Wednesday  11/10/2011/2011 Issue 14257

الثلاثاء 13 ذو القعدة 1432  العدد  14257

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

رغم أنني لا أولي اجتماعات مجلس الشورى وقراراتهم الاهتمام الكبير الذي يفعله كثيرٌ من المواطنين، لأن هؤلاء الأعضاء، وفي أحسن حالاتهم ووطنيتهم، حينما يصوّتون لصالح قرار من شأنه خدمة إنسان هذه البلاد، فإنه يظل مجرّد توصية يتم رفعها إلى مجلس الوزراء، وفي الغالب يتم إعادتها من أجل إعادة دراستها والنظر فيها، فهي ليست سوى توصية أو مجرد مقترح ليس إلزامياً.

هكذا حلم المواطنون، خاصة موظفو الحكومة، الذين بدأ بعضهم ينشئ قنوات التصويت في الإنترنت لصالح إقرار هذا الحلم، وبعضهم الآخر بدأ يخطط للانتقال من شقته إلى دور أرضي، لأن أطفاله يحلمون بباحة وحديقة، وبعضهم وعد زوجته بأنه سيبقى في شقته، وسيدخر نصف بدل السكن على مدى عشرين عاماً كي يشتري أرضاً، يدّخر بعدها على مدى ثلاثين عاماً كي يزرع فيها بيتاً! هل قلت يزرع؟ أظن ذلك.

هؤلاء يتشابهون كثيراً، بل يشبهون الرجل الذي علّق جرّة العسل على الحائط وغرق بأحلام اليقظة، وأنه سيبيع غداً هذه الجرة، ويشتري بثمنها كذا وكذا، ثم يبيع ويشترى إلى أن يتزوج، وتنجب له زوجته صبياً، ويأخذه بالأدب، ويضربه بهذه العصا، فرفعها فعلاً وهو يخبط بها الجرة، فتسقط ويسيل العسل، فها هو عسل الحالمين قد سال قبل أن يخرج من تحت قبة الشورى!

هؤلاء لا يختلفون كثيراً أيضاً عن عضو مجلس الشورى الذي يتقافز أمام القنوات الفضائية كي يثبت أن بدل السكن هو أمر لا جدوى منه وسيكلّف خزينة الدولة، ولن تستطيع الوفاء به على المدى الطويل، وفات عليه أنه مجرد بدل، وليس جزءاً من الراتب الأساس، بالتالي يمكن إيقافه حينما يصل الأمر إلى تعثر وعجز في الموازنة العامة.

وهناك من الكتاّب الصحافيين من يرى بأن ذلك ينصف موظفي القطاع الحكومي دون القطاع الخاص، و... و... كأنما الأمر هو تركة يجب توزيعها بالتساوي بين البشر، دون أن يشير هؤلاء إلى تمتع موظفي القطاع الخاص بالتأمين الطبي مثلاً، وهو ما لا يحظى به موظف القطاع العام.

أحياناً، أشعر حينما أطلع على مواقف بعض أعضاء مجلس الشورى أو بعض الكتّاب أو غيرهم، أدرك أن ثمّة قياس أي قرار منتظر على المنفعة الشخصية المباشرة لهؤلاء، دون أن يفكر البعض بأهمية أنه مؤتمن على إنسان هذا الوطن، سواء كان عضو مجلس شورى أو كاتباً صحافياً، وعليه أن يفكر بغيره قبل أن يفكّر بنفسه، فثقافة الإيثار هي ما نحتاج إلى تكريسه في بلادنا، فأن تؤثر مصالح الآخرين ورفع مستواهم المعيشي على منافعك الشخصية هو رأس الشعور بالمسؤولية التي نتمنى أن تتأكد في بلادنا.

علينا أن ندرك أن هناك من الموظفين الحكوميين، خاصة ممن هم في المراتب الدنيا، هم من تحق عليهم الصدقات، ممن لا يتجاوز دخلهم السنوي عشرين ألف ريال فقط، أي أن دخله السنوي أقل من مكافأة شهر واحد فقط لعضو المجلس (اللّهم لا حسد)، فهؤلاء هم من يستحقون الالتفات لهم، وإنصافهم، ورفع مستواهم المعيشي فوق خط الفقر!

هؤلاء الذين أصلاً لا يملكون جرة العسل كي يحلموا بمستقبل واعد! فهم أقل حتى من مستوى الحالمين!





 

نزهات
عسل مجلس الشورى!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة