Friday  14/10/2011/2011 Issue 14260

الجمعة 16 ذو القعدة 1432  العدد  14260

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا أعلم حقيقةً سرَّ تجاهل الهيئة العامة لمراكز الخدمات على الطرقات الرئيسة وأماكن الراحة فيها، وحتى لا أظلم الهيئة والقائمين عليها، فيكفي القول بأنني لا أعلم إن كان هناك ثمة خطط معينة تعتزم الهيئة القيام بها لإصلاح وتطوير تلك المراكز الخدمية سواءً محطات الوقود أو ما يُسمى بالاستراحات أو المطاعم وأماكن الخدمات التي يحتاجها المسافر،

وحسبي لأن القائمين على الهيئة يعون تماماً أن الطرقات البرية لدينا باتت خياراً ضرورياً لكثير من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في سياحتهم الدينية أو رابط بين وافدي تلك الدول وبلادهم الأصلية فارتيادهم لتلك الطرقات بات ضرورة وما يرونه لا شك يعكس الكثير مما لا أود التطرق إليه في هذا المقال القصير، فضلاً عن المقارنة التي عادةً ما يجريها أي مرتاد لأي مكان في العالم بين ما يُقدم له من خدمات في البلد الذي يرتاده وفي بلده الأصلي.

لدينا أيضاً أكثر من ثمانية ملايين من غير السعوديين المقيمين في هذه البلاد والذين يرتادون تلك الطرق بشكل مكثّف، ممن يسافرون براً للسياحة الدينية أو من مدينة لأخرى للسياحة العادية وهم بذلك ينقلون ما يشاهدونه لأقرانهم في بلادهم، وحقيقة الأمر أن ما يشاهدونه لا يسر ولا يفرح ولا يجعلنا فخورين تماماً بما يُقدم فضلاً عن أنه يسيء بالدرجة الأولى للجهة الإشرافية عليه بغض النظر إن كانت جهة أخرى غير الهيئة كوزارة النقل أو خلافه، فالناس لا تعرف إلا الهيئة ولا ينتظرون تحسينات إلا من الهيئة ولا يتوقّعون ارتقاء بتلك الخدمات إلا من الهيئة.

من أهم الأسباب التي أنشئت من أجلها الهيئة هو التشجيع على السياحة الداخلية وهذا لن يأتي إلا عبر تحسين وتطوير الخدمات المقدمة، فكيف لنا أن نشجع من اعتاد السفر للخارج للسياحة على قضاء إجازته داخلياً أو محلياً وهو يعي ويعلم ويدرك أن بادرة رحلته ستكون التوقف عن محطة وقود للتزوّد منها وسيرى ويرى من معه قذارة المكان ورائحته النتنة، بل إن قُدّر له أو لأولاده أن احتاجوا لاستخدام دورات المياه - أكرمكم الله- كانت الكارثة، فيقيني أن جُل تلك الدورات لم تعهد دخول عامل لتنظيفها الأمر الذي يجعلك تشم رائحتها وأنت في سيارتك أثناء تزوّدك بالوقود، ثم إن أراد السائح الصلاة عليه أن يجعل بيده سجادة صلاة يضعها في المسجد الذي لم يشهد هو الآخر أي تنظيف بخلاف الرائحة الكريهة المنبعثة منه.

جميعانا يعلم حجم وصعوبة مهمة الهيئة لتغيير ثقافة المواطن من السياحة الخارجية إلى السياحة الداخلية لكنني في ذات الوقت أؤكّد أن جزءاً من المهمة الملقاة على عاتق الهيئة أن تقوم بدورها في تحسين البنى التحتية للسياحة الداخلية حتى تستقطب أولئك السائحين أو على الأقل يتم تناقل منجزها بين الناس من مواطنين ووافدين ومارين، الأمر الذي سيؤثّر إيجاباً في المواطن الرافض للسياحة المحلية ويجعله ربما يفكر في القيام برحلة داخلية. وإن حدث ذلك ووجد ما يسر ناظره فلعله كرّر ذلك مراراً وتكراراً. أما أن نقوم باستجداء المواطنين بضرورة التمتع بالسياحة الداخلية وقد أغفلنا أهم الجوانب في تحسين الصورة العامة للسياحة الداخلية فكأننا ندور في حلقة مفرغة.

لا بد أن القائمين على إدارة الهيئة العامة للسياحة والآثار وبعد مرور قرابة عشر سنوات على إنشائها يعون تماماً مسألة التقويم الذي ينتظرهم وينتظر ما عملوا خلال تلك الفترة وأهم المنجزات التي تمت على صعيد تحسين البيئة السياحية بالمملكة في شتى مجالاتها، وهم يعون أيضاً أن عشر سنوات ليست كافية في عمر منشأة كالهيئة العامة للسياحة والآثار ليس قصوراً فيها وفي من يديرونها، بل لعدم وجود مفهوم وثقافة السياحة الداخلية بشكل يسمح لها بتوظيفه لتحقيق أهدافها، عشر سنوات ليست كافية لتحقيق ما رسمته من أهداف في بداية إنشائها لكنهم في ذات الوقت على دراية كافية بأن تلك الفترة كفيلة على أقل تقدير بتقويم المرحلة ومعرفة ما تم وما لم يتم من ناحية، والجوانب التي يُفترض أن يتم تغيير آليات العمل لإنجازها إضافةً إلى ما استجد خلال تلك الفترة وأصبح أمر الانتباه له ضرورة تحتم إضافته لأهداف الهيئة وما يلحق ذلك من تعديل لخطط إنجازه أو خطط عمل الهيئة من ناحية أخرى.

يكفي أن نقوم بما يجب علينا القيام به لضمان نجاح الجهد في تأمين حدود دنيا للسياحة الداخلية من تأهيل أماكن الجذب السياحي والترويج لها ومراقبة مزوّدي الخدمات السياحية من إيواء وترفيه إلى منتزهات ومطاعم، يكفي أن نقوم بتنظيم تلك الخدمات على نحو يجعل من السياحة الداخلية هدفاً للمواطن والمقيم، يكفي أن نوفر للمواطن والمقيم والسائح ما يتوقّع أن يجده في رحلاته الخارجية لكسب بقائه داخلياً، يكفي أن نعمل على تيسير السياحة الداخلية على محدودي الدخل ممن لا يستطيعون السفر للخارج للسياحة، يكفي أن نرفع شعار البقاء للأنظف والأجمل والأفضل خدمة والأقل تكلفة من مزوّدي الخدمات السياحية والقضاء على الجشعين منهم ممن يعملون عكس ما تهدف إليه الهيئة. وإلى لقاء قادم إن كتب الله.

dr.aobaid@gmail.com
 

أرجوكم يا هيئة السياحة
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة