Friday 21/10/2011/2011 Issue 14267

 14267 الجمعة 23 ذو القعدة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأولى

      

لا أعتقد أن أحداً قد مسَّه الجزع إثر سماعه بخبر مقتل القذافي، أو أنه ذرف الدمع حزناً على نهايته، فضلاً عن أن يكون قد شعر لحظة إعلان النبأ بالتعاطف مع ما انتهت إليه حياته على النحو الذي شاهده العالم وهو في قبضة الثوار حياً ثم ميتاً وفي مشهد مثير.

***

لقد أذلَّ القذافي الشعب الليبي على مدى أكثر من أربعين عاماً، وحكم البلاد بالحديد والنار، وصادر خلال حكمه إرادة المواطنين، وبدَّد ثروات البلاد في مؤامرات عبثية لم تسلم كل دول العالم من آثارها، وأنهى فترة حكمه بالاعتماد على المرتزقة في تخريب البلاد وقتل الثوار ليلقى هذا المصير الذي يستحقه على يد الأحرار الشرفاء في ليبيا التي يمثل عمر المختار لا معمر القذافي رمزها الكبير.

***

وهكذا تكون دائماً نهاية الطغاة والظلمة والمستبدين، وبمثل ما حدث في ليبيا تتكرر الدروس والعبر أمام من يملك القدرة من الحكام على قراءة التاريخ فيستفيد منها، ولكن القذافي لم يكن من بين هؤلاء، ولهذا فقد كابر وعاند وتوعد، وظن أنه قادر على إطفاء مشعل الحرية، والإمساك بيديه بفتيل الحرب وصمام السلام.

***

إنها سنوات وأزمنة بالغة السوء مرت بها ليبيا وشعبها الأبي، فقد جللها السواد وغشاها القهر والظلم والاستبداد؛ إذ كانت خلال حكم هذا الطاغية سجناً كبيراً لليبيين الأحرار، ومرتعاً خصباً لكل أعداء الشعب، ومناخاً مهيّأً لتعذيب الشعب ومصادرة حقوق الإنسان.

***

ومرة أخرى، فإن غياب القذافي عن المسرح الليبي وعن الحياة، هو نهاية لمرحلة تاريخية كان قد آل الحكم فيها لمن سرق ليبيا، وبدد ثرواتها، وأهان شعبها، وحوَّلها - وهي الدولة النفطية الغنية - إلى دويلة متأخرة ومتخلفة في خدماتها وبنيتها التحتية، دون أن يسمح القذافي للعقلاء في ليبيا ولو في فرصة متأخرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

***

إن مقتل القذافي وبقية رموز نظامه واعتقال البعض منهم، إنما يؤذن بلا شك في بناء ليبيا المستقبل وليبيا المؤسسات والحرية التي حرموا منها طويلاً، ومن غير أي خوف من أن تمتد يد الطغاة من عملاء النظام البائد إلى حياة أحرار ليبيا، وفي أحسن الأحوال دون أن يزج بهم ونسيانهم في غياهب السجون.

***

ومن حق الشعب الليبي الشقيق أن يشعر الآن بهذا الانتصار العظيم، وأن يعبر عن فرحه بالقضاء على نظام فاسد ومستبد، غير أن الفرح الحقيقي سيكون عندما يواجه التحديات المستقبلية وينتصر عليها ببناء دولة المؤسسات التي تقوم على العدل والحرية وحقوق الإنسان والتي غيَّبها القذافي، وأن يتم استثمار الثروات الهائلة التي تتمتع بها البلاد في بناء الدولة الليبية العصرية التي انتظرها الشعب طويلاً طويلاً وها قد تحققت.

***

لقد انتهى إذاً عهد الاستبداد والطغيان والكتاب الأخضر، وما كان يطلق عليه الجماهيرية العظمى واللجان الشعبية، وبقية المفردات والمصطلحات والشعارات العبثية التي اعتقد القذافي واهماً وجاهلاً أنه بها سوف يُطبق على مقدرات وخيرات الشعب، وأنه لن يكون بمقدور كائن من كان تغيير نظامه، فإذا بهذا الوهم يلهم الشعب الليبي الشجاع ويقوده للتحرك بكل ما يملك من قوة وعزيمة وإصرار لطي هذه الصفحة المظلمة من تاريخه، بانتظار الآتي الجميل لحكم البلاد وقيادة الشعب نحو ما يتطلع إليه من عزة وكرامة وحقوق إنسان، وبناء دولة عصرية يستحقها بامتياز هذا الشعب العظيم الذي قاد الحرب على أبرز الحكام الطغاة.

 

ليبيا في غياب القذافي!
خالد بن حمد المالك

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة