا بإرساء معايير عدة على المستوى الفردي منها العمل التطوعي، والمواطنة. وعلى المستوى الاقتصادي، الرقابة التي تفرضها الشرعية السيادية للدولة، والوسيط التطوعي الممثل للرقيب، ونكون قد حققنا معايير من أجلها تقوية الدولة بأنظمتها وتقوية شعبها بتنظيمه وتكريس مبادئه الوطنية التي تقوم على المشاركة والعمل التطوعي، كما ونشر الوعي الثقافي وتنوع مصادره من خلال تجمعات تأخذ طابع الاتحادية في الشكل والمضمون.

لا شك أن أسبابا كثيرة من مشكلات المجتمع السعودي اليوم يعود في غالبيتها إلى عدد من الأمور منها البطالة وتدني المستوى المعيشي والارتفاع الحادث والمتنامي في أسعار المواد الاستهلاكية، وغياب حس المشاركة في صناعة القرار وغيرها كثير من المشكلات التي ربما ولدت كثيرا غيرها، تلك المشكلات التي ينبغي استئصالها قبل استفحالها وجزها قبل تناميها ولا يمكن إثقال كاهل الدولة بتحميلها وحدها دون مشاركة شعبية منظمة تعمل على إيجاد الحلول لجميع تلك المشكلات.

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} واختلف أهل التأويل في أمره بالمشاورة مع ما أمده الله تعالى من التوفيق على ثلاثة أوجه: أحدها أنه أمر بها في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح، فيعمل عليه، وهذا قول الحسن. وثانيها أنه أمره بالمشاورة لما علم فيها من الفضل، وهذا قول الضحاك. وثالثها أنه أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون وإن كان في غنية عن مشورتهم، وهذا قول سفيان.

إلى لقاء قادم إن كتب الله.

dr.aobaid@gmail.com
 

الانتخابات البلدية وأمانة الصوت
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة