Friday  07/10/2011/2011 Issue 14253

الجمعة 09 ذو القعدة 1432  العدد  14253

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بعد توحيد الجزيرة العربية كانت الأراضي تتعرّض للغزو وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل، وبتوحيد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيّب الله ثراه - الجزيرة العربية، أمّن السبل وقطع دابر قُطّاع الطريق، فالأمن في الأوطان من النِّعم المغبون عليها الإنسان،

وقص ذلك الجيل من الجدّات على الأمهات، ما كانت تعانيه البلاد قبل ظهور البطل ابن سعود. وبعد استتباب الأمن جاء عهد الملك سعود لتشهد السعودية إنشاء مستشفى الشميسي بالرياض، ومن البديهي عندما نتحدث عن مستشفى أن تكون فيه طبيبات وممرضات، ومن البديهي في ذلك العهد أن يكنّ وافدات، فكيف تعامل الناس مع هذا الوضع الجديد أولاً من حيث وجودهن، وثانياً، وهو الأهم، من حيث السماح للنساء بالتطبّب عليهن، وقد سمعت في إحدى المناسبات من أحد أهل المدن المجاورة للرياض، أنّ جدّه ذهب بعمّته بعد أن أجهدها المرض إلى الرياض، وقد أخذ المواثيق على أمها أن لا تخبر أحداً عن مقصدهما خشية الظن بكشف عورة البنت وهتك سترها، لا شك أنها كانت مرحلة عصيبة في حياة المرأة السعودية، فحتى علاجها الذي به استقامة بدنها كان محفوفاً بقيود جاهلية، وكأننا لم نقرأ عن سيرة الصحابيات الماجدات رضوان الله عليهن وهن يخرجن مع الجيش المسلم لتطبيب المجاهدين، فضلاً عن تطبيبهن المرضى داخل المدينة.وفي عهد الملك فيصل كانت المعركة الكبرى وهي فتح مدارس البنات التي وقف للتصدي لها العوام وأنصاف المتعلمين، والناظرين إلى الأعراف الجاهلية على أنها مبادئ مقدسة حتى تمكّن الملك فيصل، بعد خوض معركة شرسة بمعونة كبار العلماء، وعلى رأسهم مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله ، الذي كان تعليم البنات تحت مظلّته وبإشرافه -، من إقرار تعليم البنات في المملكة، ثم دخل بنات السعودية في عهد الملك خالد، وهيئت مقاعد الدراسة الجامعية للراغبات لإكمال التعليم العالي، وصار يشار إلى الجامعية وكأنها فوق برج عاجي، وفي عهد الملك فهد تولّت المرأة السعودية بعض الوظائف الحيوية وأبرزها التعليم، وصارت من السعوديات الطبيبة المحترفة والأكاديمية القديرة والإدارية المحنّكة، ووصلت إلى مرحلة لامست فيها الوظائف القيادية حتى وصلن إلى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي كسر ما تبقّى من قيود الأعراف الجاهلية، لنرى مديرة بالمرتبة الممتازة لجامعة البنات، ونائبة بذات المرتبة لوزير التربية والتعليم، علاوة على فتح باب الابتعاث للبنات أسوة بالبنين، وفق الضوابط الشرعية (وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ((النساء شقائق الرجال)) أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود، وحتى دخول فجر اليوم الوطني لو سمع أحد من الناس عبارة (البنت ما لها إلاّ البيت) أو أنّ أحداً منع ابنتهن الانخراط في العمل الوظيفي، سيظن أنه يتجوّل في مهرجان الجنادرية، وهذه العبارة إحدى نشاطات المهرجان. وبعد هذا الإنجاز للمرأة السعودية هل تبقى لها من طموح؟.قبل عقد من الزمن دارت نقاشات وعلت أصوات، تطلب من مالك القرار مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وثار كثير من الذين لا زالت تحكمهم الأعراف الجاهلية والذين لم يكلفوا أنفسهم الاطلاع على ما حوت السيرة النبوية من مواقف مشرفة لنساء، كان قدرهنّ أن كنّ في عهد سيّد البشر صلى الله عليه وسلم مصانات برعاية أصحابه رضوان الله عليهم، فكانت أم سلمة رضي الله عنها تشير على رسول الله، وأبرز ما نقلت لها كتب السيرة حادثة الحديبية المشهورة، ومنها مشاورة عمر بن الخطاب لابنته أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهما في أمر الجند وطلب كثير من أئمة المسلمين على مر العصور من أمهاتهم وزوجاتهم المشورة.لقد ظهر جلياً معاناة المرأة في هذا العصر من أعراف جاهلية كحجر البنت لابن عمها، وأكل ميراثها والتضييق عليها في راتبها الذي كدّت وتعبت في تحصيله، علاوة على عضلها وتزويجها بالفاسق الكفؤ بها نسباً وتعليق عديم المروءة لها نكاية بها، وأختم هذه الفعال الشنيعة بالمثل الشعبي (شاوروهن وخالفوهن)إنّ استقبال المنّصفين والعقلاء - وهم كثر - بالارتياح والتفاؤل، والبهجة للقرار التاريخي للملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية، لهو دلالة واضحة على وصول الشعب السعودي لمرحلة النضج الفكري، فمن قتلٍ وهتك عرضٍ وقطع طريقٍ، إلى أمن وتعليم ورقي في التعامل، لنشاهد من كان نطق اسمها عورة قبل أكثر من نصف قرن عضوة في مجلس الشورى اليوم.وآخر المقال سؤال: من التي قالت لأبيها: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص26)، إنّ من العجب أننا نقرأ هذه الآية كل عام على الأقل ونحن نختم القرآن في رمضان، وما رمضان عنا ببعيد ولا نعير لمعناها اهتماما ولم نكلف أنفسنا الرجوع إلى كتب التفسير أو نستفتي الراسخين في العلم، لندرك أي إرث توّجنا به رب العالمين تركناه لنشغل أنفسنا بالدفاع عن أعراف جاهلية.

وختاماً: (فلانة بنت فلان الفلاني، عضوة مجلس الشورى السعودي) هل نخاف هذه الجملة؟ وممّ نخشى؟! من امرأة وُلدت وتربّت في حجر أم مسلمة ومصانة من أب مسلم، ترعرعت سعودية أبيّة ودرست في أجواء محافظة، حفظت من ربك، وفهمت شروط الصلاة، واستقام لسانها بالعربية الفصحى ووعت من العلوم النافعة ما طوّر من قدراتها، ودخلت سوق العمل متوّجة بحشمتها التي لا تضاهيها أحدٌ من نساء العالمين!.

* عضو هيئة التحقيق والادعاء العام

Dr_almarshad@hotmail.com
 

عبدالله بن عبدالعزيز والموقف من المرأه
د. عبدالرحمن عثمان المرشد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة