Friday  07/10/2011/2011 Issue 14253

الجمعة 09 ذو القعدة 1432  العدد  14253

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تطورت الأنظمة الاقتصادية والسياسية في العالم عبر السنين، فكان الإقطاع، والاقتصاد الحر، والاشتراكية، والشيوعية، وغيرها، وكانت الملكية، وتأثير الكنيسة، وحكم الأقاليم والجمهورية، والحكم المطلق، والملكية الدستورية، والديمقراطيات الحديثة، وبينهما مساحة واسعة في التطبيق حتى وإن تشابهت المسميات وحكم الحزب الواحد، والدكتاتوريات المطلقة.

وكان هذا التدرج في التغيير، والتطور في الأنماط الاقتصادية والسياسية من صنع الإنسان الذي عمل جاهداً على تطوير أدواته الاقتصادية والسياسية مرغماً بسبب الألم الذي عاشته فئة كبيرة من جراء استئثار فئة قليلة جداً بكل مفاتيح المال والقرار والتأثير، ولاريب أن ذلك التغيير كان له ثمن باهظ من الدماء والآلام والأحزان.

وبعد التطور الكبير في الاتصال البشري المباشر وغير المباشر، والتبادل السلعي السريع، وهيمنة التقنية على معظم المناشط البشرية، كان لزاماً على الإنسان أن يبحث عن أدوات ملائمة لما هو قائم، ويتعامل معها بواقعية، لكنه لم يفعل حتى قرب الحين، واشتد الألم لأنه اعتاد على تأخير المشكلة حتى تتفاقم لكنه لم يقدم على تلافيها قبل وقوعها.

الآن الولايات المتحدة الأمريكية لديها ديون لاتعرف كيف تجد لها مخرجاً، وزيادة في البطالة تدق ناقوس الخطر، ونمو اقتصادي ضعيف لا يساعد على الحد من الديون أو البطالة، ولهذا فأين الحل؟ لا أحد يعرف.

في أوربا ديون دول منطقة اليورو، زارت بعض الدول مثل اليونان وإيرالاندا، وهي في الدهاليز داخل أروقة دول أخرى من منطقة اليورو،ولا أحد يستطيع إيجاد حل مباشر لها، وستتفاقم حتى يذهب ضحيتها بشر كثير، سيخسرون أموالا طائلة، كما أن مشاكل اجتماعية ربما تنجم عن تلك الأوضاع.

من يصدق أن مسيرات في الولايات المتحدة الأمريكية تعبر الشوارع منادية بتغيير الأنماط المتبعة في إدارة الاقتصاد، والمطالبة بالحد من التمازج بين السياسة والمال، وأزيد على ذلك الإعلام.

الديمقراطيات السائدة، قائمة على ذلك الثلاثي العجيب المال والسياسة والإعلام، فهل يمكن لهذا الثلاثي المؤثرأن يستمر في تأثيره؟

هذا ما لا يمكن تصوره، لأن الثلاثي المذكور في ظل التقنية الحديثة جعل البون يكبر بين الطبقات، وأصبحت التضحية بالمصالح العامة ممكنة في ظل هذا التزاوج الغريب.

الولايات المتحدة مصلحتها ومصلحة شعبها في أخذ جانب العدل والإنصاف فيما يخص القضية الفلسطينية لكن الثلاثي المذكور يأبي ذلك، ولهذا فقد تخسر الولايات المتحدة جزءاً من مصالحها العامة في سبيل مصالح حزبية أو فردية، وستستمر في الوضع طالما أن الثلاثي ظل قائماً.

لكن هذا التمازج والتضحية بالمصالح العامة، وصل إلى نقطة أضحى فيها عاجزاً عن الاستمرار في توسعة ذات البون، وتحمل آثاره، ولهذا فسيكون التغيير الاقتصادي والسياسي لدى الدول الديمقراطية إلزامياً في السنوات القادمة.

المشكلة الكبرى أن السياسة والاقتصاد من العلوم الاجتماعية التي لا يمكن تصنيعها، فهي تعتمد في الأساس على النفس البشرية، والسلوك والقيم والأخلاق، وغالباً أن الإنسان مع تقدمه التقني ظل عاجزاً عن تغيير نفسه إلى الأفضل، فهو وإن كان متسامحاً، كريماً، ورؤوفاً بغيره، إلا أنه أحياناً حسود منتقم، حاقد مستغل، ولهذا فلابد من التقليل من الصفات السيئة والإكثار من الصفات الحميدة، لكن هيهات أن يتم ذلك بسهولة.

إن العالم اليوم في أمس الحاجة إلى علماء في السياسة والاقتصاد والاجتماع لإيجاد نظريات سياسية واقتصادية واجتماعية يمكنها وضع قواعد وأسس يستطيع الإنسان السير عليها ليكون أفضل حالاً، مستغلاً ما هو متاح من وسائل تقنية، وعوامل تواصل اجتماعي كبير، لابد للإنسان أن يتغير ذاتيا حتى يمكنه التخلص من مشاكله.

إن حل الديون يعني التضحية، فإذا تغير الإنسان ذاتيا وأصبح قابلاً للتضحية بجزء من راتبه، وبعض من مميزاته لسد ديون الشعب الذي ينتمي إليه والوطن الذي يعيش على أرضه، عند ذلك يمكن له أن يحل مشاكله الآنية ويرسم خطوط مستقبله بأقل تكاليف، وإلا فإن البديل مزيد من المآسي، ومن ثم تأتي الحلول المبنية على التضحية.

 

نوازع
العالم يحتاج إلى منقذ
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة