Friday  07/10/2011/2011 Issue 14253

الجمعة 09 ذو القعدة 1432  العدد  14253

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عصر الحريم ولى منذ عهد مضى، لكن رفاته بقيت ممتقعة في الأذهان إلى زمن غير بعيد تضج بمحاولات يائسة للعودة للظهور، فتسُيد الرجال على النساء كان وما يزال عند البعض مطلبا رجوليا يباهي به الرجال علانية،

فالرجل الحمش كما يقولون أو أسطورة سي السيد أججت عقدة الغرور عند البعض حتى صدقوها، فتراءى لهم أن الزعيق والشخيط جزء من تلك الرجولة، وتهيأ للبعض أن في تغييب المرأة عن تفاصيل حياتهم قوة في الشخصية تستحق المباهاة، والحقيقة أنهم نسوا أن المرأة التي كانت في عصر الحريم الداثر تغسل أقدام سي السيد وتستقبله بأعبقة البخور عند الباب، لم تكن إلا امرأة مرتاحة هانئة البال تصحو وتنام على أكتاف سي السيد، فما يظنه الرجال عن تلك الشخصية الرجولية الأسطورة ليس كما تعلمه النساء على الإطلاق عنها، فهو حقا كان سيدا في منزله يديره عن بكرة أبيه دون جهد يبذل من الزوجة، وهو كان قادرا على احتمال الضغوط دون تشاكي كي يهنا أهل بيته، سي السيد لم يكن حمشا في صراخه وغضبه كما ظن البعض، بل كان جادا في متابعته لآل بيته وحمايته المفرطة لعائلته، وهو على الرغم من عدم تمرسه في التعبير العاطفي عن مشاعره، إلا أنه تسِيد بلا شك في قلب زوجته، فقد كانت كفة الميزان في ذاك العصر ترجح بكل تأكيد لصالح من يملك زمام الأمور ويتولى الإدارة، أما رجال هذا العصر فقد دخلوا اختبارا أصعب من ذاك الذي اجتازه سي السيد، وبرأيي الشخصي والمتواضع قلة منهم يمكنهم اجتيازه، فهو اختبار يستدعي عناصر جديدة للتسيد قد لا يملكونها في هذا العصر، فالمرأة اليوم لم تعد صورة نمطية للنساء في عصر الحريم، فهي الشريكة الحقيقية للرجل، تتساوى معه في مجمل الأوضاع تقريبا، كفرص التعلم وفرص العمل واستحقاق الهوية الاجتماعية الخاصة بها، فهي لم تعد تحتاجه لشراء حاجياتها أو التنقل بها بين المولات، فقد أناط بتلك المهام طواعية وبكل بساطة للسائق أو الابن أو حتى لها، وهي ما عادت تتشاكى كي يزخر عليها بقطعة قماش أو زجاجة عطر في المناسبات والأعياد السنوية، فالمرأة اليوم في الغالب قادرة على إكفاء نفسها ماليا مع نهاية كل شهر، وبكل تأكيد لم تعد تعول على حكمته المتعارف عليها في حل مشاكل البيت لانهماكه بين أروقة المبارايات ومواقع الإنترنت أو النزوح تدريجيا خارج المنزل، فقد أصبحت مرغمة أو راغبة سي السيدة في منزلها حتى رجحت كفة الميزان في بعض المنازل للتسيد لصالحها.

ما تنشده المرأة من رجل هذا العصر قد يصعب عليه تنفيذه، لكنها لا تمتلك على الإطلاق أن تقدمه لنفسها بمنأى عنه، فهي تحتاج لجرعات مستمرة ومكثفة من التعبير عن الحب والوفاء والإخلاص كي يتسنى للرجل أن يتربع من جديد فوق عرش قلبها، فهل يمكن لرجال هذا العصر اجتياز هذا الاختبار بنجاح؟

أستاذة التربية الخاصة بجامعة الملك سعود

salkhashrami@yahoo.com
 

رجال هذا العصر والاختبار الصعب
أ.د. سحر أحمد الخشرمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة