Wednesday  19/10/2011/2011 Issue 14265

الاربعاء 21 ذو القعدة 1432  العدد  14265

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في إعلان تأخر خمسة أشهر ظهر أربعة من كبار المسئولين الأمريكيين في ردهات وزارة العدل الأمريكية ليعلنوا عن إحباط أجهزة الأمن الأمريكية لمخطط كان يستهدف اغتيال سفير المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية الأستاذ/ عادل الجبير. كان على رأس هؤلاء المسئولين الأمريكيين كل من المدعي العام الأمريكي (وزير العدل) روبرت هودلر وروبرت موللر رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية أف. بي. آي. وليس ظهور هؤلاء المسئولين سوياً للإعلان

عن إحباط المحاولة هو ما يثير دهشة المراقبين، ولكن ضلوع مسئولين حكوميين إيرانيين في المحاولة هو ما اعتبره المراقبين سابقة خطيرة تحمل في طياتها تساؤلات ملحة تحتاج إلى تغطية وتحليل عميقين. تقول صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بأن المحاولة إن صحت فهي تهور غير مسبوق من قبل الحكومة الإيرانية لقتل دبلوماسيين يعملون على الأراضي الأمريكية مما قد يرقي إلى مرتبة إعلان حرب غير معلن من الحكومة الإيرانية ضد الولايات المتحدة الأمريكية. خيوط المؤامرة تم كشفها من قبل أجهزة الأمن الأمريكية في شهر مايو المنصرم، والمتهم الرئيس لتنفيذها منصور عربابيسار والموقوف على ذمة القضية منذ التاسع والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، فلماذا أجلت الولايات المتحدة الكشف عن المؤامرة وما هي تبعاتها على المنطقة؟

قبل الخوض في تحليل السيناريوهات الافتراضية لما حدث في واشنطن فالحقائق والوقائع على الأرض تؤكد بأن المملكة العربية السعودية وقيادتها قدمت المرة تلو الأخرى المساعدة للحكومة الإيرانية في كافة المحافل الدولية في القضايا التي كانت إيران طرفاً فيها وخصوصاً فيما يتعلق بلمفها النووي وذلك انطلاقاً مما تفرضه حقائق الجيرة والأخوة والدين. في المقابل كان سجل الحكومة الإيرانية ملئ بالحقد والكراهية والتأمر لم تسلم منه أي من الدول العربية وبلا استثناء. ففي البحرين حرضوا ومازالوا على الفتنة بين أبناء الوطن الواحد والذين كانوا دوماً وعبر الحقب قادرين على حل كافة مشاكلهم مهما استعصت إلى أن دست الحكومة الإيرانية أنفها في قضايا البيت الواحد. وسعت وتسعى من خلال نفوذها على بعض أطراف المعارضة البحرينية على إشعال نار الفتنة بين مجتمع كان مثالا للآخرين بمتانة عورى التواصل بين أفراده وبغض النظر عن الطائفة، وسعت الحكومة الإيرانية في تسييس مشاكل اقتصادية داخلية حدثت وتحدث لأقوى اقتصاديات العالم إلى أخرى طائفية بغيظة عمياء. بل إنها وعلى لسان أحد ملالييها أكدت بأن البحرين جزء لا يتجزأ من إيران ولابد من إعادتها. وأطماع إيران في الخليج العربي لم تشمل البحرين فقط بل الخليج العربي بأسره، حيث صرح رئيس هيئة الأركان في تصريح مشبع بالغطرسة وجنون العظمة والهيمنة الإيرانية قبل فترة وجيزة بأن الخليج كله ملك لإيران. وتدخلها الصارخ في شئون العراق ليس بغائب عن القاصي والداني والذي لم يستثن البلاد أو أهلها. فسرقت بالظلم أراضٍ حدودية متعارف دولياً بملكية العراق لها وسرقت من نفط العراق ما طاب لها. وأثارت النعرات الطائفية بين مواطني البلد الواحد، نعرات وأحقاد لم يعرفها تاريخ العراق الحديث والقديم بغض النظر عن القوة التي كانت تحكمه وأصبح القتل على الهوية في العراق أمر يومي، روتيني، ممنهج. الغريب أن كل هذه الأشكال من التدخل السافر في الشئون العراقية تم بمرئي ومسمع من قوات الاحتلال والتي لم تحرك ساكناً. وليس عجباً أن يصرح محافظ النجف عدنان عبد خضير الزرفي قبل أيام بأن أكثر من 90% من سكان النجف حيث توجد العديد من المزارات الشيعية يكرهون الحكومة الإيرانية. ومصر بعد ثورة 25 فبراير لم تفوت الحكومة الإيرانية فرصة ما صرح به مسئولون مصريون عن نيتهم في إقامة علاقات طيبة معها وبادرت بسرعة الملهوف على التخريب بتحريض أحد دبلومسيها في القاهرة قاسم الحسيني لإشاعة الفوضى والذي اتضح لاحقاً للسلطات المصرية بأنه جاسوس كان يعمل من أجل إشاعة فتنة بين الشيعة والسنة في مصر. وتدخل الحكومة الإيرانية في الشأن اللبناني يعرفه القاص والداني، تدخل قوض أمن لبنان من جذوره وجعله بلد يعيش على كف عفريت. تدخل حرض أبناء الدين الواحد على بعضهم البعض بطائفية عمياء لا تبقي ولا تذر ولم ينزل بها الله من سلطان. والحكومة السورية الحليفة لحكومة إيران لم تسلم هي بدورها من مؤامرات الحكومة الإيرانية التي تلتحف دوماً وكعادتها بعباءة الطائفية المقيتة وتحاول بكل ما تستطيع من دق آسفين بين الطائفة العلوية وبقية الطوائف السورية. واليمن الذي عرف المذهب الشيعي طوال تاريخه الإسلامي لم يشهد نزاعات طائفية حتى تدخلت الحكومة الإيرانية وأشعلت نار الفتنة وأذكت تمرد الحوثيين وحرضتهم وزودتهم بالمال والسلاح لخوض حرب عصابات ضد المملكة. ومؤامرات الحكومة الإيرانية لتصدير الثورة ونشر الفكر الشيعي لم تنقطع بل ما أن يهدأ أجيجها حتى يستعر مرة أخرى، في دوامة مؤامرة لا تنقطع ضد العالم العربي ما أن تنطفئ في جزء منه حتى تشتعل في جزء آخر.

بعد التطرق لدور الحكومة الإيرانية المتآمر على الأمة العربية والظاهر للعيان وعوداً لما تم الإعلان عنه في واشنطن من إحباط لمخطط لاغتيال سفير المملكة، فلقد كثرت التحليلات في مختلف وسائل الإعلام العالمية لمحاولة منها لقراءة تحليلية هادئة لما بين سطور ما أعلن عنه. ولعل من أغرب هذه التحليلات أن ما أعلن عنه ليس إلا مناورة سياسية تم حبكها بإحكام بين طهران وواشنطن من أجل إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية. فشعبية الرئيس هي في أسوء حالاتها حتى بين مؤيديه المخلصين بنسبة لا تزيد عن 21% حسب استطلاع للرأي أجري في الولايات المتحدة مؤخراً. فالرئيس أوباما رفض الحظ أن يبتسم له مرتين، ابتسم له مرة عندما تجاوز وبجدارة منقطعة النظير كل المعوقات ليصبح الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية. بيد أن الحظ أدار ظهره له بعد انتخابه وبسبب السياسات الاقتصادية المتهورة لسلفه الرئيس بوش الابن وأزمات مالية خانقة والتي بدأت بأزمة الرهن العقاري الأمريكي على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية وأزمات وول ستريت شارع المال الأمريكي وتداعياتها من إغلاق وإفلاس العديد من البنوك الأمريكية وعلى رأسها بنك ليمان برزرز( الأخوة ليمان)، كل هذه المشاكل الاقتصادية المتلاحقة والتي آثرت بشكل خطير وفادح في قوة الاقتصاد الأمريكي، مع ارتفاع نسبة البطالة لتتجاوز 9% ، إضافة إلى توقعات شبه مؤكدة بأن أزمة الديون الأوربية ستؤثر سلباً على السوق الأمريكي خلال عام 2012م، عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما سيؤثر ولحد بعيد في فرص الرئيس أوباما بالفوز بولاية ثانية. ولاية يطمح فيها كونه رئيساً مفعماً بالروي بأن تكون ولاية يحقق فيها ما عجزت ظروف ولايته الأولى في تحقيقه بسبب ظروف اقتصادية خارجة عن إرادته قوضت وبشكل جذري برنامجه الانتخابي. فالرئيس أوباما فتحت له الظروف السياسية ذراعيها لينتخب رئيساً لأقوى دولة في العالم لتخونه الظروف الاقتصادية لاحقاً والتي لا محالة ستقوض فرصة إعادة انتخابه لفترة ثانية، ولن يشفع للرئيس أوباما سجله في خدمة القضايا الأمريكية المختلفة، فالمواطن الأمريكي يهمه أولا وثانياً وثالثاً وأخيراً الشأن الاقتصادي الداخلي والذي فشل فيه الرئيس أوباما فشلاً ذريعاّ بسبب الأزمات الاقتصادية المتلاحقة والحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان، وكذلك بسبب تقاعسه الغير مبرر في مواجهة الكنجرس الأمريكي ذو الأغلبية الجمهورية لإقرار خطته التي أعلن عنها مؤخراً لتحفيز نمو الاقتصاد.

يقول منظرو هذا السيناريو وانطلاقاً من مقولة المثل الأمريكي والذي فحواه « Desperate Times call for Desperate Measures» بمعنى»الظروف الحرجة تستدعي حلول يائسة»، بأن هناك تفاهماً سرياً بين الحكومة الإيرانية وأمريكا يقضي بالتصعيد العسكري بينهما تزداد وتيرته مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية لتعزيز فرص الرئيس أوباما في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الأمريكية القادمة. السيناريو سيكون على مراحل تصعيد إعلامي وآخر سياسي بين البلدين يليه تصعيد في مجلس الآمن ثم تصعيد عسكري في مياه الخليج العربي. ويستند منظرو هذا السيناريو أن الشعب الأمريكي وعبر تاريخه لا يغير رئيسه في زمن الحرب أو في وقت الاستعداد لها، وبأن أمريكا أعلنت مؤخراً أنها تنسق مع الحكومة الإيرانية وقواتها البحرية المتواجدة في مياه الخليج العربي لمنع حدوث احتكاك قتالي بين السفن البحرية للبلدين والتي يبدو أن الكثير منها سيكون في مياه الخليج العربي قريباً.

يبقى سؤال حائر لمنظري هذا السيناريو وهو، ما هو الثمن الذي ستتقاضاه الحكومة الإيرانية عن دورها في هذا السيناريو!!!؟

باحث إعلامي

Alfal1@ hotmail.com
 

مسلسل مؤامرات الحكومة الإيرانية وأكثر السيناريوهات غرابة!!!
د. محمد بن يحيى الفال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة