Wednesday 26/10/2011/2011 Issue 14272

 14272 الاربعاء 28 ذو القعدة 1432 العدد

  
   

الإعلانات

الإشتراكات

فقيد الوطن

مدارات شعبية

الرياضية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

فقيد الوطن

      

لم يكن المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رجل دولة وسياسة فحسب، وإنما كان بشهادة المؤرخين والسياسيين والمفكرين شخصية قيادية استثنائية، أسهمت بأدوار تاريخية في مراحل تأسيس وبناء الدولة السعودية الحديثة، على مدى نحو (70) عاماً بدءاً من تعيينه أميراً لمدينة الرياض عام 1366هـ، وحتى ولاية العهد عام 1425هـ، مروراً بالعديد من الأعمال والمهام الإشرافية لبعض مؤسسات الدولة، مثل: رئاسة مجلس إدارة الخطوط الجوية السعودية، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجلس القوى العاملة، واللجنة الوزارية للبيئة، ومجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، واللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، والهيئة العامة للغذاء والدواء، إضافة إلى قيامه بمهام نائب رئيس المجلس الأعلى للإصلاح الإداري، والمجلس الاقتصادي الأعلى، وغير ذلك من المهام الوطنية.

هذه الفترة الزمنية الطويلة نسبياً من العمل الوطني العام كانت مفعمة بالنشاط السياسي والاجتماعي والإنساني لسموه رحمه الله. فعلى الصعيد الخارجي، كان له حضور محوري في كل القرارات الوطنية السيادية التي أسهمت في تعزيز مكانة الدولة والوطن على المستويين الإقليمي والدولي. مثل ما أسهمت في بناء وترسيخ سياسة سعودية خارجية تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل، وتنمية المصالح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والابتعاد عن سياسات المحاور والتكتلات السياسية، وربط مصالح الوطن بهذه الجهة أو تلك، بما أضفى على القرار السياسي السعودي المزيد من القوة والمصداقية والاحترام.

وبدت السياسة السعودية الخارجية، في بعديها الإسلامي والعربي، أكثر زخماً وفعالية ونشاطاً واستثماراً لمكانة المملكة، من خلال تعزيز آفاق التعاون والعمل المشترك، ودعم مسيرة الوفاق، ومعالجة مواطن الخلاف والشقاق، ودعم الصلات التجارية والثقافية البينية، وتقديم القروض والتسهيلات المالية، والمساعدات المادية.

أمَّا على الصعيد الداخلي فقد كان حضوره رحمه الله، أكثر اتساعاً، وشمولية، وفعالية، وإنجازاً، أميراً لمدينة الرياض، ووزيراً للزراعة، ووزيراً للمواصلات، ووزيراً للدفاع والطيران، ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وولياً للعهد.

هذه المهام الوظيفية العالية مكنَّت الأمير سلطان بن عبد العزيز من المشاركة بفعالية في إدارة البلاد، وتحديداً في بناء وتحديث هياكل وبنية الدولة السعودية، وتوطين سكان البادية، وتكوين مؤسسات الدولة الإدارية والتنظيمية والخدمية، ورسم وتنفيذ خطط التنمية الخمسية، لتمتد ثمارها إلى كل بقعة من ثرى هذا الوطن العزيز.

ولكن في تقديري يظل الإنجاز الأبرز في رحلة سموه الوطنية الثرية، تتمحور حول بناء الجيش العربي السعودي، فحين تحّمله لمسؤولية وزارة الدفاع والطيران عام 1382هـ، امتطى صهوة هذا التَّحدي الكبير، وانبرى في إعداد وتنفيذ هذا الهدف الوطني بامتياز، عبر منظومة شاملة ومتكاملة، من البرامج والاستثمارات، استهدفت تأهيل وتدريب الملتحقين بالجيش السعودي، وتزويدهم بأفضل المهارات العلمية والفنون العسكرية، وتزويد الجيش بالمنتجات الحربية الحديثة القادرة على حماية الوطن والذود عن حياضه. إضافة إلى بناء التشكيلات العسكرية، ومن أبرزها: القوات البرية والجوية والبحرية، وقوات الدفاع الجوي. وبناء المدن العسكرية في مختلف مناطق المملكة، وتزويدها بكل احتياجاتها البشرية والآلية والتقنية.

هذا العمل الكبير لسموه رحمه الله على مدى نحو خمسين عاماً، جعل الجيش السعودي الأكثر تسليحاً وجاهزية قتالية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

كلمة أخيرة: الجانب الإنساني والخيري في مسيرة حياة الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله، أكثر إضاءة وضياءً، وبذلاً وإنفاقاً، تحت مظلة «مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية « فقد توزعت أعمال سموه الخيرية والإنسانية بين الرعاية الصحية والاجتماعية، ودعم الأبحاث في مجال الخدمات الطبية والتقنية والإنسانية. وكانت الفئة المستهدفة من المحتاجين والمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصَّة. ويعمل تحت إدارة وإشراف هذه المؤسسة الخيرية العديد من البرامج والمشروعات، أبرزها: مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية، وبرنامج سلطان بن عبد العزيز للاتصالات الطبية والتعليمية, ومركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومشروع مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية للإسكان الخيري.

نبض عزاء:

رحِم الله فقيد الوطن وغفر له وأسكنه فسيح جنَّاته، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان، وصدق الله العليُّ العظيم القائل في محكم كتابه {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ *}.

 

وتَرَجَّلَ فارس الوطن وسلطان الخير
د. عبدالمجيد محمد الجلال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة