Sunday  16/10/2011/2011 Issue 14262

الأحد 18 ذو القعدة 1432  العدد  14262

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الشعير: هل هو غذاء المواشي الأول والأخير؟
رائد بن عبدالعزيز الحرقان

رجوع

 

سعت حكومتنا جاهدة في الحفاظ على أسعار السلع بمختلف أنواعها، ومكافحة التضخم للحفاظ على أسعار معتدلة وفي متناول جيب المواطن. فهي -منذ أمد بعيد- تدعم القمح والشعير، كما استثنت المئات من أنواع الأغذية من الضرائب بهدف تقليل أسعارها.

الأزمة «السابقة» للشعير وارتفاع أسعاره مشكلة معقدة، والدولة لم تدخر حل إلا وسارعت إليه بهدف دعم تربية المواشي، لكن المشكلة أضحت بسببنا نحن، وتحتاج منا إلى فهم لأسباب هذه المشكلة كي لا تتكرر، خصوصا أنها تحدث في وطننا دون غيره.

أحد أهم هذه الأسباب تتركز على كثير من عاداتنا وعادات مربي المواشي على حد سواء.

فإسرافنا في قطع رقاب الضان في مناسباتنا العامة والخاصة منقطع النظير، ولا أعتقد أن دولا يبلغ عدد سكانها الأربعين أو ربما الخمسين مليون أو أكثر يمكن أن تجارينا في استهلاكنا للحوم.

بل إن استهلاك اللحم أصبح عادة عند الكثيرين، فلا يهنأ بمائدة لا يعلوها ربع تيس أو أقل أو أكثر! والحقيقة المبكية أن هذه العادة جرت لنا من الأمراض مالا يحمد عقباه.

في تصريح للدكتور محمد رضوان استشاري طب القلب بجامعة الملك سعود أن «نصف سكان السعودية مصابون بالكولسترول»، عازياً ذلك للفوضى المسيطرة على المائدة السعودية!! وفي محاضرة عن السمنة ذكر البروفيسور أسامة حمدي، استشاري الغدد الصماء والسكري والسمنة ضمن محاضرة عن السمنة إن السعودية تقع ضمن أول 10 دول في العالم تعاني من البدانة، ومعلوم أن ما يقرب من ربع السكان يعانون من داء السكري، لدرجة أن أضحى في إفهامنا أن الرجل الذي يتجاوز الخمسين لابد وأن يكون مصاباً بهذا الداء، ومن ينجو منه يعد رجلاً «محظوظاً!»، كما ذكر الدكتور حسن الزهراني -وهو رئيس الجمعية السعودية لجراحة الأوعية الدموية- أن عدد حالات البتر التي تحدث سنوياً تصل إلى ستة آلاف حالة!!» وكل هذا مرتبط بداء السكري بالدرجة الأولى، أما أمراض الكلى فحققنا فيها نسبة تصل إلى 20 % (بحسب المؤتمر السنوي للغدد الصماء والسكري الذي أقيم في جدة). الغريب أن هذه الأمراض وغيرها من أمراض هذا العصر لم تكن معروفة أو ربما لم تكن مستشرية في هذه البلاد قبل بضعة عقود.

إذن يمكن أن تكون أحد الحلول الرئيسة لتذبذب أسعار الشعير هي في تغيير بعض العادات السيئة المسيطرة على موائدنا واستبدال اللحوم بما هو صحي.

المشكلة أن الكثير منا لا يحبذ هذه الطريقة، ويريد حلولا أخرى.

قصص التاريخ التي تحكي ارتفاع أسعار السلع وما صحبها من تغيير العادات كثيرة.

فحينما ارتفعت الأسعار بالمدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتكى الصحابة ذلك وقالوا: سعِّر لنا، أجابهم -صلى الله عليه وسلم: «إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال».

رواه الخمسة إلا النسائي.

فكأنه عليه السلام أرشد الصحابة إلى أن تحديد الأسعار لا يمكن أن يتم في كل الأحوال أو على كافة السلع.

المشكلة ذاتها وقعت زمن عمر رضي الله عنه، واشتكى إليه الناس ارتفاع أسعار اللحم فقال أرخصوه، اتركوه يرخص.

عمر رضي الله عنه قال لأصحابه اتركوه لأنه كان يعلم أن عاداتهم صحية وليس فيها من الإسراف، أما نحن فلا نطالب بترك اللحم بل بشيء من تغيير العادات السلبية.

بعض مربوا الماشية يعتمدون على الشعير بشكل أساسي.

فهم يرون أن الشعير يجب أن يكون متوفرا أمام الماشية طيلة الوقت، بل ربما يصعب على بعضهم أن يبيت مطمئنا، دون أن يترك لماشيته قدرا منه، فهم اعتادوا على هذا النوع من التعليف لأنه أفضل تعليف للمواشي، ومتوفر ولأنه رخيص حيث يحظى بدعم حكومي هائل.

هذه العادة قادتنا إلى استهلاك جميع الإنتاج المحلي من الشعير وعلى أكثر من 40 % من إجمالي بيع الشعير عالمياً!.

لاشك أن الشعير غذاء المواشي المفضل، و «يبني الشحم على اللحم»، لكنه حتما ليس الغذاء الوحيد.

فالبرسيم والرودس والتبن والذرة بأنواعها والأعلاف المركبة وغيرها يمكن أن يعتمد عليها في تعليف المواشي.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة