Sunday  09/10/2011/2011 Issue 14255

الأحد 11 ذو القعدة 1432  العدد  14255

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إلى عهد قريب يندر أن تجد امرأة أو رجلا على وجه الخصوص يعاني من داء السمنة، كانت الأجسام رشيقة متناسقة، ريانة تسر الناظر، لا اعوجاج فيها ولا نتوء، ولا ريب أن لقلة ذات اليد، ولندرة الطعام كما ونوعا، وللمعاناة الشديدة في طلب الرزق وتحصيله، الأثر في جمال الأجسام وصحتها وتناسقها وسلامتها من الزوائد والتشوهات التي تثير الاشمئزاز والنفور من مجرد المشاهدة فضلا من المجالسة أو المعاشرة.

إن الأجسام الرشيقة التي طالما تميز بها الإنسان في بلدان الجزيرة العربية، يبدو أنها أضحت من ذكريات الماضي، وكان الله في عون الشعراء لن يجدوا تلك الأجسام التي طالما سطروا فيها أجمل الأبيات وأرقها وصفا وتغزلا، تلك الأجسام التي تشبه أغصان البان يندر اليوم أن تلحظها العين، حيث غلب على الصورة الطابع الثقيل شكلا ووزنا.

ومع قتامة الصورة، إلا أن الأجسام الرشيقة مازالت موجودة، لكن وجودها متوقف على جهد لا بد أن يبذل، وإلا فإن المآل إلى البدانة لا محالة، في البلدان التي بسط الله لها الرزق، وأخص بلادنا حيث تجد العجب العجاب في أجسام الناس، من حيث تناسق الشكل، وثقل الوزن، أجسام لا تملك إلا أن تغمض عينيك خشية رؤيتها، كي لا تؤذي بصرك ومشاعرك، بسبب التشوهات والانبعاجات الحادة التي تبدو في أكثر مكانين حساسية في الجسم.

إن السبب الرئيس لتلك الانبعاجات، يتمثل في تلك الموائد التي تمد وتملأ بما لذ وطاب من أصناف الطعام التي لم تعرفها المائدة السعودية البتة في الماضي القريب، هذا التنوع في أصناف الطعام أغرى الأكلة إلى التداعي الشره في تناول الطعام والإسراف فيه وبكميات كبيرة تفوق الحاجة الفعلية للجسم، فتحولت السعرات الحرارية العالية إلى مخزون هائل من الدهون تبدو للعيان في المناطق التي أضحى رويتها من السمات المميزة للإنسان في المملكة وفي دول الخليج، فبدل التوازن الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم عند الأكل بحيث يخصص ثلث للطعام وثلث للماء وثلث للنفس، تم إغفال الثلثين المخصصين للماء والنفس، وتم ملء المعدة كاملة بالطعام، ليس هذا فحسب، بل أضحى إدخال الطعام على الطعام عادة مستساغة يجبن أمامها المرء كلما رأى طعاما دسما أو مشبعا بالأملاح والسكريات.

وعطفا على هذا الإسراف والمبالغة في تناول ما لذ وطاب من الأطعمة، في كل الأوقات، ودون مراعاة لكم السعرات الحرارية لمحتوى تلك الأطعمة، أصيب الناس بوهن شديد، وكسل عجيب، فلم يعد أحد يقوى على ممارسة أي نشاط بدني، حتى المشي وهو من الرياضات البدنية السهلة الممتعة، والتي تحرق الكثير من السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم، لم يعد البعض يقوى على ممارستها، والالتزام بها بحجة عدم توفر المكان الملائم، أو الوقت الكافي، وهذا مما زاد الدهون تراكما وترهلا في أهم مكانين في الجسم وأكثرهما تأثيرا على المظهر وتناسقه، وتبدو هذه الحالة المثيرة للاشمئزاز أكثر بين النساء، مما ولد نفورا وبرودا في العاطفة وفي العلاقة، وجعل أنظار الرجال تبحث عن بدائل أكثر رشاقة وتناسقا وجمالا.

كثيرون أولئك الذين استسلموا لهذه الحالة النشاز، فهم لم يقدروا على مقاومة حب الأكل والشراهة فيه، ولا يمتلكون الإرادة والعزيمة على ممارسة الرياضة البدنية، وتقنين الأكل نوعا وكما، أو البحث في البدائل المناسبة - وهي كثيرة - من الأكل الذي لا يفضي إلى البدانة، بدل هذا تكيفوا مع أوضاعهم وتقبلوا ذواتهم التي يكرهونها في قرارة أنفسهم.

هذا الانهزام النفسي والرضا والاستسلام للبدانة، بالإمكان التغلب عليه ومقاومته، وتحويله إلى حالة من السيطرة والتحكم لو تم استثمار التغيرات النفسية والفسيولوجية التي حصلت للإنسان في شهر رمضان، ففي هذا الشهر الكريم تغيرت عادات الأكل وأنواعه ومواقيته وكمياته، وكثير من الصائمين يشعر براحة جسمية واضحة في رمضان نتيجة النقص المتدرج في الوزن، وما يتبعه من راحة نفسية ورضا وفرح للتغير الذي يلحظه الصائم في مظهره وعلى وزنه.

من يمتلك الإرادة والتصميم يحقق الفوز وينال النجاح.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
اللياقة البدنية
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة