Monday 24/10/2011/2011 Issue 14270

 14270 الأثنين 26 ذو القعدة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

فقيد الوطن

 

جزى الله سلطان بن عبدالعزيز عنّا كل خير

رجوع

 

عادل علي جوده - كاتب فلسطيني - الرياض

في صبيحة السبت 24-11-1432هـ الموافق 22-10-2011م، جاء بيان الديوان الملكي بصوت حزين تخنقه العبرة، وفيه ينعى الأخ أخاه، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ ينعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، يرحمه الله! حينئذٍ هجم السكون، وخيّم الحزن على الفكر والوجدان، وارتجفت العين، وبدت الدنيا كما لو غطتها سحابة سوداء! ثم وجدتني أعيش مجدداً تلك اللحظات التي أغلقت فيها أبواب الدنيا كلها أمامي؛ كان ذلك في عام 1999م؛ حيث تخرّج ابني (علي) من الثانوية العامة بامتياز، لنبدأ بعدئذٍ رحلة البحث له عن قبول في إحدى الكليات الصحية! ولما كنت مطلعاً على معاناة الزملاء الذين أرسلوا أبناءهم للدارسة خارج السعودية، وجدت الرغبة تجتاحني لمحاولة الحصول له على قبول في إحدى الجامعات السعودية، فمهما كانت الكلية ومهما كان التخصص، يبقى الأمر أهون من تلك المعاناة! طرقت في البداية بابين مهمين، ووالله كريمين؛ لأن ردهما جاء في قمة الأدب، ثم أشار عليّ أقرب الناس إلى قلبي؛ فهو مني في مقام الوالد والمعلم، حفظه الله ورعاه، قائلاً: لم لا تكتب للأمير سلطان! وكتبت! أو بالأحرى طرقت باب الأمير سلطان، فانفتح الباب، واعتمد قبول ولدي في كلية العلوم في أعرق الجامعات ليس في السعودية فحسب، بل وفي المنطقة كلها، إنها جامعة الملك سعود، التي تشرّفت بالعمل فيها لما يقارب الخمسة عشر عاماً! وما أن التحق الابن فيها، وباشر الدراسة، حتى هدأت النفس واطمأن البال، ولسان الحال يحمد الله جلّ في علاه، ويقول: جزى الله الأمير سلطان بن عبد العزيز عنّا خير الجزاء! وشمر الابن علي عن ساعد الجد والبذل، فحقّق في الفصل الأول معدلاً كاملاً أي خمسة من خمسة! فكان المعدل شافعاً له لينتقل من كلية العلوم إلى كلية العلوم الطبية التطبيقية تخصص علاج طبيعي، وهو التخصص الذي كان يتمناه ويحلم به، فارتسمت على الشفاه والمحيا ابتسامة شكر لله جمعتنا على الدعاء بأن: جزى الله الأمير سلطان بن عبد العزيز عنّا خير الجزاء! واستمر (علي) في تقدمه على المستوى الأكاديمي وعلى مستوى مشاركاته في النشاطات المختلفة في الجامعة، حتى منحته الجامعة في احتفال مهيب درع الطالب المثالي على مستوى كليته، فوجدته يود تقديم ذلك الدرع إلى الأمير سلطان ليقول له جزاك الله أيها الأمير خير الجزاء! ثم كانت الفرحة أعظم من أن توصف؛ حينما تخرّج (علي) متقدماً على طلاب فوجحاصلاً على مرتبة الشرف، فكبرت الرغبة لدينا في شكر الأمير، فقلنا في ظهر الغيب جزى الله الأمير سلطان بن عبد العزيز عنّا كل خير! وبدأ الابن (علي) ممارسة عمله أخصائي علاج طبيعي، وكثيراً ما جاءني يقول: «يا أبت لقد شافى الله المريض فلان على يديّ»، ثم يشكر الله سبحانه وتعالى ويدعوه أن يجزي الأمير سلطان بن عبد العزيز خير الجزاء، ويردف بأن كل نجاح يحققه، وكل خير يعود عليه وعلى مرضاه، إنما هو (صدقة جارية) يعود أجرها لصاحبها الأمير سلطان بن عبد العزيز! وها هو الابن (علي) يواصل دراسته للحصول على درجة الماجستير في التخصص نفسه وفي الجامعة نفسها وهو بيننا وأمام أنظارنا، وفي الوقت نفسه نتأمل (أسرتي وأنا) أحوال الطلاب المغتربين في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، ونتحسس نبض ذويهم فنحمد الله وبلسان واحد نبتهل: جزى الله الأمير سلطان بن عبد العزيز عنّا كل خير! الله أكبر؛ ها هو الأمير يرتقي إلى رحاب الله، إلى جنة الله بإذن الله، وفي النفس همسة شكر تتوق لأن تسترخي بين يديه، وقبلة امتنان وعرفان تنتظر لأن تستقر على جبينه وبين عينيه! رحمك الله يا أميرنا، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، وعظم الله أجري، وأجرك يا بني الحبيب، وأجرك يا أسرتي الغالية، لقد فقدنا رجل الخير العظيم! لكننا افتقدنا منه الجسد، وبقيت روحه تعانق أرواحنا! عظم الله أجرك يا خادم الحرمين الشريفين وعظم الله أجركم يا أهل هذه الديار الكريمة وعظم الله أجر الأمتين العربية والإسلامية في مصابها الجلل إذ تفقد اليوم واحداً من أعظم رجالات العصر! إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة