Wednesday 26/10/2011/2011 Issue 14272

 14272 الاربعاء 28 ذو القعدة 1432 العدد

  
   

الإعلانات

الإشتراكات

فقيد الوطن

مدارات شعبية

الرياضية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

فقيد الوطن

 

محب المدينة المنورة سلطان الخير
د. تنيضب الفايدي

 

 

 

 

 

 

 

 

رجوع

 

يغادر صناع التاريخ وتبقى أعمالهم خالدة شاهدة لهم، وفقيد الوطن الغالي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- تعدّدت إنجازاته لخدمة الوطن، ولإنسان الوطن، بل للحيوان والطير وللأرض (البيئة)، والإضاءة التالية تذكر بعض الأعمال الجليلة التي تدلّ على حبّه العميق للوطن كاملاً. ويذكر كاتب السطور بعض الأمثلة العملية لهذا الحبّ، ولاسيّما ما يتعلق بمدينة الحبيب -صلى الله عليه وسلم- المدينة المنورة:

- يعلم سموه - رحمه الله- أن المدينة المنورة دار الرسول صلى الله عليه وسلم ومبوّأ أصحابه من المهاجرين والأنصار قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر 9]، وهي مدخل صدق الذي حققه الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً} [الإسراء80]، وبها تنزّل القرآن الكريم بالأحكام العادلة التي طبقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصبحت العدالة واقعاً ملموساً في عهده صلى الله عليه وسلم، ويعلم سموه -رحمه الله- أن المدينة المنورة منطلق الرسالة وتمثّل طيبة أو طابة أو المدينة المنورة (ولها أكثر من مائة اسم) سيرة مكانية للنبي -صلى الله عليه وسلم. لذا يكرر سموه الزيارات لها منذ عدة عقود، لأن لها في قلب سموه منزلة عظيمة، أليست حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن أسمائها الحبّ وما تفرّع منه (اللهمّ حبّب إلينا المدينة كحبّه مكة أو أشدّ)، واختار سموه منزلاً في قباء ويا نعم الاختيار، أليست قباء أول أرض تطهّرت بخطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟ أليست بداية التاريخ بتلك الخطوات المباركة؟ أليس بها مسجد قباء أول مسجد بناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه مرتين، قبل تحول القبلة وبعدها؟ وزيارة هذا المسجد لها فضل كبير (من تطّهر في بيته وأتى مسجد قباء وصلّى فيه صلاة كان له كأجر عمرة)، وسلطان الخير جعل منزله قريباً من هذا المسجد ممّا يدل على حبه للمدينة وأجزائها جميعاً ومنها قباء.

- تعوّد سموه ومنذ عقدين متتالين زيارة المدينة المنورة في رمضان ولاسيما (العشر الوسطى منه) حتى تنتهي وتبدأ العشرة الأواخر ويغادرها إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة (فضائل متتابعة). ويحرص سموه على الصلاة في المسجد النبوي، علماً بأن سموه لا يسبب إرباكاً للناس والمصلين أثناء الصلاة فقد اتخذ غرفة على (خوخة أبي بكر رضي الله عنه) ويدخلها من مدخل جانبي ولا يعلم كثيرٌ من المصلين أن سموه في المسجد النبوي، ويلاحظ باستمرار الكاتب أثناء وجود سموه بمنزله اكتظاظ المواقع المحيطة بالمنزل ويتساءل.. لماذا؟ ويعلم الإجابة. أليس منزل سلطان الخير.. في شهر الخير؟

- عمل سموه على المحافظة على كنز ثمين وسيرصد ذلك له أثناء كتابة سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وكذا أثناء الحديث عن المدينة المنورة وذلك لأنّ سلطان الخير عمل على:

أ- يعتبر جبل سلع القريب من المسجد النبوي مركز كثير من مآثر المدينة، حيث تتصل به من الشرق ثنيات الوداع وجبل الراية، ومن شماله جزء من الخندق وعلى جزئه الشمالي الغربي وعلى أكمة متصلة به مسجد النصر أو الفتح أو الأحزاب حيث مقر قيادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء غزوة الأحزاب وفي الجنوب الغربي هذا الجبل منازل قوم جابر بن عبد الله حيث كانت معجزة تكثير الطعام وفي أعلى الجبل كهف بني حرام (قبيلة جابر بن عبد الله رضي الله عنه) حيث كان يبيتُ صلى الله عليه وسلم محروساً قبل نزول آية العصمة، إذاً هذا الجبل يمثّل جزءاً هاماً من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فهو جبل تاريخي هامٌ وجبت المحافظة عليه كما هو، وحيث اكتنفه البنيان بل وصعد في أجزاء منه وبدأت بعض المخططات تصل إلى قمته ولاسيما من الجهة الشمالية وعندما علم سموه -رحمه الله- بذلك أوقف فوراً البنيان في تلك المخططات التي أثّرت على جزئه الشمالي حيث أزيلت بعض صخوره حتى أن بعض المباني الحديثة وصلت إلى منتصف الجبل، وتدخّل سموه كان بُشرى لسكّان المدينة المنورة، بل وللمسلمين جميعاً ولمن له اهتمام بالتاريخ ولاسيما سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ب- جبلا المنارتين: جبلان متجاوران يقعان وسط حرة الوبرة (الحرة الغربية) يطلق عليهما العامة (جبل الأصيفرين) ورد ذكرهما في السيرة، ودخلا ضمن مخططات جديدة، وبدأ العمل في إزالتهما، وكادا يختفيان تماماً لولا توفيق من الله ثم تدخّل سلطان الخير -رحمه الله- في إنقاذ ما تبقى منهما. ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته ويبقي لمحب المدينة آثارها، حيث إن تلك الآثار ومنها الجبال جزء من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

- في أعوامه الأخيرة وأثناء إحدى زياراته للمدينة المنورة سلّم على سموه جمعٌ مبارك في منزل معالي الأستاذ (إياد مدني) وكان كاتب السطور ضمن هذا الجمع وعندما تمت المصافحة قلت له: حفظت للمدينة سلعاً والمنارتين، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك ونريد المحافظة على ما تبقى من (سُليع) فقال (سُليع!!) قلت: نعم، إنه جبل صغير في الجنوب الشرقي لسلع وكان متصلاً به وهو أقرب إلى المسجد النبوي من سلع وقد أقيمت العمارات بعد ما أزيل عدا صخرة كبيرة بقيت منه، فنأمل المحافظة على ما تبقّى منه وهو قليل جداً لتعلم الأجيال أين هو عند ورود اسمه في تاريخ السيرة، فقال سموه: (إن شاء الله) ولم يتابع موضوع سليع بعد ذلك ولكن إبراءً للذمة ذكر الكاتب ذلك لإصدار أمر بالوفاء بما وعد سموه..

وأخيراً فإن للمدينة منزلة عظيمة والحديث ليس عن المدينة ولا عن فضائلها ولا عن حبها الذي يتغلغل في قلوب المسلمين والمسلمات في أي موقع في الكرة الأرضية تحقيقاً لدعائه -صلى الله عليه وسلم... (اللهم أقبل بقلوبهم) ولكنّ الحديث عن محب المدينة سلطان الخير حيث لسان حاله يقول:

ولها سرائرُ في الضَّمِيْرِ طَوَيْتُهَا

نَسِيَ الضَّمِيْرُ بأنّها فِيْ طيِّه

صدق من قال إن سلطان عطر المكان.. بل وأَرَجَ الطريق وقد ذكَّرني ذلك قول الشاعر المعجز أبي الطيّب المتنبي:

أَرَجَ الطريقِ فَمَا مَرَرْتَ بِمَوْضِعٍ

إِلا أَقَام به الشَّذا مُسْتَوطِنَا

لَوْ تَعْقِلُ الشَّجرُ التي قَابَلْتَهَـا

مَدَّتْ مُحَيِّيةً إليكَ الأَغْصُنَا

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة