Sunday  09/10/2011/2011 Issue 14255

الأحد 11 ذو القعدة 1432  العدد  14255

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

الهدي النبوي في التعامل مع غيرة النساء

رجوع

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد:

كتب الأخ فهد بن جليد في زاويته "حبر الشاشة" في الجزيرة (العدد 4204 الصادر يوم 19-9-1432هـ) مقالاً تحت عنوان "غيرة نسوان" وفي آخره ما نصه: "فريق طبي بجامعة بيرنامبوكو البرازيلية توصل إلى أن الغيرة قد تسبب عمى مقتاً عند المرأة بسبب إشارات ترسلها الأعصاب البصرية للدماغ تجعل المرأة لا ترى الأمور بوضوح، وتبدأ بربط الأحداث اليومية وخلطها بشكل نفسي ينمي الشعور بالغيرة لديها" أ.هـ

وأقول: ورد في الحديث الذي أخرجه أبويعلى عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً" أن الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه". قال الحافظ ابن حجر عن سند هذا الحديث في باب الغيرة من كتاب النكاح في كتابه "فتح الباري": لا بأس به ونقل -رحمه الله تعالى- عن شراح الحديث عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها؛ لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوباً بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة"أ.هـ

والغيراء تُعذر إلا إذا وصلت في غيرتها إلى حدٍ لا يُقبل شرعا في قولها أو فعلها. ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتمل غيرة نسائه رضي الله عنهن ويتسع صدره لما يصدر منهن بسبب ذلك (وهذا تشريعٌ لأمته)؛ إلا إذا زادت الغيرة زيادة غير مقبولة. وقد عاتب ربنا سبحانه وتعالى عائشة وحفصة رضي الله عنهما في (سورة التحريم) لأنهما تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يؤذيه ويشق عليه، وذلك بسبب الغيرة من زوجة أخرى.

قال ابن حجر في "فتح الباري. كتاب النكاح. باب غيرة النساء ووجدهن": وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء. لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تُلام".

وقال رحمه الله تعالى: "إذا كان الزوج مقسطاً عادلاً وأدى لكلٍ من الضرتين حقها فالغيرة إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء، فتعذر فيها ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل. وعلى هذا يُحمل ما جاء عن السلف الصالح من النساء في ذلك" أ.هـ.

وكما أننا نقول: على الزوجة أن تراعي زوجها وأن تطيعه بالمعروف وأن تحسن عشرته، فكذلك نقول: على الزوج أن يعرف طبيعة المرأة، وأن يكون تعامله معها مبنيا على ذلك؛ لكي تستمر العلاقة بينهما وفيها المودة والرحمة واللطف والمعاملة الحسنى. قال الله عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة فمن نظر في سنته عند تغاير نسائه وجد الحكمة واللطف والصبر عليهن وعدم التسرع. بل والاعتذار لهن. ومن زادت غيرتها نصحها ووعظها. فصلوات الله وسلامه عليه قد أوتي أحسن الأخلاق {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

وفي الأحاديث التالية -وكلها من صحيح البخاري- النبراس الذي يجب على الرجال أن يهتدوا به في تعاملهم مع نسائهم. وثمرة ذلك الحياة الأسرية الكريمة الطيبة في الدنيا. والأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى في الآخرة:

1- عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمكم. ثم حبس الخادم حتى أُتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرتْ صحفتها وأمسك المكسورة في بيت اليت كسرت فيه" أ.هـ.

وأنت ترى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن عذر أم المؤمنين لمن حضر وأنها فعلت ذلك غيرة. ولم يعنفها وإنما غرّمها الصحفة التي كسرتها فقط لأن ذلك من حقوق الآخرين. ولو فعلت إحدى نسائنا مثل هذا وهي غائرة غضبى فكسرت إناءً أو مزقت ثوباً أو رمت شيئاً فما ظنكم أن يكو رد الفعل من كثير من رجالنا؟!

2- عن عائشة ضي الله عنها قالت: ما غِرتُ على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرتُ على خديجة. وما رأيتُها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها. وربما ذبح الشاة ثم يقطِّعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد"أ.هـ.

ففي الحديث، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شمل حُسنُ خلقه الأمواتَ والأحياء. وحسن عهده لزوجته المتوفاة واتسع صدره لزوجته المتوفاة؛ ولان جانبه لزوجته التي معه ولم يعنف عائشة رضي الله عنهما لأن الذي دفعها إلى ذلك هو محبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرتها وهي طبيعة في النساء لا يمكن إلغاؤها، ولكن تهذيبها وتشذيبها ولا يكلف الله سبحانه وتعالى نفساً إلا وسعها.

والله المستعان.. وصلى الله وسلم على محمد وآله أجمعين. والحمد لله رب العالمين.

إبراهيم بن علي القيشان

ص.ب 5415

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة