Wednesday 26/10/2011/2011 Issue 14272

 14272 الاربعاء 28 ذو القعدة 1432 العدد

  
   

الإعلانات

الإشتراكات

فقيد الوطن

مدارات شعبية

الرياضية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

فقيد الوطن

      

ليس من اليسير أن تكتب عن شخصية كبيرة ومؤثرة كشخصية الأمير سلطان بن عبدالعزيز، خصوصاً إذا كنت قريباً منه، ولم تفق من آثار صدمة فراقه، إذ إنني تشرفت بخدمته في السكرتارية الخاصة لسموه خلال السنوات السبع الماضية، وهو شرف يحق لي أن أرويه لأحفادي، فقد كانت هذه السنوات فرصة ذهبية للنهل من معين هذه الشخصية النادرة. كان سموه رجل سياسة من طراز فريد، وأحد الأركان الأساسية التي ساهمت في بناء وطننا على مدى ستة عقود، تحول خلالها من بلد صغير غير مؤثر إلى أن يكون عضواً في مجموعة الـ20، إضافة إلى أنه الباني الحقيقي لقواتنا المسلحة الباسلة.

ففي الجانب السياسي كان سموه ركناً أساسياً من أركان البلاد، إذ تولى مهمات جسيمة، منذ عهد والده المؤسس، عليه رحمة الله، ومن بعده إخوانه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد، -رحمهم الله جميعاً- وحالياً الملك عبدالله -أعزه الله- فمن توليه إمارة منطقة الرياض وهو شاب يافع إلى وزارة الزراعة ثم وزارة المواصلات، ثم وزارة الدفاع والطيران، ثم توليه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. وأخيراً ولاية العهد، حيث ظل سنداً قوياً لأخيه خادم الحرمين الشريفين، وكان خلال توليه لهذه المهمات السياسي المحنك، والعضد القوي والمستشار المؤتمن، الذي قام بعمله بكل أمانة وإخلاص، وأذكر في هذا المقام أنه قال ذات يوم: إنه لم يحضر العيد مع أسرته منذ أكثر من أربعة عقود، إذ إنه يحتفل بعيدي الفطر المبارك والأضحى مع جنوده البواسل في الميدان، فبين سلطان وهذه القوات قصة حب بدأت منذ أمد بعيد، وتوالت فصولها على مدى عقود. وبمناسبة الحديث عن الجنود البواسل، فإن ما قد يخفي على البعض هو أنه لم يكتفِ ببناء القوات المسلحة على أحدث طراز، بل إنه جعل وزارة الدفاع والطيران جزءاً من مسيرة التنمية في الوطن، فمدارس ومستشفيات هذه الوزارة أصبحت نموذجاً يحتذى، إضافة إلى مشاركات الوزارة في جل الفعاليات الاجتماعية وعلى كل المستويات، والأهم من كل هذا هو هذه المدن العسكرية التي تتوزع في كل أرجاء الوطن، وهي مدن نموذجية متكاملة، بمدارسها ومستشفياتها ومرافقها، ما حدا بوزير الدفاع في إحدى دول الاتحاد الأوروبي - عندما زار إحداها - أن يقول لمرافقيه: «إنه لم يشاهد مثل هذا من قبل إلا في الولايات المتحدة».

أما الجانب الإنساني - وهو ما ما ميز شخصيته الاستثنائية طوال حياته- فإنه يحتاج إلى مجلدات لتروي القصص التي تحكي قصة إنسان نادر الوجود، إنسان يشعر بأخيه الإنسان وبمعاناته، ويبذل كل ما في وسعه لإسعاده وتفريج كرباته. لا زلت أذكر قصة الأرملة الفقيرة التي استجارت به في اتصال هاتفي آخر الليل، وطلبت أن تتحدث إليه، وقد استجاب لها وتحدث معها، وكان طلبها عسيراً «شراء منزل»، ولكن لا عسير على سلطان، إذ عمد أحد رجاله حالا ًبأن يتم شراء منزل لها، ولم يمض أكثر من يومين إلا وكانت تلك الأرملة المعدمة تسكن في منزل جديد. أيضاً قرأنا عن قصة الطفل المريض الذي تكفل بعلاجه خارج المملكة وشفاه الله، إذ عاد سليماً معافى بعد أن كان حبيس الكرسي المتحرك وأنابيب التنفس، ولم يكتفِ بذلك بل سأله بعد أن تشرف الطفل بالسلام عليه عن ماذا ينقصه وأسرته، وقال الطفل ببراءة إنهم يريدون منزلاً، فعمد في الحال بشراء منزل لهم وهو ما تم. هذا غيض من فيض من مكارم رجل الخير والكرم، الذي شمل إحسانه عدداً لا يُحصى من المواطنين والمقيمين داخل المملكة وخارجها.

فاصلة:

«ما كل من فارق غدى مثل سلطان

كل يبي شوفه وكل ترجاه

لو المرض جيش نطحناه بسنان

ولو الكدر بحر شربناه لرضاه».

amfarraj@hotmail.com
تويتر alfarraj2@
 

بعد آخر
عز الله إنه نادر بالرجاجيل
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة