Wednesday  12/10/2011/2011 Issue 14258

الاربعاء 14 ذو القعدة 1432  العدد  14258

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حينما هتف (محمد عبده): الأماكن كلها مشتاقة لك.. هل كان يدرك أن الغياب الذي يؤجج الاشتياق حرّض (عبد الرحمن منيف) على كتابة روايته (لوعة الغياب) الصادرة عام 1989م؟!

(عبد الرحمن منيف) المولود في (عمّان) لأب من نجد، وأم عراقية.

أنهى دراسته الثانوية في العاصمة الأردنية، ثم التحق بكلية الحقوق في (العراق) حتى طرد منها مع عدد كبير من الطلاب العرب بعد توقيع حلف بغداد، فواصل دراسته في (جامعة القاهرة)، ثم تابع دراسته في جامعة (بلغراد)، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، تنقَّل بعدها بين الإقامة في (سوريا) و(بيروت) و(العراق) ثم (فرنسا)، ومنها إلى (دمشق) حتى رحل عن عالمنا فجر السبت 24 يناير 2004م عن عدة روايات آية في الإبداع والتفرّد.

ذكر في (لوعة الغياب) أنه:

(إذا كان الموت المادي الذي يلحق الكائن البشري يغيبه، كفرد، عن الأنظار، فإن ما يتركه هذا الكائن، خاصة في إطار الفن والفكر والأدب، يبقى ويتنقل إلى الأجيال اللاحقة، ليساهم في تكوين الذاكرة وتعزيزها).

وبالنسبة لـ(ميلان كونديرا) فقد أوعز له الغياب بفكرة رواية (الجهل) التي سميت بنصّ الغياب لأنها طرحت قضية الغياب عبر شخصية (إرنا وجوزيف)، وقد هاجرا بعيداً عن (تشيكيا) هرباً من النظام الشيوعي، وأمضيا عشرين عاماً في المنفى.. حيث عاشت (إرنا) في (فرنسا)، أما (جوزيف) فقد هاجر إلى (الدنمارك).

وقد واظب (كونديرا) على تحليل ظاهرة الغياب مقارنة بغياب (عوليس) في (الأوديسة).

ما يبعدك عني ولا أي مخلوق

وإن غبت يبقى في غيابك خطوره

مثل النخل مهما رفع هامته فوق

يبقى مصيره مرتبط في جذوره

(الشاعر: محمد العريعر)

(ميلان كونديرا) روائي تشيكي ولد في (برنو) عام 1929م ابن لعازف بيانو مشهور، لذا عشق الموسيقى منذ صغره، ودرسها في الجامعة، كذلك درس علم الجمال وتاريخ الأدب، والتحق بكلية السينما في (براغ). حين مُنِعت كتبه غادر إلى المنفى واستقر في (فرنسا)، ألّف العديد من الروايات المدهشة، الذكية، ومنها يلجأ إلى أكثر الطرق والتقنيات مراوغة وإثارة ومكراً في الكتابة الروائية التي من خلالها يحصل على كشوفاته غير المتوقّعة.

- وإذا مررنا بـ(ابن عربي) وجدنا لديه في الغياب فلسفة مختلفة ومقولته الشهيرة: (أغيب فيفني الشوق جسدي، فألتقي، فلا أشفى فالشوق غيباً ومحضراً).

يا حارس موتي

أحفظ غيابي

أنا حي

هكذا سحر الغياب (مارك ستراند) فكتب قصيدته (عسل الغياب) ووجدت فيها الناقدة: (غالية خوجة) ما يستحق فكتبت فيها قراءة نقدية نشرتها، حبذا لو قرأناها والقصيدة لنقف على الشاعر الكندي (مارك ستراند) من نشأ وترعرع في مدن عديدة عبر (كندا)، (الولايات المتحدة)، (أمريكا الجنوبية)، ودرس في مطلع شبابه الفن إلى الشعر، وارتحل وأقام في أماكن عدة من (البرازيل) و(إيطاليا) و(إيرلندا).

جايز إنك في غيابي تقلب الدنيا علي

بس أنا من قبل أعرفك قالب الدنيا عليك

الغياب - حسب كمال أبو ديب - لغة شعرية، أو رؤية شعرية، أو نهج من أنهاج التناول الشعري، يميل بدلاً من إبراز (الشيء) أو (الموضوع) المعاين والسعي إلى منحه درجة عالية من النصاعة والوضوح إلى الحركة بعيداً عن الشيء وتجنب إبراز تفاصيله الجزئية، وإلى توجيه ضوء خفيف ظلي باتجاهه لكن بقدر كبير من الانحراف عنه، إنه لغة تمس المرئي عن بعد بلمسات رقيقة مواربة وتغيبه بطرق مختلفة بحيث تبدو أقرب إلى مرئي يكفنه الظل أو الضباب الناعم.

وش الجديد إن غبت بكرا وبعده؟

مشوارنا رغم الغلا كله غياب.

الشاعرة العراقية (دنيا ميخائيل) ترى ذلك الغياب في ديوانها (مزامير الغياب) والعلاقة الثنائية في نصها.

في النهار

زرت قبرك الذي تبيض فيه الطيور ذكرياتها

في الليل

حلمت.. بأني شاهدة

علاقة ثنائية في الزمن المخفي بين الحضور في الفعل (زرت) وفي الغياب (حلمت).

- (دنيا ميخائيل) ولدت في (بغداد) سنة 1965م، حصلت على البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من (جامعة بغداد) - كلية الآداب -، وماجستير آداب شرقية من جامعة (وين ستين) الأمريكية، تعيش الآن في (ميتشغان)، حيث تدرّس لغة عربية في مدرسة ابتدائية.. نالت جائزة حقوق الإنسان في حرية الكتابة من الأمم المتحدة 2001م.. أعمالها: مزامير الغياب، يوميات موجة خارج البحر، على وشك الموسيقى، الحرب تعمل بجد.

وها هي تسبح بنية الغياب في نص:

توقف الزمن

عند الساعة الثانية عشرة واحتار الساعاتي

لا خلل في الساعة كل ما في الأمر

أن العقربين طال عناقهما

ونسيا العالم..

وكنت قد كتبت بيت شعرٍ في زمن قرضي للشعر العامي الغياب سيّده:

في غيابك وقف قلبي وصدري انتابته رجفة

لأن الحب فـ غيابك في وجهي أعلن إفلاسه

إضاءة خافتة:

ذاكرة الغياب لمحمد النبهان في قصيدة:

(أينما جرف النهر ظلّ الغياب)

ابتعدت

ابتعدت

وغافلني النصل في الخاصرة

الخريف يبعثر أيامنا

عبث الرحلة- السكر

والطفلة الحائرة

في الرمال الجديدة وزع أحزانه وارتمى..

بين كفيّه خوف المسافة والريح، من للغريب؟

ذكرتكِ! فوق احتمال العبور- الجواز المزور،

أول أرض تراءت بكى الطفل في داخلي..

واحتضنت الغياب.

bela.tardd@gmail.com
p.o.Box:10919-Dammam31443 - Twitter: @Hudafalmoajil - @KnowUrRights1
 

بلا تردد
أينما جرف النهر ظلّ الغياب
هدى بنت فهد المعجل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة