Sunday  16/10/2011/2011 Issue 14262

الأحد 18 ذو القعدة 1432  العدد  14262

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

من رسائل العلماء الأدبية قبل أكثر من قرن
د. محمد بن ناصر الشثري

رجوع

 

كثيرة هي الرسائل بين أهل العلم والتي يتباحثون فيها جوانب دينية وعلمية وبحثية في تخصصاتهم الشرعية ما بين مناقشات أو فتاوى وإجابة لمسائل قد تشكل على بعضهم، فيستعين العالم بأخيه في هذه القضايا، وهذا أمر معروف لدى الجميع.

لكن القليل من الرسائل بين العلماء وطلبة العلم ما يكون بلغة أدبية راقية، وبعبارات مسجوعة وغير متكلفة، فهذا أمر يستحق أن نقف عنده فهو وإن لم يكن نادراً إلا أنه قليل كون عبارات العلماء وكتاباتهم لها عبارات ولغة معروفة لدى الجميع.

واحتفظ في مكتبتي الخاصة بوثيقة تدخل في هذا النوع بين اثنين من أهل العلم تمثل هذا النوع من المراسلات الأدبية بين أهل العلم، إذ أرسل الشيخ فوزان بن عبد العزيز، وهو من علماء القصيم رسالة إلى صديقه وزميله في العلم والدراسة الشيخ محمد بن علي الشثري رحمهما الله (والشيخ محمد الشثري يقيم بجنوب نجد).

وهذه الرسالة تدخل في مجال المراسلات الأدبية بين العلماء فقد احتوت عبارات مسجوعة وأبيات شعرية وهي رسالة تتعود في تاريخها إلى السابع من شهر رجب في العام 1321هـ أي قبل قرن وعقد من الزمان، وهي رسالة تفوح بالمحبة والصلة والتواصل بين اهل العلم في طرفي نجد بين شمال نجد وجنوبها.

وفيما يلي أورد للقارئ الكريم نص هذه الرسالة، لنقف بعد ذلك عدة وقفات أرجو أن يكون فيها ما يهم القارئ والمطالع.

من فوزان بن عبد العزيز إلى جناب الأخ المصافي ومن شأن محبته وصدقه غير خافي الخ الحبيب واللوذعي النجيب صافي السريرة ومن عين محبته في ذروة المجد والمكارم قريرة محمد بن علي الشثري أفاض الله عليه جميع النعم وحرسه من جميع الأسقام والنقم، آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وموجب الكتاب هو إبلاغ المحب جزيل السلام والتحية والاحترام لا زلتم بخير وعافية على الدوام، وان سألتم عن المحب فهو بخير وعافية وتقدم الجنابة الشريف خط قبل هذا بشهر بلغنا ما جرى عليك في من قل الصح فتكدر ما صفى وامتلئ القلب حزنا ولهفى ونحن إلى الآن لم يأتنا من الخبر الصحيح عنك ما يشفي العليل ويروي القلب والمرجو من مولانا أن يقبل ما دعينا به ثم المرجو من جنابك تعجل لنا جوابا نرجو أن علينا خير قادم وأن محبكم يصبح من أجله فير محزون وغير نادم

فاسطر لنا يا أخا العرفان منتدبا

طربا يكون به من همنا فرجا

فقد أتانا من الأخبار ما كثرت

من الهموم وأضحى القلب محترجا

وغاب عنا الذي كنا نسر به

من عهدنا سعدكم قد صار مبتلجا

وذاك ممن أتي ينمي لنا خبراً

فيما أتى من سقام بالأذى مزجا

فاعجل كفيت الأذى يابن الكرام بما

اغدو به بعد هذا الخطب منتهجا

هذا مالزم تعريفه لدينا مع ما يبدو لكم من اللازم فإنه أشرف قادم علينا وبلغ سلامنا لأبي زيد وأحبابنا الكرام فرحان ومحمد بن فرحان وإلى صالح وإلى أبو علي وإلى عيسى وإلى سليمان وكافة الحمولة والشيخ والإخوان ومن لدينا الشيخ عبدالله وإبراهيم وخواص إخوانكم فارس وكافة خواص إخوان عبد المحسن ابن باز كذلك سلم لنا على عبد العزيز أبو محمد ومحيميد، والجميع يسلمون والسلام.

هذا نص الرسالة وهي تؤكد التواصل الحميم والقديم بين أهل العلم في هذه البلاد لاسيما بعد قيام الملك عبد العزيز برحلته الكبيرة في توحيد هذا البلاد فهذه الرسالة كتبت بعد استرداد الملك عبد العزيز للرياض بعامين.

ويجد القارئ في هذه الرسالة نموذجاً من أسلوب التواصل بين أهل العلم، كما أنها احتوت منهجا لطيفا في إيصال السلام بين العلماء وأقاربهم وأبنائهم ومن حولهم فقد سأل الشيخ فوزان عن زيد نجل الشيخ محمد وهو شخصية معروفة وتاجر وعلى صلات جيدة بكبار رجالات البادية وبخاصة قبيلتي عتيبة وقحطان وهو رواية معروف أدركته في آخر حياته وكان حينها قد جاوز الثمانين من العمر وقد كنت أحرص على البر به وكنت آتي به كل ليلة إلى مجلس والدي معالي الشيخ ناصر الشثري فيسعد بهذا المجلس المليء بكل شرائح المجتمع ، وقد كان بيننا تواصل وأفادني ببعض المعلومات والروايات.

فكاتب هذه الرسالة هو الشيخ فوزان بن عبد العزيز الفوزان من أسرة الفوزان الأسرة المعروفة بمحافظة الشماسية بمنطقة القصيم من مواليد عام (1275 هـ) صاحب رحلة في دول الخليج العربي، ولما تمكن الملك عبد العزيز من استرداد الرياض كان قريبا منه يحضر مجالسه ويشاركه في الغزو، وهو من أملى عليه الملك عبد العزيز كتاب (الورد المصفى المختار) وقد طبع هذا الكتاب صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز عدة طبعات.

وقد توفي فوزان هذا في العام (1326 هـ) رحمه الله رحمة واسعة.

كما أن الشيخ الوارد في هذه الرسالة هو الشيخ إبراهيم بن عبد الملك آل الشيخ والذي عمل في القضاء قريبا من خمسين سنة.

والشيخ عبد الله الرواد في الرسالة هو الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف مفتي الدولة السعودية في عهد الملك عبد العزيز.

والشيخ إبراهيم الوراد في الرسالة هو الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف والد العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية قبل عدة عقود.

والشيخ عبد المحسن بن باز الوارد في هذه الرسالة من علماء عصره المشهورين، وهو عم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي السابق للسعودية.

والشيخ حمد بن فارس من العلماء المعروفين ومتبحر في علم اللغة العربية وهو قيم بيت المال في عهد الملك عبد العزيز.

والشيخ محمد بن عبد العزيز والد الشيخ عبد العزيز أبو حبيب العالم المعروف وجد معالي الشيخ ناصر الشثري المستشار بالديوان الملكي.

رحم الله الأموات وأمد في عمر الأحياء على خير وعمل صالح.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة